توطئة لا بد منها
لم يكد عقد الثمانينيات من القرن الماضي ينتهي حتى تغلبت براغماتية العقل الفارسي على الفكر الثوري الإسلامي، واستبدل النظام الإيراني آلية ترسيخ النفوذ وتعزيز الدور عبر جماعات موالية له في كل دول الإقليم وحتى خارجها وأوسع من دائرة منطقة غرب آسيا، بآليات العمل الثوري، التي عبّرت عنها فكرة تصدير الثورة.
وتحوّلت العالمية الإسلامية الثورية الانقلابية إلى عالمية النفوذ وتحصين الدور وتوظيفه في الإطار الذي يضع النظام الإيراني دائرة التنافس على الموقع أمام قوى إقليمية أخرى سبق أن حققت هذا الموقع بحكم التاريخ والدور والجغرافيا.
عمليا، قام النظام الإيراني بقفل مكتب “حركات التحرر”، الذي كان يعمل مستقلا عن مؤسسات الدولة ومن دون تنسيق مع مؤسسة “حرس الثورة”، على الرغم من انتمائه لها إداريا، ووُضعت كل العلاقات التي سبق أن نسجها هذا المكتب تحت إشراف وزارة الخارجية التي كان يتولاها علي أكبر ولايتي، الذي فتح الباب واسعا أمام الحرس الثوري لرسم السياسة الخارجية الإيرانية، حسب تعبير محسن أمين زاده، مساعد وزير الخارجية في عهد وزارة كمال خرازي أثناء رئاسة محمد خاتمي.
هذا القرار أدى إلى إنهاء العمل أو التعاون مع بعض المنظمات الإسلامية غير الإيرانية، خصوصا العربية، ووضع العلاقة مع أخرى في إطار يخدم السياسات الإيرانية واحتياجاتها في تعزيز نفوذها ودورها خارج الحدود، أي أن النظام أعاد إنتاج فكرة “تصدير الثورة” بناء على التطورات الدولية، خصوصا بعد انتهاء الحرب مع العراق وضرورة أن تنسجم هذه الخطوات مع بداية مرحلة انفتاحه على المجتمع الدولي، والتي بدأت ملامحها تتبلور مع تولي الشيخ هاشمي رفسنجاني رئاسة الجمهورية.
وفي هذا الإطار تدخل آلية تعامل النظام الإيراني مع الأزمة الأفغانية والاحتلال السوفييتي لهذا البلد، خصوصا وأن العلاقة بين طهران وموسكو كانت تمرّ بأكثر مراحلها تعقيدا وسوءا، فالوجود السوفييتي في أفغانستان اعتبرته طهران تهديدا خطرا ومباشرا لكيانها، في ظل الكشف عن محاولة موسكو دعم عملية انقلابية ضد النظام، في النصف الأول من عقد الثمانينيات، حسب ما كشف عنه سفير فلسطين في طهران آنذاك، هاني الحسن في حديث خاص. إضافة إلى أن النظام من الناحية الجيوسياسية والجيوستراتيجية كان محكوما بضرورة إرباك هذا الوجود على خاصرته الشرقية، وذلك من خلال تعزيز دعم الفصائل الأفغانية المقاتلة، والتي كان هناك شبه اجتماع عالمي على تسميتها بجماعات “المجاهدين”، فكان أن تبنت طهران دعم فصائل “تحالف الشمال” بقيادة برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود، وعلاقة متوترة مع قلب الدين حكمتيار، فضلا عن علاقة غير مستقرة مع جماعة حزب الوحدة (الشيعي) بقيادة عبد الأعلى مزاري، الذي كان على علاقة متوترة مع رئيس الجمهورية آنذاك والمرشد لاحقا علي خامنئي، على الرغم من زمالتهما في زنزانة واحدة في أحد سجون الشاه.
