احتجاجات العراق.. حراك الشارع يسعى لعضوية البرلمان

احتجاجات العراق.. حراك الشارع يسعى لعضوية البرلمان

في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شهدت العاصمة بغداد ومحافظات أخرى وسط وجنوبي العراق، احتجاجات حاشدة في الذكرى السنوية الأولى لحراك شعبي يطلق عليه المتظاهرون اسم “ثورة تشرين”.

وتلك الاحتجاجات هي آخر تجمعات حاشدة تخرج بصورة متزامنة في مدن وبلدات كثيرة وسط وجنوبي البلد الذي يفرض تدابير لمواجهة جائحة كورونا.

حراك ودماء
بدأت الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019 ضد الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة، منذ عام 2003.

وطالب المتظاهرون بمحاربة الفساد وتحسين أوضاع المعيشة والخدمات العامة وتوفير فرص عمل وإنهاء النظام القائم على المحاصصة بين المكونات الأساسية، الشيعة والسُنة والأكراد، وإنهاء تبعية قوى سياسية للخارج.

وصب المحتجون غضبهم على إيران والولايات المتحدة، متهمين الدولتين بدعم الأحزاب العراقية المتهمة بالفساد، وتحويل البلد إلى ساحة صراع بينهما.

وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة النطاق قُتل أثناءها ما لا يقل عن 560 شخصا، إضافة إلى آلاف الجرحى، وفق أرقام الحكومة.

وسقط القتلى، وغالبيتهم الساحقة من المتظاهرين، خلال مواجهات مع أفراد الأمن ومسلحين يشتبه بأنهم من فصائل شيعية مقربة من إيران، تتمتع بنفوذ واسع في العراق.

ونجح الحراك في الإطاحة بحكومة عادل عبد المهدي، المقرب من الفصائل الشيعية، أواخر 2019، وخلفتها حكومة برئاسة مصطفى الكاظمي، رئيس المخابرات السابق، نالت ثقة البرلمان في مايو/ أيار 2020.

رفع خيام الاعتصام
في أعقاب إحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الحراك الشعبي، رفع المتظاهرون خيام الاعتصام تدريجيا من الساحات العامة حتى باتت شبه خالية منها، بعد أن بقيت فيها لمدة عام كامل، رغم تعرضها لهجمات مسلحين وإضرام النيران فيها بشكل متكرر.

ولا يعني ذلك أن الحراك وضع أوزاره نهائيا في العراق، فقد اكتسب النشطاء خبرات تنظيمية على مدى عام كامل من الاحتجاجات، وباتت لديهم كيانات تمثلهم، مثل اللجان المنظمة للاحتجاجات، وبرز بينهم قادة يوجهون المتظاهرين.

واستمرت الاحتجاجات على نحو متقطع في مدن وبلدات عراقية عديدة، وطرح خلالها المتظاهرون مطالب مناطقية خاصة، إضافة إلى المطالب العامة للحراك.

وتركزت المطالب في هذه الاحتجاجات على توفير فرص عمل لخريجي الجامعات والمعاهد وغيرهم، وتحسين الخدمات العامة وإقالة مسؤولين محليين بعينهم.

كما كانت المطالب العامة للحراك حاضرة في تلك الاحتجاجات، وتتمثل في إبعاد الطبقة السياسية والفصائل المسلحة النافذة المتهمة بالفساد والتبعية لدول أجنبية، ولا سيما إيران، وملاحقة ومحاكمة المتورطين في قتل مئات المتظاهرين، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة نزيهة، بعيدا عن سطوة السلاح وتحت رقابة دولية.

امتلاك زمام المبادرة
وعلى مدى أكثر من عام، كانت مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار (جنوب)، إحدى البؤر الساخنة للاحتجاجات.

لكن ما شهدته المدينة في وقت سابق من يناير/ كانون الثاني الجاري، يوحي بأن نشطاء الحراك الشعبي ما زالوا يمتلكون زمام المبادرة.

ففي الثامن من الشهر الجاري، انطلقت احتجاجات حاشدة في الناصرية على خلفية اعتقال نشطاء، بينهم إحسان الهلالي.

وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف ومصادمات بين المتظاهرين وأفراد الأمن، خلفت ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى من الجانبين.

وبعد نحو أسبوع، وضع المتظاهرون حدا للاحتجاجات، بعد أن أطلقت السلطات الأمنية سراح النشطاء المعتقلين بتهمة “الإخلال بالأمن العام”، على خلفية دعوات أطلقوها للخروج في تظاهرات.

كما خرج المئات من متظاهري الناصرية، الجمعة، إلى الشوارع للمطالبة بالكشف عن مصير الناشط “سجاد العراقي”، الذي فُقد أثره منذ نحو أربعة أشهر، عندما اختطفه مسلحون مجهولون من أمام منزله في الناصرية.

تشكيل تكتل سياسي
واتخذ النشطاء أول خطوة لتغيير الوجه العام للحراك الشعبي من احتجاجات في الشوارع والساحات العامة إلى منافسة أخرى في أروقة السياسة.

فخلال مؤتمر صحافي في مدينة السماوة، مركز محافظة المثنى (جنوب)، أعلن نشطاء، الجمعة، تشكيل تكتل سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المبكرة في 10 أكتوبر المقبل.

وقال الناشط البارز في احتجاجات ذي قار، علاء الركابي، خلال المؤتمر، إنه سيتزعم التكتل الذي يحمل اسم “حركة امتداد”.

وأضاف أن الحركة ستكون بمثابة صوت الاحتجاجات الشعبية لخوض الانتخابات البرلمانية المبكرة المقبلة.

وبينما كان يقف بجواره نشطاء من محافظات ذي قار والمثنى وبابل والديوانية، شدد الركابي على أن “حركة امتداد ستعمل على مواجهة فساد النظام القائم في البلاد”.

وتابع أن الحركة ستسعى إلى الحصول على الأغلبية البرلمانية، وبخلاف ذلك فإنها ستتجه إلى المعارضة في البرلمان المقبل.

(الأناضول)