في خطوة تكرّس القطيعة بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، اعتبر رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أنه “لو كنت مكان رئيس الجمهورية ميشال عون لاستقلت، وعلى كلّ المجموعة الحاكمة التنحّي”.
واعتبرت أوساط سياسية لبنانية أن جعجع، الذي كان يتحدّث بعد اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” الذي يرأسه، اختار دخول مواجهة مع ميشال عون الذي يستحيل عليه الإقدام على خطوة مثل الاستقالة نظرا إلى أن ذلك يتعارض مع تاريخه السياسي الذي يتميّز بالعناد ورفض أيّ خطوة تراجع في غياب الضغط العسكري عليه.
وأشارت الأوساط السياسية اللبنانية إلى تجربة سابقة لميشال عون الذي رفض في 1990 مغادرة قصر بعبدا بعد انتخاب رئيس للجمهورية.
وجاء كلام جعجع في ظل انسداد سياسي كامل في البلد عبرّ عنه العجز عن تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري نتيجة إصرار رئيس الجمهورية على اختيار الوزراء المسيحيين وأن يكون لديه الثلث المعطّل داخل هذه الحكومة.
وكان لافتا أن كلام رئيس حزب “القوّات اللبنانية” جاء بعد ثمان وأربعين ساعة من دعوة مماثلة إلى استقالة رئيس الجمهورية صدرت عن زعيم مسيحي آخر هو النائب السابق سليمان فرنجيّة الذي يتزّعم تكتّلا نيابيا.
إلى ذلك، بدأ نواب وسياسيون لبنانيون يبدون مخاوف صريحة من أن ميشال عون سيكون آخر رئيس للجمهورية في لبنان. فقد أعرب النائب ميشال الضاهر، وهو مستقل حاليا ويمثل مدينة زحلة، في حديث إذاعي عن خشيته من أن “يكون رئيس الجمهورية ميشال عون، آخر رئيس للجمهورية في لبنان الذي نعرفه”، معتبرا “أننا في بلد مقسم طائفياً ومذهبياً ولا أتوقع تأليف حكومة قبل شهر مايو المقبل وهذه هي الكارثة”.
وفي حديثه بعد اجتماع لنوّاب حزبه، قال جعجع أيضا إنّ “على الدولة دعم الأسر المحتاجة ولا يحقّ لها مدّ اليد على جيوب الناس لدعمهم، ولذلك نحن ضدّ المسّ بالاحتياطي الإلزامي، أي ودائع الناس”.
وأضاف “الدعم كما عمل على أساسه في السنة الأخيرة جريمة لأنه تمّ تهريب قسم كبير منه إلى سوريا، والقسم الآخر استفاد منه كبار التجار والمستوردين وقسم آخر استفاد منه من لا يحتاج إليه”.
وأشار إلى أنه “إذا لم يُمدّد لشركة كهرباء زحلة، سيُصبح وضع الكهرباء في زحلة كوضع المناطق اللبنانية كافة”.
وقال “أثبت تسلسل الأحداث أن المجموعة الحاكمة غير كفؤة وغير قابلة للحياة من جديد، وأصبحت الأزمة في الفترة الأخيرة أزمة صلاحيات مواقع في حين أنّ المعركة ليست معركة صلاحيات، والمشكلة ليست بين المسلمين والمسيحيين بل في الطبقة الحاكمة التي أوصلت البلد إلى ما نحن عليه”.
ولفت إلى أن “الحلّ الوحيد هو بحصول انتخابات نيابية مبكرة، كي تشكّل السلطة من جديد والأزمة اليوم هي أزمة رجالات غير موجودة”.
وقال “نحن تحت أحكام تشريع الضرورة لأننا في ظل حكومة مستقيلة ورأينا ما حصل في تحقيق انفجار المرفأ، ونحن ارتيابنا مشروع انطلاقاً من أن الحقّ يقع على الكثير من مسؤولي الدولة”.
وزاد “كنّا نتمنّى أن يصل التحقيق المحلّي إلى نتيجة وألا توضع العراقيل في طريقه، ولا يمكن أن نصل إلى الحقيقة إلا من خلال لجنة تقصّ للحقائق”.
وأردف “يجب البدء بتقصي الحقائق من خلال لجنة مختصة، وعلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الطلب من الدول الأعضاء الأصدقاء تقديم طلب للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تقصّي حقائق في جريمة المرفأ، عوضاً عن تقاذف التهم”.
وقبل يومين، اعتبر جعجع خلال لقائه نوابا من البرلمان الأوروبي أن “المشكلة الأساسية في لبنان هي النخبة الحاكمة التي تتألف من حزب الله وجماعة الرئيس ميشال عون”.
ورأى جعجع أنّ “النخبة الحاكمة في لبنان لا تريد لجنة تقصي حقائق في جريمة انفجار مرفأ بيروت لسبب بسيط وهو أن معظم المسؤولين في الدولة لديهم مسؤولية بشكل أو بآخر في انفجار المرفأ ومن الممكن أن تتم محاكمتهم جراء هذا الانفجار”.
ودعا إلى تحقيق دولي في انفجار المرفأ بعد رفض حسان دياب، رئيس حكومة تصريف الأعمال، ومسؤولين آخرين المثول أمام لجنة التحقيق.
واتجهت التحقيقات في قضية مرفأ بيروت نحو طريق مسدود بعد رفض علي حسن خليل وزير المال السابق، وغازي زعيتر وزير الأشغال العامة السابق المثول للاستجواب، في خطوة مشابهة لتلك التي اتبعها حسان دياب.
صحيفة العرب