إيران وسيطرة طالبان
عندما بدأت حركة طالبان تحركها للسيطرة على أفغانستان على حساب الفصائل الأخرى عام 1998، كان النظام الإيراني يراقب هذه التطورات ويراهن على إمكانية التعامل مع هذا المستجد، وأن يفرض من خلال “تحالف الشمال” شراكة سياسية مع هذه الحركة بناء على إمكانية التفاهم مع الحكومة الباكستانية التي كانت تشكل الحاضن الأساس لهذه الجماعة الجديدة، كما يؤكد مساعد وزير الخارجية آنذاك، محسن أمين زاده. إضافة إلى إمكانية التفاهم مع جماعات “المقاتلين العرب” الذين بدأوا بالانتقال إلى أفغانستان وبلغ ذروته بعد انتقال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن من السودان إلى هذا البلد عام 1996.
الرهان الإيراني على إمكانية حصول هذا التفاهم جاء بناء على تجربة قتالية مشتركة بين هذا التنظيم أو “جماعات المجاهدين” مع مقاتلين إيرانيين من حرس الثورة جرت خلال حرب البوسنة والهرسك عام 1992، والتي كشف عنها أخيرا العقيد في حرس الثورة سعيد قاسمي، وفاخر بها عقيد أخر من الحرس، حسين الله كرم. وهذه المرحلة يمكن القول إنها أساس لأولى إرهاصات العلاقة بين إيران وزعيم القاعدة، والتي انطلقت من السودان على قاعدة “العالمية الإسلامية”، ولم يكن بعيدا عنها الساحة الأفغانية التي انتقلت إلى مرحلة جديدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وكان من نتائجها زيارة وفد من القاعدة إلى العاصمة الإيرانية لمناقشة أوضاع المسلمين في العالم وضرورة توحدهم في مواجهة العدو الغربي المشترك. وأول هذه الاتصالات قام بها “أبو هاجر العراقي” مع البعثة الإيرانية في الخرطوم، ثم تطورت هذه العلاقة على الرغم من الجدل الداخلي في صفوف قادة التنظيم والاختلاف الأيديولوجي بينهما، كما كتب كميل الطويل في جريدة “الحياة” في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2001.
إلا أن هذه العلاقة دخلت في نفق التوتر بعد الثامن من أغسطس (آب) عام 1998، عندما أقدمت عناصر حركة طالبان على إعدام 10 دبلوماسيين وصحفي إيراني يعملون في القنصلية الإيرانية في مدينة مزار شريف، الأمر الذي فجّر أزمة داخل النظام الإيراني، خصوصا الجماعات العسكرية المتشددة في حرس الثورة التي وجدت في فعل طالبان فرصة لتدمير المشروع الإصلاحي الذي يحمله الرئيس الجديد محمد خاتمي، من خلال إدخال إيران في حرب مفتوحة مع طالبان التي استولت على السلطة.
هذه الفترة شهدت أيضا تغييرا في قيادة “فيلق القدس” في حرس الثورة، الذي تقع الساحة الأفغانية في إطار نفوذه ودوره، إذ تم تعيين الجنرال قاسم سليماني على رأس هذا الفيلق خلفا لأحمد وحيدي، الذي عمد إلى تهدئة الأمور وترك للعمل الدبلوماسي مساحة للعمل على استيعاب الأزمة والخروج منها، إلا أنه بدأ العمل على تأسيس مسار جديد من التعامل مع هذه الساحة في إطار تحقيق خرق في صفوف القوى التي تسيطر على هذه الساحة، ومنها القاعدة، من أجل تحقيق المصالح الإيرانية القومية والاستراتيجية.
البراغماتية بديلا عن الأيديولوجيا
لم تكن القيادة الأمنية والعسكرية، خصوصا فيلق القدس، غائبة عما تشهده الساحة الأفغانية، وتحديدا النشاطات التي يقوم بها تنظيم القاعدة، خصوصا وأنها تحولت إلى “معبر” أساس للعناصر العربية التي قررت الالتحاق بمعسكرات هذا التنظيم في أفغانستان، إلى درجة أن الأجهزة الأمنية، وتحديدا حرس الثورة، سمح لهذه الجماعات بفتح “مكتب تواصل” لها في مدينة مشهد شرق إيران قريب من الحدود مع أفغانستان يقوم على تسهيل وصول “المتطوعين” ويعمل على نقلهم إلى أفغانستان، خصوصا إلى معسكر “هرات”، الذي يشرف عليه الأردني أبو مصعب الزرقاوي، الأمر الذي دفع إلى الاعتقاد بوجود علاقة خاصة بين هذا الرجل والأجهزة الإيرانية.
