بيروت – لا يكاد مرفأ بيروت يهدأ منذ الانفجار الكبير الذي ضرب أركانه في الرابع من أغسطس الماضي لتتوالى عقبه الانفجارات والحرائق من بين الركام، فيما عيون البيروتيين شاخصة صوبه ولسان حالهم يردد “متى ننتهي من هذا العذاب؟”.
واندلع، الخميس، حريق جديد في المرفأ، ليطلق عمودا ضخما من الدخان الأسود في سماء العاصمة اللبنانية، فيما هرع العمال من المكان خشية أن يكون مقدمة لانفجار مدمر جديد.
ووفق ما أفاد الجيش اللبناني في تغريدة، شب الحريق في مستودع للزيوت والإطارات في السوق الحرة في المرفأ. وتعمل عناصر الجيش والدفاع المدني على إخماد الحريق في المرفأ علما أنّه، وبحسب المعطيات الأولية، المواد المشتعلة غير خطرة.
وأعرب وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب، في تصريح عبر مواقع التواصل الإجتماعي، عن شعوره بـ”صدمة عميقة وحزن، بعد أن علمنا أن هناك حريقاً آخر اندلع في مرفا بيروت صباح هذا اليوم”، مؤكداً أن “فكرنا مع الشعب اللبناني. نحن نقف إلى جانبكم، ونتمنى أن يكون الجميع بخير”.
ورأى شاهد عيان ألسنة اللهب تتصاعد في منطقة المرفأ المدمرة، لكن لم يتضح على الفور سبب الحريق. وطلب مصدر عسكري لبناني من المواطنين الابتعاد عن المرفأ وإخلاء الطرق في جواره بسبب اشتداد الحريق.
وكان حريق مماثل اندلع، الثلاثاء، في المرفأ، تمكنت فرق الدفاع المدني من إخماده بعد فترة وجيزة، من دون تسجيل أي خسائر مادية أو بشرية.
وتسبب انفجار ضخم في مرفأ بيروت في 4 أغسطس بمقتل أكثر من 190 شخصا وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح. كما شرد نحو 300 ألف من سكان العاصمة ممن تهدمت منازلهم أو تضررت.
وعزت السلطات الانفجار إلى 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة في العنبر رقم 12 في المرفأ منذ ست سنوات، من دون إجراءات وقاية كافية.
وذكرت تقارير إعلامية عدة موثقة بمستندات رسمية أن كمية نيترات الأمونيوم التي انفجرت أقل من 2750 طنا، إذ تبين أن كميات كبيرة أخرجت من العنبر (سرقت على الأرجح) خلال السنوات الماضية.
وكان هذا أحد الأسباب التي دفعت سلطات المرفأ إلى اتخاذ خطوة إصلاح الفجوة في العنبر، وإلا لما تحرك المسؤولون لمعالجة تلك “القنبلة الموقوتة”، التي انفجرت في الأخير لتخلف المزيد من الندوب النفسية والجسدية في بلد يئن تحت ثقل أزمة اقتصادية والمالية.
وأوقف القضاء حتى الآن 25 شخصاً، بينهم كبار المسؤولين عن المرفأ وأمنه.
واستمع المحقق العدلي القاضي فادي صوان الخميس إلى إفادتي وزير الأشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، على أن يستمع لاحقاً إلى إفادات الوزراء الذين تعاقبوا على وزارات الأشغال والمالية والعدل منذ العام 2013، من دون تحديد تاريخ جلسات الاستماع. ويستمع الاثنين إلى إفادة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
ويحقق صوان الذي استمع الأسبوع الماضي إلى إفادة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، مع كبار المسؤولين عن إدارة المرفأ وأمنه، بهدف تحديد المسؤوليات ومعرفة ملابسات الانفجار المروع وتحديد هوية الأشخاص الذين أهملوا أو تجاهلوا خطر إبقاء كميات هائلة من نيترات الأمونيوم مخزنة في المرفأ.
وكان نجار تسلّم في أغسطس، أي قبل يوم من الانفجار رسالة صاغها المجلس الأعلى للدفاع الذي يضم قادة كل الأجهزة العسكرية والأمنية، حول وجود “كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم التي تستعمل للمتفجرات” في المرفأ.
وأعلن جهاز أمن الدولة بعد الانفجار أنه “أعلم السلطات بخطورة” هذه المواد “بموجب تقرير مفصل” حذّر فيه من حصول سرقات من العنبر نتيجة فجوة كبيرة في “الحائط الجنوبي”.
العرب