أعلنت وزارة الخارجية العراقية أن الولايات المتحدة شدّدت على “احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه”، واستمرار التنسيق الأمني الثنائي والتعاون بين قوات الأمن العراقية والتحالف الدولي لهزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي.
وجاء ذلك خلال اجتماعات لجنة التنسيق العليا بين وفدي العراق والولايات المتحدة التي جرت في واشنطن، خلال الزيارة التي يجريها الوفد العراقي لواشنطن، تمهيداً للقاء المرتقب بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ووفقاً للبيان الختامي، الذي أعلنته الخارجية العراقية، فإن “وفد حكومة العراق، برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين، ووفد حكومة الولايات المتحدة، برئاسة وزير الخارجية مايك بومبيو، عقدا اجتماعاً للجنة التنسيق العليا أمس في العاصمة واشنطن، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2008 من أجل علاقة صداقة وتعاون بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية العراق، وأكد الجانبان التزامهما علاقة ثنائية قوية ومثمرة”.
وأوضحت أن “الجلسات المنفصلة تناولت مواضيع تخصّ الاقتصاد والطاقة والصحة والبيئة والقضايا السياسية والدبلوماسية والأمن ومكافحة الإرهاب والعلاقات التعليمية والثقافية”.
وأوضحت أن “الجلسة السياسية والدبلوماسية جددت خلالها الولايات المتحدة تأكيدها احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه، والقرارات ذات الصلة للسلطات التشريعية والتنفيذية العراقية. وناقش الجانبان أفضل السبل التي يمكن أن تدعم بها الولايات المتحدة الحكومة العراقية، وهي تستعد للانتخابات البرلمانية، بما في ذلك زيادة الدعم لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق”.
وأضافت: “كررت الدولتان دعمهما لحرية التعبير وحرية الإعلام، وضرورة محاسبة مرتكبي أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين، وتدعم الولايات المتحدة جهود العراق لتحسين علاقاته مع الدول المجاورة، وتخطط لمساعدة الحكومة العراقية في هذا المسعى، وقد جددت واشنطن تأكيد التزامها المستمر بدعم العراق في تقديم حلول دائمة للنازحين داخلياً تكون طوعية وآمنة وكريمة، ومساعدة المكونات التي تعرضت لخطر الإبادة من قبل تنظيم “داعش”. وأقرّ الجانبان بـضرورة تحسين الوصول للمنظمات الإنسانية”.
في جلسة الأمن ومكافحة الإرهاب، أعادت الولايات المتحدة والعراق تأكيد “التزامهما تحقيق الأهداف المشتركة من خلال التنسيق الأمني الثنائي والتعاون المستمر بين قوات الأمن العراقية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لهزيمة داعش”، وبينت أن “الوفدين أشادا بالقدرات المتزايدة لقوات الأمن العراقية ونجاحهما المشترك في محاربة تنظيم داعش، الأمر الذي مكّن التحالف الدولي من الانتقال إلى مرحلة جديدة تركز على تدريب القوات الأمنية العراقية وتجهيزها ودعمها، وأعربت الحكومة العراقية عن امتنانها للتحالف الدولي، وأكدت استعدادها لتسهيل هذا الانتقال والتزامها، كدولة مضيفة، توفير الحماية لأفراد التحالف والمنشآت الدبلوماسية في العراق. ومن أجل التكيف مع متطلبات هذه المرحلة الجديدة، تمكن التحالف الدولي من مغادرة بعض القواعد العسكرية العراقية، وخفض القوات القتالية في العراق”.
وأشارت إلى أن “الجانبين اتفقا على محادثات فنية منفصلة لإدارة التوقيتات والانتقال إلى المرحلة الجديدة، بما في ذلك أية عمليات إعادة انتشار خارج العراق مرتبطة بها”. وأقرّ الوفدان الأميركي والعراقي بـ”التقدم الذي أحرزته المؤسسات الأمنية الفيدرالية العراقية ووزارة شؤون البيشمركة في إقليم كردستان في تنسيق جهودهما لمحاربة فلول “داعش”، وناقشا سبل تعزيز هذا التعاون”.