وهذا قد يفسر إلى حد كبير عدم تعرض هذه الجماعة طوال السنوات الثلاث التي تلت سيطرة طالبان على السلطة لإيران التي عملت على تسهيل أمورهم في إطار تفاهم ضمني، طالما أن نشاط هذه الجماعة ينصبّ على معاداة الأنظمة العربية والتصدي للوجود الأميركي في كل العالم الإسلامي، بحيث تحولت هذه الجماعة إلى رافعة للمهمة أو الشعار الذي رفعته إيران في محاربة “الاستكبار الأميركي في العالم”، أي تحولت “القاعدة” لوكيل إيراني، بوعي أو من دون وعي، في إزعاج العدو المشترك، إن كان أميركيا أو عربيا.
هجمات 11 سبتمبر والتحول
على الرغم من إعلان النظام الإيراني اعتماد سياسة “الحياد الإيجابي” في مواجهة قرار الولايات المتحدة تشكيل تحالف دولي لمهاجمة أفغانستان للقضاء على تنظيم القاعدة، فإنها أيضا اتّبعت الاستراتيجية نفسها مع عناصر هذا التنظيم، فلم يحدث أن اشتبكت قوات تحالف الشمال المدعومة من إيران مع تجمعات تنظيم القاعدة بشكل مباشرعند مشاركتها في الهجوم الأميركي ضد نظام طالبان والقضاء عليه، في وقت قررت إيران فتح حدودها لعبور هذه العناصر عبر أراضيها باتجاه دولهم، وقررت “استبقاء” قادة هذا التنظيم الذين خرجوا من أفغانستان كرهائن لديها، كما ألمح إلى ذلك وزير الدفاع حينها، الأدميرال علي شمخاني، تستخدمهم كورقة في عدة اتجاهات:
الأول مع التنظيم، من أجل ضمان عدم تعرضه لإيران في أي عمليات قد يقوم بها انتقاماً لما تعرّض له. والثاني مع الدول التي تنتمي لها هذه العناصر من أجل ابتزازها في المواقف السياسية تحت ضغط عدم تسليمهم أو إطلاق سراحهم ليختاروا البلد الذي يريدونه؛ ما يعني بالتالي إمكانية استئنافهم لنشاطهم الإرهابي وتشكيل خطر كامن يهدد أمن واستقرار هذه الدول في أي لحظة.
والثالث محاولة ربط نزاع مع الولايات المتحدة ومحاولة الحصول منها على امتيازات مقابل أي إمكانية لتسليمهم لها ومحاكمتهم أو التحقيق معهم للحصول على معلومات تمكنهم من متابعة وملاحقة خلايا هذا التنظيم في مختلف دول انتشاره.
والرابع الرهان على إمكانية فتح قنوات تواصل مع هذه الجماعة والعمل على توظيفها من أجل التأثير السلبي على استقرار الوجود الأميركي العسكري في أفغانستان، ومحاولة قطع الطريق عليه ومنع تحوله إلى تهديد مباشر للنظام في طهران، وذلك من خلال تخفيف الحصار عليه وعلى حركة عناصره، وحتى في تسهيل حصوله على الدعم العسكري والمالي واللوجستي.
أما الخطوة الأكثر تعبيرا عن البراغماتية الإيرانية فتكمن في أسلوب التعامل مع عناصر تنظيم القاعدة الذين كانوا في معسكر هرات بقيادة الزرقاوي، الذين لجأوا إلى إيران مع بدء الهجوم الأميركي على أفغانستان، إذ عمدت قوات حرس الثورة، وتحديدا فيلق القدس، بالتنسيق مع الخارجية الإيرانية، إلى نقل نحو 350 عنصرا من هذا التنظيم كانوا في ذلك المعسكر مع عائلاتهم من مناطقها الحدودية في الشرق إلى المناطق الكردية العراقية على حدودها الغربية، وأوصلتهم إلى جبال كردستان العراق، حيث انضموا إلى جماعات التنظيم في هذه المناطق، وهي علمية صبّت، عن قصد أو غير قصد إيراني، في إطار الاتهامات التي ساقتها الإدارة الأميركية لاحقا في عهد الرئيس جورج دبليو بوش برعاية واستضافة النظام العراقي بقيادة صدام حسين لهذا التنظيم وتقديم الدعم له لتسويغ الهجوم عليه.
