بيروت – حمّل الرئيس اللبناني ميشال عون رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي يرجّح أن يكلّف غداً الخميس تشكيل حكومة جديدة، من دون أن يسميه، مسؤولية معالجة الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح، متهما القوى السياسية بالتسبّب بالأزمة التي آلت اليها البلاد.
ويجري عون الخميس استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة جديد يرجح أن يكون الحريري، بعد أن أعلنت غالبية من النواب تأييدها لتسميته.
ولا تزال حظوظ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قائمة في تشكيل الحكومة بعد إرجاء الاستشارات النيابية التي كانَ من المقرر إجراؤها الخميس الماضي.
وقال عون، في كلمة متلفزة وجهها إلى الشعب اللبناني عشية انطلاق استشارات نيابية لاختيار رئيس وزراء جديد “وصل بنا الأمر إلى أن أصبح الفساد مؤسساتيا منظما بامتياز ومتجذرا في سلطتنا ومؤسساتنا وإدارتنا”.
وتوجّه عون إلى النواب بالقول “أملي أن تفكروا جيداً بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدوليّة، لأنّ الوضع المتردّي الحالي لا يمكن أن يستمرّ بعد اليوم أعباء متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين”.
وأضاف “اليوم مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح؟”.
ويعارض التيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، لكن غالبية نواب الطائفة السنية التي ينتمي اليها الحريري ونواب آخرين أعلنوا أنهم سيسمونه.
ولم يعلن حزب الله موقفه من تسمية الحريري، لكن المحللين السياسيين يؤكدون أنه راض بتسميته، بدليل إعلان أبرز حلفائه، حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، تأييد الحريري لرئاسة الحكومة.
كما أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية رفضه دعم أي مرشح، في خطوة يفهم منها معارضته دعم تسمية الحريري الذي طرح نفسه مرشحا لهذا المنصب ضمن شروط سبق أن حددتها المبادرة الفرنسية.
وكان الحريري أعلن أخيرا أنه مرشّح لرئاسة الحكومة ضمن ثوابت المبادرة الفرنسية، وقال إنه يعتزم تشكيل حكومة اختصاصيين تضع خلال ستة أشهر الاصلاحات على سكة التنفيذ.
واتهم عون قوى سياسية من دون أن يسميها بعرقلة مساعي الإصلاح، وآخرها التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. وقال “حين حملت مشروع التغيير والإصلاح في محاولة لإنقاذ الوطن، رفع المتضررون المتاريس بوجهي”، مضيفاً “الإصلاح بقي مجرد شعار يكرره المسؤولون والسياسيون وهم يضمرون عكسه تماماً”.
ويتعرض عون لحملة عنيفة من شريحة واسعة من اللبنانيين الذين يضعونه في مصاف كل السياسيين العاجزين والعاملين من أجل مصالحهم الخاصة.
وخاطب الرئيس اللبناني نواب البرلمان بالقول “هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانية باسم الشعب الذي تمثّلون”.
وأكمل: “أنتم اليوم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية العليا لتحكيم ضميركم الوطني وحس المسؤولية لديكم تجاه شعبكم ووطنكم”.
وأضاف “أين نحن من مبادرة الإنقاذ مما حلّ بنا، سواء اقتصاديا أو اجتماعيا أو نقديا أو ماليا أو لجهة إعادة إعمار بيروت بفعل انفجار المرفأ المأساوي؟”.
وتأتي تصريحات عون، عشية انطلاق الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة الجديد، بعد أن تم تأجيل انعقادها من 15 أكتوبر الجاري، إلى 22 من الشهر ذاته.
وفي 15 يناير 2020، تسلمت حكومة من اختصاصيين برئاسة حسان دياب السلطة لمدة سبعة أشهر، لكنها لم تنجح في إطلاق أي إصلاح بسبب تحكم القوى السياسية بها.
وفشلت القوى السياسية في ترجمة تعهداتها ولم ينجح السفير مصطفى أديب الذي سمي لتشكيل الحكومة بتأليفها بسب الانقسامات السياسية.
وواجه تشكيل الحكومة عقبات، أبرزها التمسك بحقيبة وزارة المالية من طرف الثنائي الشيعي، وهما “حركة أمل” برئاسة نبيه بري، و “حزب الله”، حليف النظام السوري وإيران.
وبعد اعتذار أديب، منح ماكرون في 27 سبتمبر مهلة جديدة للقوى السياسية من “أربعة إلى ستة أسابيع” لتشكيل حكومة، متهماً الطبقة السياسية بـ”خيانة جماعية”.
العرب