إيران تتخوف على أمنها من صراع إقليمي في ناغورني قره باغ

إيران تتخوف على أمنها من صراع إقليمي في ناغورني قره باغ

لم تعد إيران تخفي قلقها من تطورات الصراع على حدودها في إقليم ناغورني قره باغ ومخاطر أن يتطور إلى صراع إقليمي يهدد أمنها خاصة أنه قد يمتد إلى أراضيها، من خلال تغذية النزعة الانفصالية لثلث سكانها من أصل أذري وتحريكهم لنصرة أذربيجان.

ويتصاعد قلق إيران من صراع أرمينيا وأذربيجان بسبب وجود مقاتلين أجانب جلبتهم تركيا التي باتت تهدد مصالح إيران في أكثر من ملعب إقليمي، وأيضا لوجود إسرائيل كمزود رئيسي لأذربيجان بالأسلحة.

ويدور قتال عنيف بين أرمينيا وأذربيجان بالقرب من الحدود الشمالية الغربية لإيران التي تشترك فيها مع كلا الدولتين. وبينما انحازت تركيا بحزم إلى جانب أذربيجان، ووقفت روسيا خلف أرمينيا، فقد تواجه إيران خطرا من أي دولة مجاورة، ذلك لأن الحرب أثارت معارضة داخلية صريحة، وأثارت أيضا توترات مع تركيا وأذربيجان، وتنطوي على مخاطر انتشار محتمل في الأراضي الإيرانية.

وبينما قد تستفيد كل من روسيا وتركيا من تطورات الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، يبدو أن طهران هي الخاسر الوحيد.

وبعد أن عرضت لعب دور الوسيط بين البلدين دون أن تتلقى أيّ رد من أرمينيا أو أذربيجان، حذرت إيران، الأربعاء، من خطر تحول الصراع إلى حرب إقليمية، في إشارة إلى مخاوفها من خروج الوضع عن التوقعات واستهداف أمنها.

وقال الرئيس حسن روحاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء إنه “من غير المقبول إطلاقا” أن تسقط أيّ قذيفة مورتر أو صاروخ على أراض إيرانية، وذلك بعدما ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن قذائف طائشة من القتال الدائر على جيب ناغورني قره باغ أصابت قرى قريبة من الحدود الشمالية الغربية لإيران مما أدى إلى إصابة طفل وإلحاق أضرار بمبان.

وقال سعيد خطيب زادة المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في بيان تناقلته وسائل الإعلام المحلية إن إيران قدمت احتجاجا رسميا لأذربيجان وأرمينيا، الأربعاء، بسبب انتهاكات “لسلامة الأراضي” الإيرانية.

وحذر روحاني من خطورة أن “تتحول الحرب بين أرمينيا وأذربيجان إلى حرب إقليمية. السلام أساس عملنا ونأمل في إعادة الاستقرار إلى المنطقة بطريقة سلمية”. وتابع “الأولوية لدينا هي أمن مدننا وقرانا”.

وأضاف أن إيران، التي تقع على الحدود مع أرمينيا وأذربيجان، لن تسمح لدول “بإرسال الإرهابيين إلى حدودنا تحت ذرائع مختلفة”.

وتضم إيران أقلية أذرية كبيرة، حوالي ثلث السكان، الذين يحتجون على دعم طهران لأرمينيا.

ويتركز معظم الأذريين في إيران بالقرب من حدودها مع منطقة الصراع، لكن طهران لديها أيضا جالية أذرية كبيرة.

وأثار اندلاع القتال الأسبوع الماضي احتجاجات في العديد من المدن الإيرانية، بما في ذلك طهران وتبريز وأرمية وزنجان. وتم القبض على أكثر من عشرين ناشطا أذريا في أردبيل، وحذرت منظمة العفو الدولية من أنهم في خطر.

وقد تؤدي الاضطرابات بين الأذريين في إيران إلى زيادة النشاط المستمر المعادي للنظام.

وتطالب الاحتجاجات الحالية طهران بوقف قوافل الدعم الروسية لإمداد أرمينيا عبر إيران. كما هدد ممثلو الجالية الأذرية في إيران بتعطيل هذه القوافل إذا استمرت في الانطلاق إلى أرمينيا.

ويعترف المسؤولون الإيرانيون بأن طهران دعمت أرمينيا منذ بداية الصراع مع أذربيجان في أوائل تسعينات القرن العشرين. وإذا ظلت المعارضة الأذرية المحلية نشطة، فقد تجد طهران صعوبة في الحفاظ على دعمها المادي لأرمينيا.

وفي محاولة لتهدئة الغضب الداخلي على انحيازها إلى أرمينيا قالت طهران، على لسان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، إن “أرمينيا احتلت أجزاء من أراضي أذربيجان ويجب أن تنسحب من تلك المناطق”.

ارتدادات تؤثر على الجار الإيراني
ارتدادات تؤثر على الجار الإيراني
وتجري العديد من المعارك بين أرمينيا وأذربيجان على مقربة شديدة من الحدود الإيرانية، مما دفع المسؤولين الإيرانيين إلى إعلان استعدادهم للدفاع عن تلك الحدود. وبالفعل، استعادت أذربيجان السيطرة على المناطق والبنية التحتية بالقرب من الحدود، مثل جسر خودافارين على نهر أراز.

وتدير طهران مشروعا مشتركا لتوليد الطاقة الكهرومائية بالقرب من الجسر مع سلطات الاحتلال الأرمنية.

وحذرت طهران الجانبين من “الاقتحامات” بعد أن قالت إن نيران المدفعية أصابت قرى على الجانب الإيراني من الحدود.

وتواردت معلومات تفيد بأن إيران تحصّن قواتها ودفاعاتها الجوية في المنطقة. كما أن سيطرة باكو على بعض الأراضي الواقعة تحت سيطرة الأرمن على الحدود مع إيران تطال الآن الحدود بين أذربيجان وإيران، وهو أمر عملت طهران على تجنبه، مفضلة الوجود الأرمني.

كما أدى انحياز إيران إلى أرمينيا وروسيا إلى إثارة توتر مع تركيا، التي انتقدت وسائلها الإعلامية، بما في ذلك قناة “تي آر تي” الحكومية، دعم إيران لأرمينيا.

وسخرت بعض المنافذ الإعلامية التركية من التزام إيران المزعوم بـ”التضامن الإسلامي” بالنظر إلى أنها الآن تقف إلى جانب أرمينيا ذات الأغلبية المسيحية. وخلال العام الماضي، خفضت تركيا بشكل كبير وارداتها من الغاز الطبيعي من إيران، وهو اتجاه من المرجّح أن يستمر في ضوء خلافاتهما الإضافية.

ومن المحتمل أن تكون طهران غير سعيدة لأن أذربيجان تستخدم الأسلحة التي قدمتها إسرائيل على مقربة من الحدود الإيرانية. ويبدو أيضا أن دعم إسرائيل لأذربيجان يعزز التقدير لإسرائيل بين عدد كبير من الأذريين في إيران.

العرب