العذر الذي قدمته الإدارة الإيرانية، التي لم تعلن عن قيامها بعملية (الترانسفير) هذه رسميا، أنها كانت تسعى إلى إبعاد خطر هذه الجماعات الإرهابية عن مناطقها الشرقية وتحولها إلى ساحات للمواجهة أو منطلق لعلميات إرهابية وعسكرية ضد القوات الأميركية المنتشرة في أفغانستان، ولكنها في المقابل حاولت من خلال هذه العملية توريط النظام العراقي الذي ما زال قائما في معارك مباشرة مع هذه الجماعات أو الدفع به لتبني وجودها ودعمها.
وبعد سقوط النظام العراقي عام 2003، وصلت البراغماتية الإيرانية إلى أعلى مستوياتها، عندما لم تجد حرجا في فتح قنوات تعاون وتواصل مع الجماعات المتطرفة التي أعلنت عن وجودها في العراق، خصوصا تلك التي ترتبط بتنظيم القاعدة، وبالأخص مع جماعة الزرقاوي، مستغلة النقمة التي تولدت لدى هذه الجماعات بسبب إسقاط النظام والاحتلال الأميركي، والتي بدأت عمليات عسكرية ضد هذا الوجود تحت عنوان “المقاومة”.
فإيران ومع محاولة توجيه رسائل إيجابية للولايات المتحدة من خلال اعتماد سياسة “الحياد الإيجابي” في الهجوم على أفغانستان والعراق، إلا أنها وجدت نفسها واقعة داخل “كماشة” أميركية تتألف من نحو 300 ألف جندي أميركي موزعين بين أفغانستان والعراق، فكان أن لجأت إلى تفعيل الأوراق التي تمتلكها في التعامل مع جماعات تنظيم القاعدة، أو تلك التي انضوت تحت لواء هذا التنظيم بعد سقوط العراق، مستفيدة من امتلاكها لأوراق ضغط على قيادة هذا التنظيم من خلال استضافتها الإجبارية لبعض قادته أو عوائلهم، ومن بينها بعض أفراد عائلة زعيم التنظيم أسامة بن لادن وإحدى زوجاته.
ومن خلال هذه العلاقة استطاعت إيران عرقلة عملية استقرار كلا البلدين (أفغانستان والعراق)، وأن تعمل على إغراق القوات الأميركية في “مستنقع الوحل” الذي أوجدته فيهما، حسب تعبير رئيس البرلمان علي لاريجاني، الذي لم يتردد مع الرئيس محمد خاتمي في إعلان استعداد إيران لتقديم المساعدة لواشنطن للخروج من هذا المستنقع.
الاستضافة والتوظيف
أمام التأكيدات الغربية، خصوصا الأميركية، على وجود قيادات من تنظيم القاعدة على الأراضي الإيرانية، اعترف النظام الإيراني مجبرا بهذا الأمر، لكنه حاول أن يؤكد أن العناصر أو القيادات التي بحوزته من القاعدة تقبع في السجون الإيرانية، وأن أي عملية تبادل لن تتم مع البلدان التي تطبق نظام الإعدام بحقهم التزاما منه بالشروط الغربية، حسب تصریحات الرئيس محمد خاتمي تعليقا على رفض حكومته تسليم أحد قيادات القاعدة لحكومة بلاده، ولم يقدم أي معلومات دقيقة عن طبيعة هذه الأفراد وموقعها ودورها في القاعدة، وكل عمليات التسليم التي تمت مع بعض الدول العربية جرت بناء على صفقات متبادلة، أي أن التسليم لم يكن مجانا، بل مقابل صفقات تبادل معتقلين أو مواقف سياسية.
