من يسعى لإحداث “الفوضى” في مناطق السلطة الفلسطينية؟

من يسعى لإحداث “الفوضى” في مناطق السلطة الفلسطينية؟

شهدت محافظات الضفة الغربية خلال الأيام الأخيرة، سلسلة أحداث، تخللها إطلاق النار وإلقاء حجارة وزجاجات حارقة على مركبات ومقرات حكومية، وهو ما أثار تساؤلات حول الجهة التي تقف وراء تلك الأحداث، والغرض منها.
فالجمعة الماضي، أُصيب في مخيم بلاطة، بمدينة نابلس خمسة من عناصر الأمن نتيجة إلقاء زجاجات حارقة تجاههم “من خارجين عن القانون أثناء تأدية مهامهم في حفظ النظام داخل مخيم بلاطة”، وفق جهات رسمية.
ومنذ سنوات، يشهد مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، اشتباكات بين أجهزة الأمن الفلسطينية ومسلحين، تقول جهات أمنية فلسطينية إنهم يحظون بدعم من القيادي المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان المقيم في دولة الإمارات.
وتعرض مقر محافظة جنين (أعلى جهة رسمية تمثل المدينة وقراها) ليلة الاثنين/ الثلاثاء لإطلاق نار من قبل مسلحين لم تعرف هويتهم، في حين وصف بيان صادر عن المحافظ أكرم الرجوب مطلقي النار بأنهم “ثلة مأجورة من الخونة والخارجين عن القانون”.
كما نُشرت على شبكات التواصل دعوات للخروج في مسيرات في مدينة جنين يوم 25 ديسمبر/ كانون أول الجاري، للمطالبة بتنحي الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال مصدر أمني رفيع: “هناك حالة موجودة نحاربها، ومحمد دحلان له سلوكيات من هذ النوع، ويحاول الدخول إلى المخيمات بالسلاح وغيره”.
وأضاف: “هذا عمل مستدام (الملاحقات الأمنية) بعد صدور قرار الرئيس بتغليظ العقوبة على اقتناء واستعمال السلاح، حيث تم بالفعل إصدار أحكام عالية على البعض”.
ومطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما رئاسيا غلّظ بموجبه العقوبة المفروضة على حيازة السلاح غير المرخص أو استعماله أو تصنيعه أو تهريبه، لا تقل في بعض الحالات عن خمس سنوات.

أدوات محلية ودحلان
أما عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية، فحمّل “أدوات محلية تأثرت مصالحها من ملاحقة السلاح المنفلت واعتقال عددا من مروجيه ومستعمليه”، المسؤولية عن سلسلة حوادث إطلاق النار.
وأضاف، الثلاثاء، في حسابه على فيسبوك: “ظاهرة الاتجار بالسلاح المنفلت الفوضوي والتي أدت إلى قتل الأبرياء في المناسبات، في طريقها إلى الانتهاء عبر خطة قانونية أمنية، وقد وصلت إلى مراحل متقدمة أقلقت كل المستفيدين منها سياسيا وماليا ونفوذا”.
وتابع: “بدأت هذه العصابة بإشغال قوات الأمن والاعتداء على مقراتها والمقرات الرسمية في المحافظات”.
وفي 2 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي أشار الضميري، بإصبع الاتهام صراحة إلى دحلان، وحمله مسؤولة انتشار السلاح في الضفة.
وقال في حسابه الرسمي: “هذه الظاهرة، الفوضى والفلتان، يقوم بتمويلها والدفاع الإعلامي عنها محمد دحلان عبر أموال دولة الإمارات العربية”.
وأضاف: “بعض الأفراد والمجموعات التي يتم اعتقالها وضبطها مع سلاحها، جزء من تمويلها مصدره محمد دحلان في الإمارات، أو شكل من أشكال الاتجار بالسلاح أو المخدرات”.

أسباب وأطراف كثيرة
ويشير الأكاديمي الفلسطيني وأستاذ الإعلام بجامعة القدس أحمد رفيق عوض، إلى “أسباب وأطراف كثيرة” لها يد فيما يجري في الضفة.
وذكر من الأسباب “البطالة، الأفق السياسي المسدود، أطراف غاضبة مما يجري، أطراف لها أجندات وتأتمر بأوامر خارجية، صراعات داخلية، عقليات عشائرية أو جهوية”.
وأضاف: “هناك أطراف إسرائيلية تريد أن تُسقِط السلطة وتضعفها وتفككها بأيدي أبنائها، بما يخدم المرحلة القادمة”.
ويكمل أستاذ الإعلام: “المطلوب أن تصبح السلطة بلا تمثيل وتذهب للمفاوضات وهي ضعيفة، كي يفرض عليها ما لا تريده”.
وتابع: “موجة التطبيع العالية (من دول عربية مع إسرائيل) تحتاج فلسطينيا خاضعا وضعيفا، لإجباره على قبول ما كان يرفضه سابقا”.
وأضاف عوض: “ما يميز المرحلة ثلاثة أمور: فرض قيادات على الشعب بالقوة، أو فرض حلول بالقوة، أو تفجير الساحة الداخلية، والأخيرة تخدم إحلال قادة أو شخوص نعرفهم أو لا نعرفهم”.
وخلص إلى أن ما يجري “مترابط، ويهدف لتفكيك النسيج الاجتماعي وإضعاف السلطة والمساس بهيبتها وربما تفكيكيها بأيدي أبنائها”.

غياب السلطة التشريعية
من جهته يشير، عيسى عمرو، الناشط السياسي ومؤسس تجمع شباب ضد الاستيطان (حقوقي) إلى أن “غياب الديمقراطية والانتخابات، أضعف الحالة الفلسطينية الداخلية”.
وأضاف أن “حصر السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية بأيدي أشخاص وتغليب السطوة الأمنية، جعل بعض القوى السياسية تشعر بالبعد وعدم المشاركة في صناعة القرار”.
وأشار إلى وجود “تحالفات داخلية مع شخصيات أمنية في السلطة، واللجوء لبعض الشخصيات خارج فلسطين”.
وقال إن “دحلان، يحاول نسج علاقات وتحالفات مع بعض المهمشين أو المختلفين مع السلطة، نظرا لحضوره الضعيف، ويسعى لتنظيم بعض القوى بإمدادها بالأموال”.
وذكر عمرو أن “استخدام حركة فتح للسلاح علنا في الكثير من المشاكل الداخلية، دفع الكثير من الفئات للتفكير في اقتناء السلاح كوسيلة لإثبات الذات”.
وخلص عمرو إلى أن الإدارة المدنية (ذراع الاحتلال الإسرائيلي للشؤون المدنية في الضفة) تعمل على “تأجيج الصراع الداخلي”، خاتما حديثه بالقول “دحلان والإدارة المدنية من جهة، والفقر والبطالة من جهة أخرى”.

(الأناضول)