أعربت الحكومة العراقية عن امتنانها للتحالف الدولي، وأكدت استعدادها لتسهيل هذا الانتقال والتزامها كدولة مضيفة بتوفير الحماية لأفراد التحالف والمنشآت الدبلوماسية في العراق
وفي الجلسة الاقتصادية، “أوجز العراق أفكاره لخطط الإصلاح الاقتصادي التي من شأنها أن تطلق العنان لنمو اقتصادي أسرع وقطاع خاص أكثر حيوية، وقد جددت الولايات المتحدة دعمها للإصلاحات الاقتصادية في العراق، وحددت مجالات للتعاون التي يمكن أن تساعد العراق في تحقيق خططه”.
وأضافت: “ناقش الجانبان التنسيق مع المؤسسات المالية الدولية لمساعدة العراق على التعافي من انخفاض أسعار النفط وفيروس كورونا، ووضع البلاد على مسار مالي أكثر استدامة”، مؤكدة أن “البلدين يخططان للتعاون في مجالات الحكومة الإلكترونية وإصلاحات القطاع المالي وشراكات القطاع الخاص لتعزيز التجارة والاستثمار بينهما”.
وأشارت إلى أن “العراق والولايات المتحدة يتطلعان إلى عقد اجتماع لمجلس اتفاقية إطار التجارة والاستثمار (TIFA) في وقت لاحق من هذا العام لمتابعة اجتماع تموز عام 2019”.
وفي ما يخصّ جلسة الطاقة، أكدت الوزارة أن “الولايات المتحدة والعراق ناقشا جهود الحكومة العراقية لزيادة إنتاج الكهرباء والغاز محلياً، وتقليل هدر الغاز المشتعل، وتنفيذ إصلاحات لسوق الطاقة، وتخطط الحكومتان أيضاً لعقد اجتماع لجنة التنسيق المشتركة للطاقة قريباً لمناقشة هذه الموضوعات بمزيد من التفصيل، على هامش الاجتماع”.
وأكدت أنه “وقّعت حكومة العراق اتفاقيات للطاقة المستدامة مع شركات أميركية، من ضمنها شركة جنرال إلكتريك، هانيويل يو أو بي، وستيلار إنيرجي، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم مع شيفرون وبيكر هيوز، كأمثلة ملموسة على شراكة الطاقة بين الولايات المتحدة والعراق”.
وأشار وفدا العراق والولايات المتحدة إلى “التعاون المستمر مع وكالة الطاقة الدولية (IEA) لتطوير خطط إصلاحات تعريفة الكهرباء في العراق. وتخطط الحكومتان لمواصلة التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي وهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي بشأن توصيلات الكهرباء في العراق ودول مجلس التعاون الخليجي واستثمار الطاقة، كما رحبت الولايات المتحدة بالتقدم الحاصل في المحادثات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في ما يتعلق بموضوعي الميزانية والطاقة”.
في جلسة الصحة والبيئة، أشار البلدان إلى “شراكتهما المستمرة لمكافحة فيروس كورونا وعزمهما على توقيع مذكرة تفاهم لتوسيع العلاقات التجارية الثنائية في مجال الصحة. وناقشت الحكومتان التعاون الجاري في مجالات البيئة والمياه والقضايا العلمية والتخطيط لعقد اجتماع منفصل للجنة التنسيق المشتركة بشأن تلك الموضوعات”.
في جلسة التعليم والثقافة، “ناقشت الحكومتان الدعم الأميركي السابق والحالي لجهود العراق لتعزيز التعليم العالي بالتعاون مع الجامعات الأميركية في العراق، من خلال برنامج فولبرايت، ومن خلال مبادرة شراكة التعليم العالي للسفارة الأميركية. وحددت الولايات المتحدة والعراق طرقاً إضافية لدعم خطط العراق لمعالجة أولويات إصلاح التعليم العالي وتعزيز الشراكات الجامعية الأميركية – العراقية”.
واستعرض الجانبان “التقدم المنجز في إعادة أرشيف حزب البعث إلى العراق، باعتباره قطعة أثرية مهمة في تاريخ العراق. وبحث الجانبان الجهود المشتركة للحفاظ على التراث الثقافي الغني للعراق والتنوع الديني، وأعادا تأكيد التزامهما إعادة القطع الأثرية العراقية التي وصلت إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني إلى مكانها الصحيح في العراق”.
ويترقب العراق نتائج الزيارة المثيرة التي يخوضها الكاظمي في واشنطن، وما سينتج منها من اتفاقات قد لا ترضي بعض القوى السياسية والفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي تخشى من تفاهمات تستهدف “الحشد الشعبي”، وأخرى تطيل أمد بقاء القوات الأميركية في العراق.
أكثم سيف الدين
العربي الجديد