إلا أن هروب ابنة “بن لادن” من حراسها، الذي كشفت عنه جريدة “الشرق الأوسط” في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2009، نقل الشكوك بوجود أفراد من عائلة “بن لادن” إلى دائرة اليقين، حتى أن الرئيس خاتمي اعترف بوجود سعد نجل “بن لادن” لدى الأجهزة الإيرانية، إلا أن علمية الهروب كشفت أيضا أن المعتقلين من قيادات القاعدة لم يودعوا السجون، بل تمت استضافتهم في منازل خاضعة لحراسة مشددة من أجهزة الأمن التابعة لحرس الثورة في منطقة تبعد 45 كليومترا إلى الغرب من العاصمة طهران، يُمنع على أي مدني الوصول إليها وإلا يقع تحت طائلة الاعتقال والتحقيق، وهو ما تحدث عنه بالتفصيل أبو حفص الموريتاني “محفوظ ولد الوالد” في الكتاب الذي أصدره الصحافي الموريتاني “لمین ولد سالم”، تحت عنوان (التاريخ السري للجهاد من القاعدة إلى الدولة الإسلامية).
ولم يكن مستغربا في هذا السياق ما كشفت عنه صحيفة “الحياة” عام 2004 من حصول تواصل بين نائب قائد حرس الثورة آنذاك، الجنرال محمد باقر ذو القدر، الذي تولى وزارة الداخلية لاحقا، مع زعيم التنظيم أسامة بن لادن في إحدى القرى الحدودية في المثلث الإيراني الأفغاني الباكستاني، وأن يقدم له جهاز “غسيل كلى” متنقل بعد أن تمت استضافته في أحد المراكز الطبية للمعالجة بسبب تردي حالته الصحية.
فورقة القاعدة وتوظيفها شكلت كنزا للنظام الإيراني في إطار استخدامها لتعزيز نفوذه ودوره في دول المنطقة، من خلال استغلال حالة العداء بين هذا التنظيم مع واشنطن والأنظمة الإقليمية، وأن إيران قادرة على تقديم هذه الورقة مقابل ثمن كبير واستراتيجي، وهو ما حدث بالفعل بناء على معلومات إيرانية تتحدث عن تعاون بين طهران والولايات المتحدة في عملية الوصول إلى مخبأ “بن لادن”، وذلك من خلال الإعلان عن دخول إحدى زوجاته المعتقلات في إيران إلى أحد مستشفيات العاصمة لتلقي العلاج بسبب حالة مرضية تعرضت لها، وتضيف هذه المعلومات أن جهاز أمن حرس الثورة زرع جهاز تتبع في جسد هذه الزوجة وأطلق سراحها بعد مدة وسهّل عملية خروجها من إيران والسفر للالتحاق بزوجها، وهي العملية التي أسهمت في مساعدة أجهزة المخابرات الأميركية في التعرف على مكان اختباء “بن لادن” والتخطيط للعملية التي أدت إلى مقتله في مقر إقامته في مدينة أبوت آباد في باكستان.
وكانت شبكة الـ”سي إن إن” قد أشارت إلى بعض ما جاء في وصايا “بن لادن” لعائلته الموجودة في إيران، كشف عنها في جزء من الوثائق التي صادرتها المخابرات الأميركية من مقر بن لادن في أبوت آباد، بضرورة اتخاذ الحيطة والحذر عند مراجعة الأطباء، بخاصة أطباء الأسنان، خوفا من زرع جهاز تتبع داخل أحد الأسنان.
على الرغم من أن القاعدة تشكّل النقيض النوعي والأيديولوجي للنظام الإيراني، كما هو تنظيم داعش، فإنها شكّلت وتشكّل ورقة يمكن توظيفها واستخدامها للتأثير على استقرار المنطقة بما يخدم مصالح النظام في طهران، طالما أنها لم تكن مشاركة في أساس تشكيل هذه الجماعات، بل استطاعت تحويلها إلى أدوات تعمل على توظيفها لخدمة مشروعها التوسعي في المنطقة.
هذا المقال نشر في 11 سبتمبر (أيلول) 2019 وتعيد “اندبندنت عربية” نشره بمناسبة ذكرى هجمات سبتمبر.
حسن فحص
اندبندت عربي