جولة بومبيو: عشرة أيام لن تهز العالم

جولة بومبيو: عشرة أيام لن تهز العالم

أبى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا أن يكون تعنته في عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية مقترناً بحماقات دبلوماسية دولية عهد بتنفيذها إلى أداته الطيعة وزير الخارجية مايك بومبيو، خلال جولة الأخير الخارجية التي سوف تمتد على عشرة أيام وتشمل زيارات إلى فرنسا وتركيا وجورجيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي والإمارات وقطر والسعودية. ومن الطريف الإشارة أولاً إلى أن جميع قادة هذه الدول هنأوا للتو الرئيس المنتخب جو بايدن، في حين أن بومبيو نفسه لم يعترف بعد بهذا الفوز بل أثار دهشة بالغة حين انفرد بتصريح يقول إن انتقالاً سلساً سوف يتم نحو إدارة ترامب الثانية.
ليس أقل إدهاشاً أن جولة بومبيو تستهدف إحياء مشكلات قديمة أو إثارة خلافات جديدة وليس ترميم الخرائب الدبلوماسية التي خلّفها رئيسه ترامب خلال السنوات الأربع التي قضاها في رئاسة أمريكا. ففي فرنسا على سبيل المثال الأول سمع بومبيو اعتراض الإليزيه على نوايا ترامب في سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، وكذلك تصعيد الضغوط على إيران عن طريق فرض حزمة جديدة من العقوبات. وفي تركيا قوبل بالرفض طلبه الاجتماع مع الرئيس التركي أو وزير الخارجية، وذلك لأنه استبق الزيارة بالإعلان عن أنها تستهدف إثارة مسائل الحرية الدينية خلال الاجتماع مع البطريرك المسكوني الأرثوذكسي برثلماوس الأول. ولم تكن أجواء جورجيا أقل بروداً، بالنظر إلى أن تبليسي اعتبرت زيارة المساندة هذه ضئيلة الأثر ومتأخرة التوقيت.
وأما في المحطة الرابعة فإن القمة التي يعقدها بومبيو اليوم في القدس المحتلة، بمشاركة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، فإنها لن تضيف جديداً إلى مسلسل انحياز إدارة ترامب المطلق إلى دولة الاحتلال، والذي بدأت حلقاته من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراض محتلة في الجولان ومستوطنات الضفة الغربية والتطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان. الجديد الذي سوف تنطوي عليه المحطة الرابعة من جولة بومبيو فهو زيارة مستوطنة بساغوت غير الشرعية حسب القانون الدولي، في سابقة هي الأولى لأي وزير خارجية أمريكي.
وإذا كانت زيارة الدوحة تستهدف طلب المزيد من جهود الوساطة القطرية في المفاوضات الأمريكية مع الطالبان، فإن محطة الإمارات والسعودية سوف تكون أقرب إلى عزاء محمد بن زايد ومحمد بن سلمان بقرب رحيل ترامب، الذي تقربا منه وتزلفا إليه وأغدقا على إدارته مئات المليارات من عقود السلاح، واشتريا صمته على جرائم الحرب التي يرتكبانها في اليمن أو في ليبيا، أسوة بانتهاكات حقوق الإنسان وتصفية المعارضين جسدياً. وليس خافياً أن بعض طغاة الشرق الأوسط، وبينهم عبد الفتاح السيسي «الدكتاتور المفضل» لدى الرئيس الأمريكي، لم يكونوا سعداء أبداً بهزيمة ترامب ويصح بالتالي أن يتقبلوا المواساة فيه من وزير خارجيته الذي باتت أيامه معدودة بدوره.
عشرة أيام سوف تستغرقها جولة بومبيو، لن تهز العالم ولن يكون لها أي أثر يُذكر في ما سيسجله التاريخ عن هذه الإدارة، ما خلا ربما أنها ستسبغ المهزلة على المأساة التي تشهدها الولايات المتحدة منذ أن انتهت الانتخابات الرئاسية إلى فوز بايدن وامتناع ترامب، وافتضاح الكثير من عيوب الديمقراطية الأمريكية.

القدس العربي