إفلاس سياسي بامتياز

إفلاس سياسي بامتياز

بتغريدة على تويتر زف مسؤول “هيئة الشؤون المدنية” حسين الشيخ نبأ عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وبين دولة الاحتلال رداً على رسالة من مسؤول عسكري في وزارة الأمن الإسرائيلية، الميجر جنرال كميل أبو ركن. بنفس هذه “البساطة” وربما الأصح أن نقول “الصلافة”، التي تعاملت فيها دولة الاحتلال مع السلطة الفلسطينية من خلال كتاب لمسؤول عسكري إسرائيلي يوجه لمسؤول مدني فلسطيني، تعاملت السلطة الفلسطينية، في قضية سياسية ووطنية من الدرجة الأولى مع شعبها، بدون أن ترى السلطة ورئيسها، حاجة أو واجب مصارحة شعبها الرازح تحت الاحتلال، بقرارها، بشكل لائق. أثبتت السلطة الفلسطينية من جديد، أن تقديسها للتنسيق الأمني، يفوق قدسية قضية الشعب الفلسطيني وشهدائه وأسراه، ويفوق قدسية الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية في الوطن، بل إن الوحدة الوطنية والوصول إليها، ليسا أكثر من ورقة مساومة لا غير. صحيح أن نوايا السلطة بالعودة للتنسيق كانت باتت مفضوحة في الأسبوعين الأخيرين (لكثرة ما نشرت عنها الصحف الإسرائيلية بالذات)، كبادرة حسن نية تجاه إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، إلا أن كتاب الرد، الذي حوله الشيخ في تغريداته اللاحقة إلى دليل انتصارات، يبين أن النية كانت مبيتة وجاهزة منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول، قبل الانتخابات الأميركية بشهر كامل، مما يشي بأن الإعلان عن الخطوة لم يكن بفعل “الانتصارات” الوهمية التي يحاول الشيخ نسبها لجهود الرئيس محمود عباس، بقدر ما هو نتيجة توقيت اختارته حكومة الاحتلال، للرد على استيضاحات طلبتها السلطة الفلسطينية نفسها من منسق أنشطة حكومة الاحتلال. هذه الخفة التي تعاملت فيها السلطة الفلسطينية مع قضية بهذا الحجم تعكس حجم الإفلاس السياسي لسلطة باتت منقطعة كلياً عن هموم شعبها، وعن إرادته وحقه بالتحرر من نير الاحتلال. كما تعكس إفلاساً وطنياً لا يقل خطورة، يتمثل بتفضيل التنسيق مع دولة الاحتلال على الوحدة الوطنية مع أبناء الشعب الواحد في الوطن المحتل. لا يترك هذا القرار البائس في ظروف إعلانه وشكل هذا الإعلان، في أوج مفاوضات مصالحة في القاهرة، شيئاً من المصداقية للسلطة الفلسطينية، كما لا يترك لها، أي شرعية وطنية بعد أن ضربت محادثات الوحدة، ربما لسد الطريق أمام الوصول لانتخابات ديمقراطية تدرك قيادات السلطة انها كانت ستطيح بها من الحكم وتمنح الشعب الفلسطيني أملاً بالتخلص من سلطة لا يهمها إلا البقاء في الحكم.

نضال محمد وتد

العربي الجديد