تعددت الأسباب والموقف واحد.. تعرف على سياسة ترامب وبايدن تجاه الصين

تعددت الأسباب والموقف واحد.. تعرف على سياسة ترامب وبايدن تجاه الصين

يعد التشدد تجاه العلاقات مع الصين أحد القضايا النادرة، التي يجمع عليها المرشحان الرئاسيان، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن، بغض النظر عن أسباب ومبررات كل منهما لاتخاذ هذه السياسة تجاه المنافس الأكبر للولايات المتحدة.

وفي حديث مع الجزيرة نت، عد جوش كورلانتزيك، خبير العلاقات الأميركية الصينية بمجلس العلاقات الخارجية، أن الاختلافات بين ترامب وبايدن تجاه الصين “صغيرة نسبيا”.

ويشير كورلانتزيك إلى أنه “على الرغم من ارتفاع درجة الاستقطاب في النظام السياسي الأميركي حاليا وبصورة غير مسبوقة؛ إلا أن هناك قدر لا بأس به من الإجماع حول سياسة الصين بين الديمقراطيين والجمهوريين، وأعتقد أنه قد تكون هناك بعض الاختلافات الصغيرة نسبيا بين الاثنين؛ لكن ليس بدرجة كبيرة كما قد يعتقد البعض، وقد تكون السياسة التجارية هي محل الاختلافات بين الطرفين”.

المرشحان الرئاسيان ترامب (يمين) وبايدن ينتهجان نفس سياسة التشدد تجاه الصين ويختلفان في تفاصيلها (رويترز)
إعلانات انتخابية متبادلة
تبث حملتا ترامب وبايدن إعلانات تلفزيونية تنتقد سجل الآخر فيما يتعلق بالصين، وجاء في أحد الإعلانات الممولة من حملة ترامب بمنصة فيسبوك “على العكس من جو بايدن وبقية الديمقراطيين، يحفظ الرئيس ترامب عهوده، التي من أهمها عدم السماح للصين باستغلال أميركا وجعلها كبش فداء”.

كما قام تجمع “حركة أميركا أولا” المؤيد لترامب بتمويل إعلانات تتهم جو بايدن، وتظهر علاقاته السابقة وعلاقات ابنه هانتر بالصين، وبث الإعلان في عدة ولايات متأرجحة، منها بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، وشمل إعلان ممول من حملة بايدن مقاطع لترامب يمتدح فيها الرئيس الصيني شي جين بينغ، ويشيد به وبإستراتيجيته لمواجهه فيروس كورونا.

ويعتقد الديمقراطيون أن التركيز على الصين سيزيد حظوظ فوزهم في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، كما أنهم يركزون على انتقاد سجل الرئيس ترامب في التعامل مع انتشار كورونا.

ويتقارب المرشحان في أغلب القضايا المتعلقة بالصين، ويختلفان في تفاصيل إدارة العلاقات معها. وفيما يأتي، الملفات الثلاثة الأهم في هذا الشأن:

أولا: مستقبل الحرب التجارية
يقول كل من ترامب وبايدن إنهما يريدان إعادة إحياء التصنيع الأميركي، وتقليل ما يعتبرانه اعتمادا أميركيا كبيرا على المنتجات الاستهلاكية الصينية، لا سيما في القطاعات التي تعد حيوية للأمن القومي والقدرة التنافسية.

ويتفق المرشحان على ضرورة الاستثمار في مشروعات البنية التحتية والطاقة النظيفة، وتدريب العمال، والبحث والتطوير كأساس لمنافسة الصين.

لذلك وعد برنامج انتخابي مختصر لفترة حكم ترامب الثانية بإعادة مليون وظيفة تصنيعية من الصين إلى الولايات المتحدة من خلال تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الأميركية.

ومن المرجح أن تنضم الولايات المتحدة حال وصول بايدن للبيت الأبيض لاتفاقية الشراكة التجارية لدول المحيط الهادي، وهي الاتفاقية التي تفاوضت عليها إدارة أوباما ورفضها الرئيس ترامب.

