أبدت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، المنضوية ضمن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، قلقها من إعلان طهران هذا الأسبوع أنها تتقدم في أبحاثها بشأن إنتاج معدن اليورانيوم، داعية إياها إلى عدم المضي في الخطوة التي تشكّل تراجعاً إضافياً عن التزاماتها بموجب اتفاق فيينا.
وأبرمت إيران في عام 2015، اتفاقاً مع القوى الست الكبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين) بشأن برنامجها النووي، سعت القوى الدولية بموجبه إلى أن تضمن سلمية البرنامج وعدم سعي إيران لتطوير سلاح نووي من خلال خفض مستوى أنشطتها، في مقابل رفع العديد من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن عام 2018 انسحاب بلاده أحادياً من الاتفاق وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران التي ردت بعد نحو عام ببدء تراجع تدريجي عن غالبية التزامتها الأساسية بموجب الاتفاق. وأكدت إيران، الأربعاء، أنها أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تتقدم في إنتاج معدن اليورانيوم ليشكل وقوداً لمفاعل طهران للبحوث.
وقالت الدول الأوروبية، في بيان مشترك أصدرته، “نحن، حكومات ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، نعرب عن قلقنا العميق من إعلان إيران أنها تستعد لإنتاج معدن اليورانيوم”. ويثير هذا الموضوع حساسية إضافية نظرا لأن هذا المعدن قابل للاستخدام في تطوير سلاح نووي.
لودريان: من الملحّ أن نقول لإيران “كفى”
في الإطار ذاته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأحد، أن إيران بصدد الحصول على أسلحة نووية و”من الملح القول إن هذا يكفي”، داعياً إلى العودة إلى اتفاقية فيينا التي انسحب منها الرئيس ترمب أحادياً.
وعبّر لودريان في مقابلة مع صحيفة “لو جورنال دو ديمانش”، عن مخاوفه في شأن الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية، داعياً إلى رد فعل فوري وإلى عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية العام 2015 بمجرد تسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن مهماته.
وقال لودريان “إيران- أقول ذلك بوضوح- هي في صدد بناء قدرة نووية”، مضيفاً “هناك انتخابات رئاسية في إيران في منتصف يونيو (حزيران)، لذا من الضروري أن نقول للإيرانيين أنّ هذا يكفي وأن تُتّخذ الترتيبات اللازمة لعودة إيران والولايات المتحدة إلى اتفاقية فيينا”.
وتسرع إيران من انتهاكاتها الاتفاق النووي وبدأت في وقت سابق من يناير (كانون الثاني) خططاً لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى نقاء 20 في المئة في منشأتها النووية فوردو المقامة تحت الأرض.
وكان هذا هو المستوى الذي وصلت إليه طهران قبل إبرامها الاتفاق النووي مع القوى العالمية الذي يهدف لكبح طموحاتها النووية.
وقد تعقد انتهاكات إيران للاتفاق النووي، منذ انسحاب الرئيس ترمب منه في عام 2018 وما تلاه من عقوبات أميركية على طهران، جهود بايدن للعودة إلى الاتفاقية.
ويتولى بايدن السلطة يوم الأربعاء 20 يناير الجاري.
مخالفة المواثيق الدولية
ونص اتفاق فيينا 2015 على أن “تمتنع إيران لمدة 15 عاماً عن إنتاج أو اقتناء فلزات البلوتونيوم أو اليورانيوم أو سبائكهما، وعن إجراء أنشطة بحث وتطوير تعدين البلوتونيوم أو اليورانيوم (أو سبائكهما)”.
ويشير الاتفاق إلى أنه “إذا رغبت إيران، بعد 10 أعوام وقبل انقضاء 15 عاماً، في الاضطلاع بأنشطة بحث وتطوير للوقود المصنّع لفائدة مفاعل طهران للبحوث من فلزات اليورانيوم، وذلك بكميات صغيرة يتفق عليها، تقوم بعرض خطتها على اللجنة المشتركة (للدول المنضوية في الاتفاق) وتلتمس موافقتها عليها”.
ورأت الدول الأوروبية في بيانها أنه “ليس لدى إيران أي استخدام مدني موثوق به لمعدن اليورانيوم”، محذرة من أن “إنتاجه قد تكون له تبعات عسكرية خطرة”.
وشددت لندن وباريس وبرلين على أن “إيران التزمت لمدة 15 عاما، في إطار اتفاق فيينا النووي (المعروف رسميا باسم +خطة العمل الشاملة المشتركة+)، على عدم إنتاج معدن اليورانيوم أو القيام بعمليات بحث وتطوير في مجال تعدينه”، مضيفة “نحض إيران بشدة على وقف هذا النشاط والعودة إلى احترام التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة من دون أي تأخير، إذا كانت جادة في الحفاظ على الاتفاق”. وسبق لمسؤولين في طهران التأكيد أن عودة الجمهورية الإسلامية إلى احترام التزاماتها ستكون سريعة في حال عاد الأطراف الآخرون إلى كامل التزاماتهم.
