انطلقت صباح أمس الأربعاء أعمال «المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين» السوريين الذي نظمه النظام «بمشاركة نحو 27 دولة و12 منظمة دولية غير حكومية» وفق ما ذكرته وسائل إعلام النظام السوري.
إضافة إلى الإمارات وعُمان، اللتين لا وجود فعليا للاجئين سوريين فيهما، حضر لبنان، الذي أعرب رئيسه ميشال عون عن أمله في «حل سريع يحقق عودة اللاجئين السوريين» إلى بلادهم «لا سيما وأن مناطق عدة في سوريا باتت مستقرة بعد انتهاء القتال فيها» ولم ينس عون، بهذه المناسبة، التذكير بوجود نصف مليون لاجئ فلسطيني، معتبرا وجود هؤلاء جميعا، سببا في الأزمة الاقتصادية لبلاده.
بدأ المؤتمر بكلمة لرئيس النظام السوري بشار الأسد شكر فيها أصدقاءه الروس والإيرانيين «على ما بذلوه من جهود في هذا الشأن» مشيرا إلى أن «الأغلبية الساحقة» من السوريين في الخارج «باتوا راغبين في العودة إلى وطنهم».
تؤهل التصريحات الآنفة المؤتمر المنصوب في دمشق ليكون مناسبة دولية لإهانة اللاجئين عموما من السوريين والفلسطينيين، كما لإهانة المواطنين ممن لا زالوا موجودين على الأراضي السورية، سواء النازحين الذين هجروا من ديارهم وأعدادهم بالملايين، أو المقيمين في «المناطق الآمنة» المزعومة، والذين يعانون، إضافة إلى قلة الأمن، أزمات الخبز والبنزين والكهرباء والغاز والفقر، الذي جعل سوريا في المرتبة الأخيرة (188) بين دول العالم في ترتيب الدول عالميا حسب دخل الفرد السنوي، وهو أيضا في ذيل قائمة الدول غير الآمنة في العالم، إلى جانب اليمن وأفغانستان والعراق.
وإذا كان الرئيس اللبناني يتجاهل حقيقة أن اللاجئين فروا من بلدهم للنجاة بحيواتهم، كما يتجاهل وقائع مثبتة على أن النظام يقوم بالانتقام ممن يعودون منهم، وقد تم توثيق اعتقال المئات منهم، فإن بشار الأسد يتجاهل الواقع السوري برمّته، فيشكر الروس والإيرانيين الذين ما زالوا، حتى الآن، يشاركون النظام في العمليات الحربية، وكانوا، منذ عشر سنوات وحتى الآن، أكبر المساهمين في الآليات التي أدت، وما تزال، إلى نزوح ولجوء الملايين من الشعب السوري.
تساءل ناشطون، بمناسبة المؤتمر المذكور، لماذا لا يعيد النظام السوري المعتقلين إلى بيوتهم وأهاليهم قبل أن يدعو اللاجئين للعودة، وتداول البعض، بهذه المناسبة، صور تركيب أقفاص حديدية للسوريين الذين ينتظرون في طوابير للحصول على خبز، وهو ما يعيد التذكير في أن سوريا، في ظل النظام الحاكم، لم تعد سوى قفص حديدي كبير، لم يبق فيه غير القادرين على السفر، والضحايا الذين يسجنهم النظام، من جهة، أو المستفيدين من النظام، والجلادين الذين يعملون على خدمته.
القدس العربي