في ذكرى إحياء مقتل قائد “فيلق القدس”، اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أن “إخراج القوات الأمريكية من المنطقة، سيكون الصفعة الأقوى للرد على اغتيال قاسم سليماني.” وأمرَ ضمناً بالاستمرار في السياسة الخارجية الإيرانية – وهي رسالة تحذير واضحة للرئيس حسن روحاني وشخصيات أخرى دعت بشكل متزايد إلى إجراء محادثات سريعة مع القيادة الأمريكية الجديدة.
في 16 كانون الأول/ديسمبر، ألقى آية الله علي خامنئي كلمة أمام لجنة تم تشكيلها لإحياء ذكرى مقتل قائد “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، الذي لقي حتفه في ضربة عسكرية أمريكية في بغداد قبل نحو عام. وبحضور عائلة سليماني، وضع المرشد الأعلى استراتيجية النظام للانتقام من الهجوم وصنّف مدى خطورة العواقب المختلفة التي قد تعاني منها أمريكا بسبب “غطرستها” في المنطقة. ومع ذلك، فقد فصل بعناية هذه النقاط الجيوسياسية عن الانتقام المحدد الذي ستتخذه إيران كما وعد عن مقتل الجنرال الراحل.
ووفقاً لخامنئي، فإن مظاهرة / جنازة “المليون رجل” التي أقيمت لسليماني والضربة الصاروخية الانتقامية اللاحقة على المنشآت العسكرية الأمريكية في “قاعدة عين الأسد” الجوية كانت بمثابة “صفعات قاسية” على وجه العدو. ومع ذلك، فمن وجهة نظره، ستتمثّل الصفعة الأكثر قسوة في “التغلّب على العظمة الجوفاء للإمبريالية” باستخدام “القوة الناعمة”- وهي مهمّة غير حركية أوكلها إلى فئة الشباب والنخبة العلمية في إيران. وبالنسبة إلى الخطوة التالية على سُلَّم الصفعات التصعيدية، فقد توقّع طرد جميع الأمريكيين من المنطقة، الأمر الذي قال إنه يتطلب جهداً ومقاومة كاملين من الشرق الأوسط بأكمله. غير أنه لم يحدد أي جدول زمني لتحقيق هذه الأهداف النبيلة.
كما وعدَ خامنئي صراحةً بـ”الانتقام” من أولئك الذين أمروا بقتل سليماني ونفّذوه. وعند تحديد المسؤولين الأمريكيين المسؤولين عن اتخاذ القرارات الحركية في المنطقة، عادةً ما ينسب المسؤولون الإيرانيون هذه القرارات إلى الرئيس، وموظفي الأمن القومي التابعين له، والبنتاغون، و”القيادة المركزية الأمريكية”. وبغض النظر عن الجهة التي سيُلقى عليها اللوم في نهاية المطاف في هذه القضية، أعلن خامنئي أن انتقام إيران سيأتي “في أي زمان ممكن … كلما سنحت الفرصة. نحن ننتظر الوقت المناسب”.
وعلى الرغم من قساوة لهجته، إلا أن هذا الخطاب بالذات لم ينص صراحةً على استخدام إيران لمجموعاتها الوكيلة أو وسائل أخرى لتصعيد الوضع وإرغام الولايات المتحدة على الخروج من الشرق الأوسط. على العكس من ذلك، شدّد خامنئي على “صفعة” القوة الناعمة كربما أكثر ردّ مناسب في الوقت الحالي. كما دعا إلى تحقيق تقدم تكنولوجي وعلمي وعسكري متسارع لتعزيز قوة الردع الإيرانية ضد العدو، الأمر الذي يشير أيضاً إلى أن الوقت الحالي قد لا يكون أفضل وقت لمواجهة أوسع.
وفيما يتعلق بالمفاوضات المحتملة مع إدارة بايدن المقبلة، أمرَ خامنئي ضمناً بالاستمرار في السياسة الخارجية الإيرانية – وهي رسالة تحذير واضحة للرئيس حسن روحاني وشخصيات أخرى دعت بشكل متزايد إلى إجراء محادثات سريعة مع القيادة الأمريكية الجديدة. وكجزء من هذا التحذير، حث خامنئي المسؤولين الإيرانيين على عدم تعليق آمالهم على أي تغيير مهم في واشنطن وعدم الثقة بأي من “أعداء” إيران. وتم تطبيق التسمية الأخيرة على كل من أمريكا و “الدول الأوروبية الثلاث تعاملت مع إيران بمنتهى اللؤم والنفاق … تجاه الأمة الإيرانية” – أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وكانت هذه التصريحات معبِّرة بشكلٍ خاصٍّ، لأنّها صدرت في اليوم نفسه الذي أعرب فيه روحاني عن يقينه من عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي وإنهاء العقوبات.
وعلى الرغم من أن خامنئي أوصى بشدة بعدم إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة في هذه المرحلة، إلّا أنه حدّد بعض القواعد الأساسية الضمنية للمحادثات المستقبلية المحتملة. ومن خلال انتقاد الانشقاقات الداخلية في إيران والدعوة إلى تكوين صوت موحد بين الفصائل المختلفة، كان يقول بشكلٍ خاصٍّ إنه حالما يتّخذ النظام قراراً بشأن المسار المتّبَع في المسألة النووية، فسيتعيّن على الجميع اتّباع مساره ودعمه. ومع ذلك، فمن المرجح أن تشهد المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الإيرانية في أيار/مايو قدراً كبيراً من الرسائل المتباينة والمربكة في كثير من الأحيان حول موضوع المفاوضات والعقوبات.
فرزين نديمي
معهد واشنطن