أشاد مراقبون فلسطينيون، بتشكيل “القيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية”، معتبرين أنها “خطوة في الاتجاه الصحيح” لكنهم رأوا أنها “لن تؤسس لانطلاق انتفاضة شعبية جديدة”.
والسبت الماضي، أصدرت “القيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية”، بيانا حمل رقم 1، دعت فيه إلى اعتبار، الثلاثاء “يوم رفض شعبي انتفاضي”، كونه يتزامن مع توقيع اتفاقي التطبيع بين إسرائيل، ودولتي الإمارات والبحرين.
وأعلنت البحرين، الجمعة الماضي، التوصل إلى اتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل برعاية أمريكية، لتلحق بالإمارات التي سبق واتخذت خطوة مماثلة في 13 أغسطس/ آب الفائت.
وجاء بيان “قيادة المقاومة الشعبية”، نتاج اتفاق الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، خلال اجتماع برام الله وبيروت، في 3 سبتمبر/ أيلول الجاري، حيث تم التوافق حينها على تفعيل “المقاومة الشعبية الشاملة” ضد إسرائيل وتطويرها، مع تشكيل لجنة لقيادتها، وأخرى لتقديم رؤية لإنهاء الانقسام.
كما دعا بيان “قيادة المقاومة الشعبية” إلى اعتبار الجمعة المقبل “يوم حداد ترفع فيه الأعلام السوداء في كل الساحات والمباني والبيوت، وتقرع الكنائس أجراس الحداد، وخطبة الجمعة”، ردا على “موجة” التطبيع العربي مع إسرائيل.
ودعا أيضا إلى “نبذ كل الخلافات الفلسطينية والمشاركة في هذا الكفاح الشعبي التحرري”.
بدوره، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، في مؤتمر صحفي عقده الأحد في رام الله، إن القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية، خطوة مهمة لتنسيق وقيادة المقاومة الفلسطينية.
وأضاف: “في الأيام القادمة، سيعلن عن برامج، وفعاليات، وما سيحدث تغير جوهري”.
وأشار إلى أن الفصائل الفلسطينية تعمل على “توحيد العمل النضالي، والعمل قدما في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة”.
وبيّن محللون أن تشكيل القيادة الشعبية، وإطلاق البيان الموحد أمر مهم، لكنهم رأوا أن “العبرة تتمثل في ترجمة ذلك بأفعال مناهضة للاحتلال على الأرض”.
وأشاد أحمد رفيق عوض، أستاذ الإعلام في جامعة القدس، بخطوة تشكيل القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية. لكنه استبعد أن تنجح في محاكاة انتفاضتي عامي 1987 و2000.
وأضاف: “من الصعب استعادة التاريخ واستحضار الجمهور الذي أشعل انتفاضة الحجارة عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000”.
وتعبر انتفاضة الحجارة التي اندلعت في ديسمبر/ كانون الأول 1987، من أهم الأحداث التي أثرت على تاريخ فلسطين المعاصر.
واستمرت هذه الانتفاضة 6 سنوات، قبل أن تنتهي بتوقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
أما انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، فاندلعت شرارتها في 28 سبتمبر 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون، المسجد الأقصى، ومعه قوات كبيرة من الجيش والشرطة، وانتهت عام 2005.
ويعتقد عوض أن الجمهور الفلسطيني الذي أشعل تلك الانتفاضتين، تعرض لعمليات “إبعاد عن الفعل على الأرض، وجعلته ظروف عدة مرتبطا بقضايا حياتية يومية، تنحّيه عن التحمس لإطلاق انتفاضة عامة، وتحمل تبعاتها”.
وطالب الأكاديمي الفلسطيني، قادة الفصائل بتقديم “نموذج” يمكن أن يحفز الجمهور للتحرك ضد الاحتلال.
متفقا مع عوض، رأى الكاتب السياسي والأستاذ في جامعة بيرزيت جورج جقمان، أن الظروف الموضوعية قد تحول دون حدوث مقاومة شعبية واسعة، أو انطلاق انتفاضة عارمة، وسيقتصر الأمر على مسيرات او اشتباكات محدودة هنا وهناك.
وأضاف: “هناك ظروف لها علاقة بالوضع الداخلي الفلسطيني، وأخرى بقدرة السلطة ومحدودية قدرتها على إبداء فعل يثير غضب إسرائيل”.
وتابع: “على الصعيد الشعبي، لا أرى جهوزية للانتفاضة، لأن سنوات الانقسام خفضت مستوى الثقة بالقيادات عموما، كونها عجزت منذ 2007 عن تحقيق الوحدة الوطنية ورأب الانقسام”.
ويسود أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) انقسام سياسي منذ يونيو/ حزيران 2007، بسبب خلافات حادة بين “فتح” و”حماس”، لم تفلح وساطات إقليمية ودولية في إنهائها.
ولفت جقمان، إلى أن المقاومة الشعبية التي شهدتها انتفاضة الحجارة عام 1987، ارتبطت بوجود قوات إسرائيلية داخل المدن، الأمر الذي جعل الاشتباك مع جنود الاحتلال شيئا طبيعيا بشكل يومي، غير أن الصورة اختلفت اليوم، بتواجد تلك القوات على خطوط التماس عند الحواجز والمستوطنات.
من جهته، شدد الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، على أنه لا بد من تدعيم بيان القيادة الموحدة، باستعداد وطني وقيادي لدفع ثمن هذا الاستحقاق والتوجه.
واعتبر أن “الشارع الفلسطيني سيكون مستعدا للتضحية وبذل كل الجهود، في حال كانت القيادة مستعدة لذلك”.
وقال إن إعلان القيادة الموحدة “خطوة بالاتجاه الصحيح، ومطلوب تجسيدها بالتحرك في وجه الاحتلال، حتى يكون الشعب واثقا بجديتها”.
وأعرب عساف، عن تفاؤله بأن “تمهد الخطوة لإنهاء الانقسام السياسي، كون العمل الميداني واختلاط الدماء والجهود يتطلب ذلك”.
لكن في المقابل، يعتقد أن “المشهد لدى أوساط غير قليلة من القيادة السياسية الفلسطينية، غير ناضج لإطلاق مقاومة شعبية ودفع أثمان ذلك”.
وختم عساف قائلا: “المستوى السياسي لا يراهن على خيار المقاومة، وهناك مستويات نافذة ما تزال عينها على إحياء المفاوضات، عبر الرباعية الدولية، أو من خلال مؤتمر دولي للسلام”.
(الأناضول)