نشرت صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية تقريرا لمراسلتها في الشرق الأوسط لوزير كالاغان، قالت فيه إن الميليشيات في العراق تواصل استهداف الناشطين، وأن لديها قائمة اغتالات عليها 70 إسماً. وقالت كالاغان إن الناشطة في مجال حقوق المرأة رهام يعقوب (29 عاما) كانت تقود سيارتها الأربعاء الماضي في شوارع البصرة الخانقة مع صديقتين. وكانت تعرف أن حياتها في خطر، لكنها لم تعرف أن المسلحين كانوا وراءها.
وقيل لها إن اسمها على “قائمة القتل” التي تتداولها الجماعات المؤيدة لإيران في العراق، وتستهدف الأشخاص الذين انضموا وشاركوا في التظاهرات الداعية لتحسين الحياة اليومية وتوفير المياه الصحية والكهرباء، في وقت تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية. وكان القتلة يتابعون الأسماء على القائمة واحدا بعد الآخر. فقبل خمسة أيام قتل ناشط، وبعدها بيومين نجا اثنان من محاولتي اغتيال.
ومن بين 70 اسماً على قائمة الاغتيالات، لم يستطع سوى عدد قليل من الناشطين توفير المال والهروب من البصرة. وقال أصدقاء رهام إنها كانت تخطط للهرب، ولكنها كانت تسوي مصالحها بما في ذلك مركز لياقة كانت تديره.
وقال عبد الله عادم: “أخبرتها أنها مستهدفة وأن اسمها على القائمة”، وقال زميلها في الاحتجاجات: “قلت لها يجب أن تخرجي.. سيلاحقوننا واحدا بعد الآخر. وأجابت أنها ستحاول، ولكن عليها تسوية عملها أولا”.
وكان الوقت متأخرا حيث قتلت رهام برصاصة اخترقت نافذة سيارتها. وتقول منظمات حقوق الإنسان إن ثلاثة ناشطين قُتلوا على الأقل خلال الأسبوعين الماضيين، فيما نجا خمسة من محاولات اغتيال. وحاول مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي الذي يحمل الجنسية البريطانية، وكان مديرا للمخابرات واختير في أيار/ مايو بعد أشهر من التظاهرات في البصرة وبغداد، الحد من نشاطات وتأثير الميليشيات المسلحة، إلا أن واحدا من مستشاريه قُتل.
فقد اغتيل هشام الهاشمي، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة والمتطرفة فيما يعتقد بشكل واسع أنها عملية انتقامية. ولأن الانتخابات ستعقد في الصيف المقبل، تحاول الجماعات المسلحة إضعاف سيطرة الكاظمي على الحكم ومنع المتظاهرين في البصرة وبغداد من التعبئة والتحول إلى قوة سياسية.
وجاءت عملية القتل الأخيرة في وقت كان الكاظمي في أمريكا، حيث التقى مع الرئيس دونالد ترامب بالبيت الأبيض.
وقالت لهيب هيجل، المحللة بشؤون العراق بمجموعة الأزمات الدولية: “هذه حملة لتشويه سمعة الكاظمي” و”هم يستهدفون الناشطين الذين تعهد بحمايتهم”.
وتعمل الميليشيات كقوة أمنية موازية، بحيث يقول الناشطون ومسؤولو الحكومة إنه من الصعب محاسبتهم. وعلى خلاف رئيس الوزراء الذي يدعو لبقاء القوات الأمريكية من أجل ملاحقة بقايا تنظيم “الدولة”، تطالب الميليشيات بخروج القوات الأمريكية وتقوم بإطلاق الصواريخ على القواعد التي ينتشر فيها الجنود الأمريكيون في العراق.
وحاولت الميليشيات تصوير الناشطين والمتظاهرين بالجواسيس. وقبل مقتل رهام يعقوب، تم توزيع صورة لها على القنوات المؤيدة لإيران وهي تحضر احتفالا للمرأة في السفارة الأمريكية ببغداد، كدليل على موالاتها للغرب.
ويقول عادم: “يقولون إن قتلنا هو حلال؛ لأننا نتجسس لحساب الكفار، مع أن هذا ليس صحيحا”. وزعم أنه اعتقل وعُذب في حزيران/ يونيو لمشاركته في التظاهرات، واليوم يقضي وقته متنقلا من مكان إلى مكان خوفا على حياته، ويعاني من ألم دائم بسبب آثار التعذيب.
وعلى خلاف بقية المتظاهرين، فهو يعرف ما يمكن للميليشيات عمله. فقد انضم للحشد الشعبي لمواجهة تنظيم “الدولة” لكنه ترك بعد عامين تنظيما مؤيدا لإيران ومتهما بارتكاب جرائم حرب، وانضم إلى حركة الاحتجاج المطالبة بتوفير الماء الصالح للشرب والكهرباء وإنهاء الفساد، واليوم يدفع الثمن.
وقال: “عندما اعتقلت عثروا على صورة لأمي وأختي على هاتفي وهددوني بعمل أفلام إباحية لهما إن لم أترك الاحتجاج. ثم جاءوا بعد شهر وقالوا: نعرف أنك كنت مقاتلا ولو هربت ولم نجدك فسنقتل أي فرد من عائلتك”. وهو ما يخيفه، فلو أخذوا واحدا من عائلته فسيسلم نفسه.
وأضاف: “يريدون قتلنا الواحد بعد الآخر… أغير مكان وجودي أربع مرات في اليوم. ولا مال لدي للمغادرة والإقامة في مكان آخر؛ لأنني أعطيت المال لأصدقائي حتى يغادروا.. ولا أستطيع حمل السلاح للدفاع عن نفسي وإلا سيقولون إنني إرهابي، ولو تم اغتيالي فلن يُقبض أبدا على القتلة”.
القدس العربي