إيران حجر عثرة في طريق السلام الأفغاني

إيران حجر عثرة في طريق السلام الأفغاني

وصل رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية عبدالله عبدالله إلى طهران الأحد في زيارة تستمر ثلاثة أيام لبحث سبل تحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان، في وقت تعتبر فيه كابول على نطاق واسع حديقة خلفية للصراع الإيراني الأميركي وأنه لا يمكن الحديث عن سلام حقيقي دون إجماع إقليمي تتربص به الجمهورية الإسلامية.

وقال كبير مستشاري المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية مجيب الرحمن رحيمي إن عبدالله سيطلع المسؤولين الإيرانيين على آخر التطورات في محادثات السلام في البلاد.

وأضاف رحيمي أن رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية سيطلب أيضا من المسؤولين الإيرانيين التعاون مع حكومة وشعب أفغانستان لدعم عملية السلام وإحلال الأمن والاستقرار الدائمين في أفغانستان والمنطقة.

ونسجت إيران على مدى عقود علاقات متشابكة داخل أفغانستان جمعتها بحركة طالبان السنية وأقلية الهزارة الشيعية، ما يسمح لها بالتأثير المباشر على مجريات الأحداث في بلد يعاني من انعدام الاستقرار الأمني وضعف أجهزة الدولة المركزية التي يرجح مراقبون انهيارها عقب انسحاب القوات الأميركية من كابول دون ضمانات حقيقية.

وتتوجس الحكومة المركزية، التي انخرطت في مفاوضات مع متمردي طالبان برعاية أميركية، من اتفاق سلام يدفع بها إلى الهامش ويضع البلاد تحت حكم إسلامي تقاتل لأجله الحركة المتمردة منذ عقود.

ويرى الخبير السياسي الأفغاني أحمد سعيدي أن إيران لديها نفوذ وتأثير في أفغانستان، سواء على الحكومة أو على حركة طالبان وحتى على الشعب الأفغاني.

وقال سعيدي إن طهران ستحاول استغلال تأثيرها على أفغانستان بطريقة غير مباشرة، لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة خاصة بعد مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية جوية في العراق.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يستقبل رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان عبد الله عبد الله في العاصمة طهران
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يستقبل رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان عبد الله عبد الله في العاصمة طهران
وأضاف أن أفغانستان من الدول التي يمكن لإيران أن تستهدف فيها القوات الأميركية حتى وإن كان ذلك بطريقة غير مباشرة، خاصة في ظل وجود قواعد عسكرية أميركية ضخمة في أفغانستان، وأن إحداها تقع في مدينة هرات على الحدود الإيرانية.

وتابع “أرى أن إيران ستحاول استخدام ‘لواء فاطميون’ الذي شكله سليماني من الشباب الأفغان ضد الولايات المتحدة، كما ستحاول استغلال علاقاتها الجيدة مع حركة طالبان، وأرى أن أفغانستان ستتأثر من ذلك الوضع”.

وتأسس “لواء فاطميون”، المعروف أيضا باسم “حزب الله الأفغاني”، عام 2013 كجزء من فيلق القدس المسؤول عن العمليات الخارجية بالحرس الثوري الإيراني، ويتكون من ميليشيات معظمها من المهاجرين الأفغان المنتمين إلى أقلية الهزارة الشيعية.

ولعب “لواء فاطميون” دوراً فعّالاً في الحرب في سوريا، كما حارب في العراق وإلى جانب الحوثيين في اليمن، ولا يزال القسم الأكبر من عناصره في سوريا، إلا أن البعض منهم عادوا إلى أفغانستان بعد أن مالت كفة الحرب في سوريا لصالح نظام الأسد.

وكثيرا ما تعبر الإدارة الأفغانية عن انزعاجها من استغلال المواطنين الأفغان في الحرب داخل دولة أخرى وفقاً للأهداف الأيديولوجية لطهران، ويمكن لإيران استخدام لواء فاطميون في إطار إستراتيجية التمدد الشيعي التي تتبعها.

وتزامنا مع تفاوض الولايات المتحدة وطالبان بشأن ترتيبات مفاوضات السلام، ذكرت شبكة “سي إن إن” الأميركية أن وكالات الاستخبارات الأميركية لديها مؤشرات على تقديم إيران مكافآت لمقاتلي طالبان لاستهداف القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان.

ونقلت الشبكة عن مصادر استخباراتية أميركية (لم تسمها) قولها إن المكافآت ترتبط بست هجمات على الأقل نفذتها الحركة العام الماضي وحده، بما في ذلك التفجير الانتحاري الذي وقع في قاعدة جوية أميركية.

وبحسب وثيقة إحاطة للبنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) فإن المكافآت التي تم تقديمها من “حكومة أجنبية” إلى شبكة حقاني -وهي جماعة إرهابية يقودها ثاني أعلى زعيم لطالبان- كانت من أجل تنفيذ هجوم على قاعدة باغرام الجوية، ما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين وإصابة أكثر من 70 آخرين، بينهم 4 موظفين أميركيين.

كابول

ولا يزال اسم الحكومة الأجنبية التي دفعت هذه المكافآت سريًا، لكن مصدرين مطلعين على المعلومات أكدا لـ“سي إن إن”، أنها إيران. وقبل ذلك كشفت صحيفة التايمز البريطانية أن “أفضل مقاتلي طالبان يجري تدريبهم في إيران”، مؤكدة أن نفوذ طهران يتنامى في أفغانستان مع تصاعد التوتر في علاقاتها مع واشنطن.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها إلى أن المئات من مقاتلي طالبان يتلقون تدريبا متقدما على أيدي مدربي القوات الخاصة في الأكاديميات العسكرية الإيرانية، وأن ذلك جاء جزءا من تصعيد طهران لدعمها تمرد حركة طالبان في أفغانستان.

وتنسب الصحيفة هذه المعلومات إلى تصريحات خاصة أدلى بها إليها مسؤول في حركة طالبان. وترى أن معدل ونوع التدريبات وطول فترتها الزمنية تبدو أمورا غير مسبوقة، وتؤشر على أن ذلك ليس مجرد تغيير في مسار الحرب الدائرة بالوكالة بين طهران وواشنطن في أفغانستان، بل هو تحول محتمل أيضا في رغبة إيران وقدرتها على التأثير في نتيجة الحرب الأفغانية.

العرب