العودة إلى المربع الأول.. ماذا تريد طهران من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%؟

العودة إلى المربع الأول.. ماذا تريد طهران من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%؟

بعد توقف دام نحو 6 أعوام، أعلنت الحكومة الإيرانية، الثلاثاء الماضي، استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في منشأة فوردو (جنوب العاصمة طهران)، وحصولها على أول كمية من المنتج خلال 12 ساعة فقط.

وفيما أعلنت طهران أن خطوتها النووية الأخيرة تأتي تنفيذا لقرار البرلمان القاضي برفع العقوبات الأميركية، والحفاظ على المصالح القومية، أكدت على لسان المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية الإيرانية، بهروز كمالوندي، قدرتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة 40% حتى 60% عندما تقتضي الضرورة.

كشف البرلماني الإيراني البارز “فدا حسين مالكي” عن الهدف الرئيس من رفع بلاده نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20%، في حين قرأت أوساط إيرانية أخرى الخطوة النووية في سياق إرسال رسالة قوية إلى المجتمع الدولي؛ لحثه على الاستفادة من آخر فرصة دبلوماسية والحفاظ على الاتفاق النووي.

وعلى وقع الإدانات الدولية لخفض الجمهورية الإسلامية التزاماتها في الاتفاق النووي للمرة السادسة خلال 20 شهرا، وصف مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية الجنرال حسين دهقان، الخطوة الإيرانية بأنها “ردة فعل من العيار الخفيف” على تخلي بعض الأطراف عن التزاماتهم في الاتفاق النووي.

وأكد دهقان في تصريح صحفي تناقلته وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، أن بلاده تضع جميع الخيارات القانونية على الطاولة بالنسبة لصناعتها النووية، موضحا أنه لا توجد قيود لتخصيب اليورانيوم بنسبة أكثر من 20%، وفق معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

البرلمان الإيراني يعد مسودة مشروع قرار لتعويض الخسائر جراء الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي (الصحافة الإيرانية)
المربع الأول
في غضون ذلك، اعتبر عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، فدا حسين مالكي، خطوة بلاده النووية بمثابة العودة إلى المربع الأول، وإلى ما كان البرنامج النووي الإيراني عليه حتى قبل التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، مؤكدا أن القرار جاء وفق المصالح الوطنية العليا.

ورفض في حديث للجزيرة نت، أن يكون القرار الإيراني ينتهك الاتفاق النووي، مؤكدا أن بلاده لا تريد اتفاقا لم تجن ثماره، وتحملت جراء الالتزام ببنوده خسائر كبيرة، وفق تعبيره.

وأردف “ما نريده من استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% هو إحياء حقوق الشعب الإيراني، ورفع العقوبات، وإلزام الأطراف الأخرى بتنفيذ تعهداتها في خطة العمل المشتركة”، منتقدا الإدانات الدولية للخطوة الإيرانية، مؤكدا أنه كان الأحرى بالمجتمع الدولي التحرك الفوري لرفع العقوبات عن الإيرانيين لا سيما في ضوء تفشي جائحة كورونا.

وكشف مالكي عن إعداد مسودة مشروع قرار في البرلمان الإيراني يلزم الحكومة بالتحرك دبلوماسيا لتعويض الخسائر جراء الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، مؤكدا أن البرلمان لن يسمح للحكومة بالتفاوض على القضايا الدفاعية؛ لكنه يرحب بعودة الإدارة الأميركية المقبلة للاتفاق النووي شريطة الوفاء بكامل تعهداتها فيه، ورفع جميع العقوبات.

اعلان
من جانبه، رأى رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، أن استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% يصب في صالح إحياء مكانة إيران القوية والمقتدرة في مواجهة ناكثي العهود، وسوف يزيد من كلفة انتهاك القوانين.

وفي تغريدة له على تويتر، كتب قاليباف أن بلاده وضعت كسر العقوبات الجائرة وإبطال مفعولها عبر “توليد القوة” على جدول أعمالها، مؤكدا أن زمن نقض العهود وشراء الوقت ولى بدون رجعة.

أصلاني يرى أن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم يرمي للحفاظ على الاتفاق النووي لا القضاء عليه (الجزيرة)
ورقة تفاوض
وأكد الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، عباس أصلاني، في حديث للجزيرة نت، أن الخطوة الإيرانية ترمي للحفاظ على الاتفاق النووي لا القضاء عليه، وذلك عبر إرغام جميع الأطراف بتنفيذ تعهداتها فيه، محملا الولايات المتحدة مسؤولية تضعيف الاتفاق النووي بانسحابها منه عام 2018، وسلوكها سياسة العقوبات والاغتيالات بدلا من الدبلوماسية حيال طهران.

وأوضح أن بلاده أقدمت على رفع نسبة تخصيب اليورانيوم، ليكون ورقة تفاوض مع إدارة الديمقراطي جو بايدن، الذي يرغب بالعودة إلى الاتفاق النووي.

وعبر عن اعتقاده بأن خطوات طهران السابقة وتراجعها تدريجيا عن تنفيذ التزاماتها في خطة العمل المشتركة لم تكن مجدية في حث الترويكا الأوروبية على الوفاء بتعهداتها ورفع العقوبات الأميركية عن إيران، ما أجبر الأخيرة على اتخاذ خطوة جبارة توقظ المجتمع الدولي من سباته.

وشدد على أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% إنما هو رسالة إيرانية قوية للمجتمع الدولي لا سيما الجانب الغربي في الاتفاق النووي؛ لحثه على الاستفادة من آخر فرصة دبلوماسية للحفاظ على الاتفاق، مؤكدا أن إصرار الجانبين الأميركي والأوروبي على توسيع الاتفاق ليشمل برنامج طهران الصاروخي من شأنه القضاء نهائيا على الاتفاق الدولي.

وتأتي هذه التطورات في ظل توتر في الخليج وتحذيرات واتهامات متبادلة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى، وذلك في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب.

 الجزيرة