من ناحية أخرى، يتوقع أن يؤدي فوز ترامب بفترة حكم ثانية إلى إبرام اتفاق متابعة للمرحلة الأولى من الاتفاق التجاري، الذي تم توقيعه في يناير/كانون الثاني الماضي، وستركز المرحلة التالية على التعهدات الصينية بزيادة مشتريات السلع والخدمات الأميركية.

ثانيا: مستقبل صراع التكنولوجيا
مثلت الحرب على التكنولوجيا الصينية أحد أهم سمات مواجهة الرئيس ترامب مع الصين، وصنفت إدارة ترامب شركات التكنولوجيا الصينية بأنها تهديدات للأمن القومي الأميركي، متهمة إياها بالعمل مع الحزب الشيوعي الحاكم في الصين.

ودفع تهديد ترامب لتطبيق “تيك توك” (TikTok) الصيني الشركة الأم إلى تغيير هيكلها لمواصلة العمل داخل الولايات المتحدة، وتم حظر عملاق الاتصالات الصيني شركة هواوي من العمل في الولايات المتحدة، وأدرجت في القائمة السوداء لمنعها من استيراد التكنولوجيا الأميركية.

وضغطت إدارة ترامب على الدول الحليفة لواشنطن لتفكيك معدات هواوي من شبكاتها، وتسعى مبادرة “الشبكة النظيفة” -المتوقع أن تحصل على دفعة في ولاية ترامب الثانية- إلى استبعاد مجموعة أوسع من شركات الإنترنت والاتصالات الصينية من البنية التحتية للإنترنت والاتصالات، التي تستخدمها الولايات المتحدة ودول أخرى.

من جانبها، تعهدت حملة بايدن بالحفاظ على قيادة واشنطن العالمية في مجال التكنولوجيا، ومواجهة جهود وسعي الصين لمنافسة الولايات المتحدة، ومواجهة الهجمات الإلكترونية، وسرقة التكنولوجيا، وإغراء العلماء الأميركيين للعمل في الصين.

ويشير برنامج بايدن الانتخابي إلى خطة الصين المعروفة باسم “صنع في الصين 2025″، وهي برنامج طموح لتطوير تكنولوجيات المستقبل مثل الطب الحيوي والطاقة النظيفة، ويرى ذلك مبررا منطقيا للولايات المتحدة لتوجيه الاستثمار الحكومي إلى المجالات والقطاعات، التي يُنظر إليها على أنها أساسية من الناحية التنافسية في هذه المجالات مع الصين.

ثالثا: استمرار التنافس الجيوإستراتيجي
عرّفت إدارة ترامب الصين بأنها منافس إستراتيجي، وانتقد كبار المسؤولين علنا ما يعتبرونه نوايا خبيثة لبكين في الشؤون العالمية، من التجسس الإلكتروني إلى دبلوماسية القروض المقدمة لدول العالم الثالث، واتهم ترامب الصين بالسماح بانتشار فيروس كورونا حول العالم.

وقد كثفت إدارة ترامب من أنشطتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي، متحدية بناء الصين لجزر اصطناعية من أجل تعزيز السيطرة على الممرات البحرية الإستراتيجية، وتم تأكيد التحالف مع اليابان وأستراليا؛ من أجل العمل معا على مواجهة التهديدات والتوسع الصيني في مناطق المحيطين الهندي والهادئ.

ويعتبر برنامج المرشح بايدن أن ترامب قوض، من خلال تعامله مع حلفاء واشنطن فيما يتعلق بالإنفاق التجاري والعسكري، سبل المواجهة الجماعية للطموحات الصينية.

ويرى الديمقراطيون أن انسحاب إدارة ترامب من المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية والاتفاق النووي مع إيران، يضعف القيادة الأميركية، ويسهل من توسيع دور الصين العالمي، وقد تعهد بايدن بالعودة مجددا لهذه الاتفاقيات عقب وصوله للحكم.

المصدر : الجزيرة