وكان الهدف الأساسي للاتفاق هو تمديد الوقت الذي ستحتاج إليه إيران لإنتاج مادة انشطارية تكفي لصنع قنبلة نووية من شهرين أو ثلاثة أشهر إلى عام على الأقل.
ورفعت الاتفاقية أيضاً العقوبات الدولية عن إيران.
وقال دبلوماسيون غربيون إن الانتهاكات المتكررة لإيران قللت المدة بالفعل إلى أقل من عام.
وتنفي إيران أي نية لاستخدام برنامجها النووي في صنع أسلحة نووية.
الحرس الثوري يجري مناورات عسكرية
وفي سياق ذي صلة، اختبر الحرس الثوري الإيراني صواريخ باليستية لإصابة أهداف بحرية في المحيط الهندي في ختام مناورات عسكرية امتدت يومين، وفق ما أفاد موقعه الإلكتروني السبت، ووكالة الصحافة الفرنسية.
وأفاد الحرس، في بيان نشر على موقعه “سباه نيوز”، بأن صواريخ “من فئات مختلفة” استهدفت “نماذج من سفن العدو ودمرتها من مسافة 1800 كلم”، وأقيمت المناورات في منطقة في وسط البلاد، وأصيبت الأهداف “شمال المحيط الهندي”.
وأظهرت لقطات مصوّرة عرضها الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي، إطلاق صاروخين على الأقل من منطقة صحراوية، وإصابة هدف في عرض البحر.
اقرأ المزيد
الخارجية الأميركية تفرض عقوبات على إيران وكوبا والصين
إيران والاتفاق النووي… جدل الخروج والبقاء
فيصل بن فرحان من موسكو: إيران تسعى للخراب في المنطقة
وحضر اليوم الثاني من المناورات، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، والقائد العام للحرس اللواء حسين سلامي، وقائد قوته “الجو- فضائية” العميد أمير علي حاجي زاده.
وقال سلامي، وفق ما أفاد “سباه نيوز”، إن “أحد أبرز أهدافنا في السياسات والإستراتيجيات الدفاعية، هو التمكن من استهداف سفن العدو، بما فيها حاملات الطائرات والسفن الحربية، باستخدام صواريخ بالستية بعيدة المدى”.
ونقل المصدر نفسه عن باقري، أن استخدام صواريخ لإصابة أهداف في البحر “يؤشر إلى أنه في حال أظهر أي من الأعداء نوايا خبيثة تجاه مصالحنا الوطنية وطرق تجارتنا البحرية وأرضنا، سندمرهم بصواريخنا”.
وشدد على ألّا نية للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية “لشن أي هجوم، لكنها سترد بقوة وفي أقصر وقت ممكن، على أي خصم يفكر بالاعتداء عليها”.
الثالثة خلال أسبوعين
وكان الحرس أعلن، الجمعة، بدء المرحلة الأولى من مناورات “الرسول الأعظم 15” التي استُخدمت خلالها طائرات مسيّرة لاستهداف منظومات دفاع صاروخية، وإطلاق “جيل جديد” من صواريخ بالستية من طراز “ذو الفقار” و”زلزال” و”دزفول”، وأكد أنها “مزودة برؤوس حربية منفصلة، وبالإمكان توجيهها من الجو، كما أنها قادرة على اختراق دفاعات العدو المضادة للصواريخ”.
وتعد المناورات الصاروخية للحرس الثوري ثالث تدريب عسكري تجريه قوات مسلحة إيرانية خلال أقل من أسبوعين. وأتت في أعقاب تدريبات أجرتها بحرية الجيش الإيراني، يومي الأربعاء والخميس، في خليج عمان، ومناورات للجيش باستخدام صنوف متنوعة من الطائرات المسيرة، في الخامس والسادس من يناير. يأتي ذلك في ظل توتر متزايد مع الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس ترمب الذي اعتمد سياسة “ضغوط قصوى” حيال إيران.
وشهدت العلاقات المقطوعة منذ عقود بين واشنطن وطهران، توتراً إضافياً في عهد ترامب. ووصل البلدان إلى شفير مواجهة عسكرية مباشرة مرتين منذ صيف عام 2019، لا سيما بعد اغتيال اللواء الإيراني قاسم سليماني بضربة جوية أميركية في بغداد مطلع 2020، ومن المقرر أن يتولى بايدن مهماته رسمياً خلفاً لترمب في العشرين من الشهر الحالي.
اندبندت عربي