اليونان وقبرص تحشدان لمواجهة أكثر صرامة مع تركيا

اليونان وقبرص تحشدان لمواجهة أكثر صرامة مع تركيا

اختتمت القمة الأوروبية في بروكسل الجمعة أشغالها بتوجيه تحذيرات جديدة لتركيا بشأن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، بعد أن نقضت أنقرة تعهداتها بالتهدئة لفسح المجال للمفاوضات، فيما يرى دبلوماسيون أوروبيون أن استراتيجية “العصا والجزرة” التي يستخدمها الاتحاد الأوروبي لنزع فتيل التوتر مع تركيا فشلت.

بروكسل – مارست اليونان وقبرص الجمعة، ضغوطا لدفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ رد فعل أشد صرامة إزاء أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي التي تقوم بها تركيا في مياه متنازع عليها في البحر المتوسط، بعد أن استأنفت أنقرة عمليات سفينة مسح كانت قد سحبتها الشهر الماضي.

ولم يتخذ الاتحاد حتى الآن إجراءات صارمة تكبح الانتهاكات التركية في شرق المتوسط باستثناء تلويحه بفرض عقوبات قابلتها أنقرة بالتهدئة الظرفية، وهو ما حذرت منه في وقت سابق كل من نيقوسيا وأثينا.

وانتقد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال استئناف تركيا التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، مندداً بما اعتبرها “استفزازات”، في ختام قمة في بروكسل.

وقال ميشال “نندد بتصرفات واستفزازات تركيا الأحادية الجانب”، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يعتزم دراسة الوضع في ديسمبر للنظر في عقوبات ضد أنقرة”.

لكن رغم ذلك، قال رئيس المجلس الأوروبي إنه لن يكون هناك تغيير في الاستراتيجية المتفق عليها في القمة الأخيرة.

وبموجب هذه الاستراتيجية، يرصد الاتحاد الأوروبي عن كثب تحركات تركيا في شرق البحر المتوسط وسيقرر إجراء محتملا خلال قمة يفترض إقامتها في ديسمبر.

وقال رئيس وزراء سلوفينيا جانيز جانزا الجمعة في قمة أوروبية عقدت في بروكسل “يحدوني الأمل بصدق في أن نتمكن من تقديم الدعم بقوة وبالإجماع لليونان وقبرص في مواجهة أحدث الاستفزازات التركية”.

وذكرت فرنسا وألمانيا في وقت سابق من الأسبوع أن تركيا لم يعد أمامها سوى “أسابيع” لمراجعة موقفها ووقف ما وصفتاه أيضا بأنه استفزاز، لكنهما أحجمتا عن توجيه إنذار قوي وهو ما ترغب فيه أثينا ونيقوسيا.

وكان زعماء الاتحاد الأوروبي اتفقوا في الثاني من أكتوبر الجاري على إمهال تركيا حتى أوائل ديسمبر قبل النظر في مسألة فرض العقوبات الاقتصادية، وتريد ألمانيا، التي تقود حتى الآن المحادثات الدبلوماسية مع أنقرة، منح فرصة للحوار بسبب العلاقات التجارية الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

وتشعر قبرص بالاستياء لأن تركيا أرسلت أيضا سفينة أخرى إلى المنطقة الاقتصادية لقبرص لإجراء عمليات مسح سيزمي بالإضافة إلى سفينة الاستكشاف قبالة جزيرة يونانية.

ويستوجب اتخاذ قرار بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا إجماع الأعضاء الـ27 وهو ما ليس متوفرا حد الآن، لكن جبهة المساندين لمثل اتخاذ هذه القرار أخذة في التوسع.

واتهم مستشار النمسا سيبستيان كورتس تركيا بممارسة الاستفزاز في النزاع الدائر بشأن التنقيب عن الغاز شرقي البحر المتوسط، وهدد بفرض عقوبات أوروبية على أنقرة.

وقال كورتس عقب ختام القمة الأوروبية “أنا سعيد لأن أولئك الذين يظهرون عادة قدرا كبيرا من التفاهم تجاه تركيا صاروا أيضا مستعدين للاعتراف بوضوح بأن تركيا تمارس استفزازا للآخرين”.

وأضاف كورتس أنه تم التأكيد مرة أخرى على أنه لا بد من فرض عقوبات إذا لم توقف أنقرة هذه الاستفزازات.

وبانضمام النمسا وألمانيا إلى الجبهة الأوروبية التي تقودها باريس رفقة أثينا وقبرص، بات الاتحاد الأوروبي أقرب لاعتماد خيار العقوبات في مواجهة التهديدات التركية للمياه الإقليمية الأوروبية، لكن ذلك لا يعني أن القرار قد حسم، إذ أن هاته الدول قرنت العقوبات بمواصلة أنشطة التنقيب وتلافيها بمجرد تعليقها.

ولا يستبعد مراقبون أن تناور تركيا، وقد فعلت سابقا، وتعلن سحب سفن تنقيبها من مياه قبرص واليونان قبل موعد القمة الأوروبية الحاسمة في ديسمبر، ما يمكنها من تلافي العقوبات وإعادة الكرة بعد ذلك.

ويرى دبلوماسيون ومسؤولون وخبراء أن استراتيجية “العصا والجزرة” التي يستخدمها الاتحاد الأوروبي لنزع فتيل التوتر مع تركيا فشلت، الأمر الذي يثير خطر نشوب صراع شرق البحر المتوسط.

ويقول هؤلاء إن قادة دول الاتحاد تركوا أنفسهم مكشوفين لأنهم عجزوا عن التوصل إلى حل للنزاع واقترحوا بدلا من ذلك أسلوب “العصا والجزرة” فعرضوا مساعدات عدة وهددوا في الوقت نفسه بعقوبات ويبدو أن هذا الاقتراح فشل في تحقيق الهدف.

وكان الاتحاد الأوروبي، أكبر الشركاء التجاريين لتركيا وأكبر مستثمر أجنبي فيها، يأمل في إقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالبدء في محادثات لتوضيح الحقوق في الثروة النفطية البحرية وذلك بعرض إبرام اتفاق تجاري موسع وإنهاء العمل بقيود التأشيرات السارية على المواطنين الأتراك واقتراح تخصيص المزيد من الأموال للاجئين السوريين في تركيا إلى جانب التهديد بفرض عقوبات.

وأشعلت خطوة اتخذتها السلطات القبرصية التركية غضب قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، عندما أعادت جزئيا فتح بلدة فاروشا الساحلية، وهي منتجع سابق محاط بسياج ومهجور في منطقة خالية منذ الغزو التركي عام 1974 الذي قاد إلى انقسام الجزيرة.

وعلّق رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الخميس في بروكسل “تركيا لا تزال مصممة على سلوكها الاستفزازي والعدواني”.

العرب