بعد أكثر من 15 شهراً من إعلانها، أصدرت الصين أخيراً تفاصيل وآلية عمل “قائمة الكيانات غير الموثوقة” الجديدة، في خطوة ينظر إليها على أنها إجراء مضاد للإجراءات المماثلة التي اتخذتها الولايات المتحدة.
وقالت بكين في مايو 2019 إنها ستدرج الشركات الأجنبية أو الأفراد الأجانب الذين انتهكوا قواعد السوق أو الالتزامات التعاقدية أو اتخذوا إجراءات تضر بحقوق الشركات الصينية أو تهدد مصالح الأمن القومي الصيني على القائمة السوداء.
ووفقاً لبيان صادر عن وزارة التجارة الصينية اليوم السبت، سيتم تقييد الشركات والأفراد المدرجين في القائمة السوداء أو منعهم تماماً من التجارة – سواء الواردات أو الصادرات – مع الصين وأيضاً من الاستثمار في البلاد.
من جانبها أعربت مجتمعات الأعمال الأجنبية عن مخاوفها بشأن كيفية تنفيذ القواعد في بيئة الأعمال المسيّسة للغاية التي خلقتها المواجهة بين بكين وواشنطن.
وقال يورج ووتكي، رئيس غرفة التجارة في الاتحاد الأوروبي في الصين لـ “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” إن غموض اللغة التي تستخدمها الوزارة الصينة ترك “مجالاً كبيراً للإجراءات التقديرية”.
ورأى لو شيانغ، زميل باحث في العلاقات الأميركية الصينية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن إصدار القواعد جاء استجابة لجهود واشنطن لاحتواء شركات التكنولوجيا الصينية وسيسمح لبكين بإدخال تدابير مضادة في المستقبل.
وأضاف قد تحتاج الصين إلى المزيد من الأدوات القانونية في مواجهة الشكوك في علاقاتها مع الولايات المتحدة”، متوقعاً أن يتم إدراج عدد قليل جداً من الشركات الأميركية على القائمة السوداء.
إنشاء مكتب للتحقيق لرصد خرق القواعد
وأوضح بيان لوزارة التجارة الصينية أن السلطات ستتخذ إجراءات مقابلة ضد الشركات الأجنبية والمنظمات والأفراد الأجانب إذا كانت أعمالهم أو الإجراءات ذات الصلة “تضر بسيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية، أو تنتهك قواعد السوق، أو توقف الالتزامات التعاقدية مع الشركات أو الأفراد الصينيين، أو تتخذ إجراءات تمييزية ضد الشركات أو الأفراد الصينيين للإضرار الشديد بمصالحهم المشروعة”.
وأضاف بيان الوزارة أنه سيتم إنشاء مكتب للتحقيق وبتّ قضايا الكيانات أو الأفراد المشتبه في خرقهم القواعد الجديدة.
وقال إن المكتب سيمنح أي منظمة أو شخص تم التحقيق معه الفرصة للدفاع عن نفسه وأيضاً سيعطي فترة سماح لتصحيح أي سلوك غير مقبول.
وأشار إلى أن الشركات التي أضيفت بالفعل إلى القائمة قد تتم إزالتها إذا عالجت سلوكها واتخذت إجراءات في الوقت المناسب لإبطال عواقب أفعالها.
أما في حالة تأكيد انتهاك إحدى القواعد، فسيجرّد هذا الشخص من تصاريح العمل والإقامة، وقد يحرم من الوصول إلى البلاد. وقال البيان إن الغرامات ستدفع أيضاً في بعض الحالات من دون الخوض في التفاصيل.
وأكد البيان أن الصين تعارض الأحادية والحمائية وتدافع بحزم عن مصالحها الوطنية وتؤيد نظام التجارة متعدد الأطراف.
تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تكثف الولايات المتحدة الضغط على شركات التكنولوجيا الصينية: من خلال قطع الإمدادات إلى هواوي وحظر المستخدمين الجدد لتطبيقات الوسائط الاجتماعية تيك توك ووي تشات، بدعوى أنها تشكّل تهديداً للأمن القومي الأميركي.
فيديكس الأميركية قد تدرج على اللائحة السوداء
وقالت بكين مراراً وتكراراً إنها لن تتردد في استخدام الإجراءات المضادة. وهناك تكهنات بأن تطال العقوبات الصينية شركة فيديكس الأميركية للبريد السريع، التي قد تكون واحدة من أولى الشركات التي تدرجها بكين على القائمة السوداء بعد بدء تحقيق العام الماضي في مزاعم بأنها سمحت بشحن أسلحة إلى الصين وتحويل الطرود المخصصة لشركة هواوي إلى الولايات المتحدة. هدف آخر محتمل بحسب الصحيفة، هو بنك إتش أس بي سي، بسبب صلاته باعتقال الرئيس المالي لشركة هواوي مينغ وينغ تشو في كندا.
طمأنة الاستثمارات الأجنبية في الصين
وقال ماثيو مارجوليس، نائب رئيس العمليات الصينية في مجلس الأعمال الأميركي الصيني، للصحيفة، إن مجتمع الأعمال الأميركي لطالما دعا إلى تحقيق توازن أكبر بين الأمن القومي والمصالح التجارية من الحكومتين.
وأضاف أن هذا التوازن ضروري لضمان حماية المصالح الوطنية من دون خنق الابتكار والتجارة، محذراً من أن ترجيح أي من المسألتين بشكل كبير على حساب الأخرى قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة”.
ويذكر أن تقاطع التكنولوجيا والأمن القومي والقدرة التنافسية الاقتصادية أصبحت في صدارة التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
وقال مارجوليس: “في الوقت الذي يتأرجح البندول بشكل متزايد نحو الأمن القومي، تشعر الشركات الأميركية بالقلق من أن الامتثال لقواعد حكومة ما سيؤدي إلى تعارضها مع قواعد الحكومة الأخرى”.
وذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” في وقت سابق أن السلطات أنهت تفاصيل القائمة في أواخر العام الماضي لكنها كانت مترددة في الكشف عنها بسبب مخاوف من ردّ فعل عنيف محتمل قد يجعل البلاد مكاناً أقل جاذبية للقيام بأعمال تجارية.
وقال لياو شيبينج، أستاذ القانون في جامعة بكين نورمال، إن القائمة تستهدف فقط الأنشطة غير القانونية التي تقوم بها كيانات أجنبية فردية و”لا تعني تغيير موقف الصين المرحّب بالاستثمار الأجنبي وحمايته”.
ونُقل عنه في بيان منفصل صادر عن وزارة التجارة الصينية قوله إن “القواعد لا تستهدف أي دولة بعينها أو أي كيانات محددة”، مؤكداً أن الإجراءات وعملية صنع القرار بموجب القواعد الجديدة ستكون شفافة ومفتوحة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، التقى نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هو تشون هوا ونائب وزير التجارة وانغ شووين مندوبي الأعمال الأجانب وقالا إن البلاد ستستسمر في إزالة الحواجز أمام الوصول إلى الأسواق.
اندبندت عربي