الصين تحاول السير على حبل التوازن بين دول الخليج وإيران

الصين تحاول السير على حبل التوازن بين دول الخليج وإيران

لندن- اتهمت الصين الولايات المتحدة بنشر الأسلحة و”التدخل” في شؤون الدول الأخرى بعد أن هددت واشنطن بفرض عقوبات على أي دولة تستغل إنهاء حظر دولي لبيع الأسلحة إلى إيران. وهذا الأمر يجعل من الصينيين يفكرون في كيفية موازنة علاقتهم مع دول الخليج حينما تبدأ في إبرام صفقات مع طهران.

ولدى بكين بالفعل شراكات طويلة الأمد مع السعودية والإمارات، اللتين تعدان شريكين تجاريين رئيسيين للصين، فبكين لا تريد خسارة هذه العلاقات لأنها تريد تجسيد مشروع “الطريق والحزام الجديد”، وليس على حساب تقاربها الاستراتيجي مع الإيرانيين.

ولكن إذا كانت الصين تحاول موازنة علاقاتها مع الدول العربية وإيران، فهل ما تعرضه بكين على طهران غير متسق مع ذلك خاصة وأن الاتفاق الصيني الإيراني، الذي تم طرحه للمرة الأولى خلال زيارة الرئيس شي جين بينغ لطهران في 2016، قيد المناقشة، دون أن يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة علنًا.

وسربت مسودة إلى الصحافة الإيرانية قبل بضعة أشهر، كشفت أن الشراكة الاستراتيجية التي تبلغ مدتها 25 عامًا ستجلب استثمارات مفاجئة تصل إلى 400 مليار دولار في مختلف القطاعات الإيرانية مقابل توفير مستمر للطاقة للصين لنفس المدة الزمنية.

الصين

وتقول سابينا صديقي المحللة الجيوسياسية في موقع مونيتور إنه تسريعا لعملية إتمام المفاوضات، كان الجانب الإيراني أكثر نشاطا منذ الموافقة على المسودة في جلسة لمجلس الوزراء في يونيو الماضي، حيث يُنظر إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأسبوع الماضي إلى الصين على أنها استمرار لهذه الجهود.

وكان رضا زبيب، وهو أحد مساعدي ظريف، قد قال لوكالة الأنباء الإيرانية قبيل مغادرة ظريف إلى الصين “نأمل أن تكون زيارة ظريف إلى الصين خطوة رئيسية نحو إضفاء الطابع المؤسسي على وثيقة التعاون التي تبلغ مدتها 25 عامًا بين البلدين، والتي ستكون أساسًا جيدًا لتعزيز العلاقات الاقتصادية”.

وفي الوقت الذي وصل فيه ظريف إلى الصين، وصل الدبلوماسي الصيني الرفيع يانغ جيتشي، الذي كان وزيرا للخارجية وسفيرا سابقًا لدى الولايات المتحدة، وهو عضو في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي ومدير مكتب الشؤون الخارجية بها، إلى الإمارات للقاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.

وهكذا، فبعد موافقة مجلس الوزراء الإيراني، أصبحت الكرة الآن في ملعب الصين. ومع ذلك، فإن وزير الخارجية الصيني وانغ يي لم يعلن عن اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع إيران بعد لقاء نظيره الإيراني، رغم التأكيد على دعم بكين لطهران وإعادة تأكيد التزام الصين بالاتفاق النووي لعام 2015.

وبينما قالت المتحدثة باسم مجلس الدولة الصيني هوا تشون ينغ قبل المحادثات “نريد العمل مع إيران لتعميق شراكتنا الاستراتيجية الثنائية الشاملة”، قدمت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية تغطية حماسية لزيارة يانغ إلى الإمارات وكذلك لتحسين العلاقات، في حين كانت هادئة نسبيًا في ما يتعلق بزيارة ظريف وشراكة طهران مع الصين.

وكان تركيز بيان الحكومة الصينية الرسمي على الاتفاقية النووية لعام 2015 وكان تركيز وسائل الإعلام الصينية الأخرى منصبًا على الأمر نفسه. ويبدو أن الصين في المراحل الأخيرة من دراسة الخطة، ويحتمل أن تكون هناك نقطة تحول رئيسية بمجرد الإعلان رسميا عن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الصينية الإيرانية، كما يمكن أن يكون لها تأثير بعيد المدى على الغرب وأماكن أخرى.

وعلى الصعيد الإيراني، فقد أشاد محمود واعظي، رئيس مكتب الرئيس حسن روحاني، بنتيجة زيارة ظريف، واصفا إياها بـ”الناجحة جدا”، وقال إنها “مفاوضات شاملة للغاية تم إجراؤها حول القضايا الثنائية الاقتصادية والسياسية والثقافية بالإضافة إلى خطة لربع قرن من الزمن”.

وقد ألمح روحاني إلى أن طهران تعطي الأولوية لتعزيز العلاقات مع الصين وجيران إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي في جميع المجالات، بما في ذلك الطاقة والتكنولوجيا. ومع ذلك لا يوجد شيء رسمي على الورق حتى الآن.

وتعتقد صديقي، التي تركز على تحليل مواضيع متعلقة بمبادرة الحزام والطريق والشرق الأوسط وجنوب آسيا، أن الصين لا ترغب في الالتزام علنا لأنها لا تريد التورط في التوترات السياسية الإقليمية وتفضل أن تظل على الحياد.

ولطالما كان الصينيون يتعاملون ببراغماتية، حيث تتمتع بكين بعلاقات تجارية طويلة ومستقرة مع دول الخليج الغنية بالنفط، ولا تواجه التجارة هناك العقبات المحتملة التي قد تنطوي عليها التجارة مع إيران، التي خفضت معها توريد النفط بسبب العقوبات الأميركية، وقد انخفضت التجارة الثنائية بمقدار الثلث العام الماضي وبنحو 60 في المئة منذ بداية العام.

ورفعت بكين بالفعل علاقاتها بالرياض وأبوظبي إلى مستوى عال لدرجة أنه حتى لو تم إبرام الاتفاقية مع إيران، فإنها لن تخل بتوازن القوى في المنطقة.

العرب