خصص المنتدى الاقتصادي العالمي لدافوس في يومه الأخير جلسة بعنوان “إصلاح نظام التجارة الدولية”، تناولت سبل تكيف نظام التجارة الدولية مع الاضطرابات المستقبلية المحتملة، وكيف يمكن للصناعات والحكومات العمل معاً في عام 2021، لجعل النظام التجاري أكثر مرونة.
وأشار المشاركون في الجلسة إلى تراجع التجارة العالمية بنسبة 9 في المئة في عام 2020، بحسب توقعات منظمة التجارة العالمية، في ظل مواجهة التوترات السياسية واستجابة العالم لجائحة “كوفيد-19”.
بدأت إليزابيث تروس، وزيرة الدولة البريطانية للتجارة الدولية، حديثها في الجلسة قائلة إن “النظام التجاري العالمي كان مضطرباً لبعض الوقت، ما يجعل من الأهمية بمكان مقاومة العالم للحمائية التجارية وتعزيز التجارة الحرة والعادلة”.
وأكدت حرص المملكة المتحدة على العمل مع الدول الأخرى التي تدعم نظام التجارة القائم على القواعد.
وأوضحت أن الرئيس الأميركي جو بايدن أصدر بياناً يؤيد إصلاح منظمة التجارة العالمية ورغبة في العمل متعدد الأطراف لحل بعض هذه القضايا.
وقالت تروس إن المملكة المتحدة هي الآن دولة تجارية مستقلة، وستستخدم رئاستها لمجموعة السبع لتعزيز التجارة الحرة والعادلة، كما أكدت الأهمية الكبيرة التي توليها بلادها للتجارة البيئية.
وأشارت إلى أن الرسوم الجمركية العالمية في المملكة المتحدة أقل، وأكثر خضرة، وأبسط من سابقاتها إلى جانب الترتيبات الثنائية ومتعددة الأطراف، مؤكدة أن المملكة المتحدة تريد أن ترى إصلاحاً تجارياً، بما في ذلك ترتيب آلية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية، وبناء الثقة، بحيث “يمكن للناس رؤية الأشياء غير عادلة”، على حد قولها.
وأوضحت وزيرة الدولة البريطانية أن “من مصلحة الجميع، بما في ذلك الصين، استعادة الثقة في نظام التجارة العالمي والتعددية”. وترى أنه يمكن لاتفاقيات التجارة الثنائية أن تعزز التجارة الحرة والعادلة، وأنها بحاجة إلى دفعة سياسية قوية من الحلفاء ذوي التفكير المماثل.
وتعتقد تروس أن هناك فرصة فريدة في عام 2021 لفرز التجارة العالمية في الفترة التي تسبق المؤتمر الوزاري.
توزيع اللقاحات
وفيما يتعلق بإخطار الاتحاد الأوروبي بصادرات اللقاحات، قالت وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي بوزارة الخارجية الهولندية، سيغريد كاج، التي شاركت في محادثات الجلسة “هذا ليس حظراً على الصادرات، بل إنه محدود زمنياً، ويحتوي على إعفاءات للمساعدات الإنسانية، وتلك اللقاحات، بموجب اتفاقية كوفاكس”.
اقرأ المزيد
تحذيرات من دافوس: صورة قاتمة لسوق العمل في 2021
دافوس: تحذيرات من آلية توزيع “لقاحات كورونا” في العالم
دافوس ينطلق عبر العالم الافتراضي بمشاركة 1200 من قادة الأعمال والحكومات
وأضافت “نعمل على تأمين خطوط الإمداد الأساسية في جميع أنحاء العالم، ليس من الصدق عدم اقتراح عدم تلقيحنا في هولندا في الوقت المناسب”.
وتابعت أن اتفاقية كوفاكس تحتاج إلى مزيد من الدعم والتمويل، مضيفة “نحن بحاجة إلى زيادة الاستثمار في مرافق الإنتاج والتأكد من بقاء خطوط الإمداد مفتوحة”.
وفيما يتعلق بالاتفاقية التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، قالت كاج إنها تستطيع تقدير المخاوف الأميركية في شأن السرعة التي تمت بها الصفقة، موضحة أن لدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عديداً من المخاوف في شأن حقوق الإنسان في الصين.
ورأت أنه لن يتم التصديق على الاتفاقية لفترة طويلة، لكن التركيز يجب أن يكون على العناية الواجبة في سلسلة التوريد.
إصلاح منظمة التجارة العالمية
وفي شأن إصلاح منظمة التجارة العالمية، قالت سيغريد كاج “الآن، أو أبداً، نحن بحاجة إلى استعادة تكافؤ الفرص وإحياء التعددية”. ودعت إلى ضرورة معالجة المساواة بين الجنسين وتفعيل اتفاق باريس ومجالات أخرى إلى جانب التجارة.
ورحبت كاج بالإدارة الأميركية الجديدة، وقالت إن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى التعاون مع إدارة بايدن في شأن التحديات الجيوسياسية والتجارية المشتركة.
تفاصيل استراتيجية المملكة المتحدة الصناعية
وفيما يتعلق بالتهديد بفصل التوريد العالمي، قالت تروس إنها لا تؤيد الحكم الذاتي، لكنها تعمل مع البلدان ذات التفكير المماثل، وقالت إنه نهج استراتيجي مهم يساعد في تشكيل نظام التجارة العالمي.
وأضافت أنه “لا يمكننا السماح للبائعين الذين يدعمون المنتجات بتقويض النظام”، مؤكدة أن الشفافية هي المفتاح، في حين أن المملكة المتحدة ستكشف عن تفاصيل استراتيجيتها الصناعية الجديدة قريباً.
التجارة ليست حلاً سحرياً لجميع الشرور
وبالعودة إلى الإصلاح، أوضحت كاج أنه “يمكننا تعزيز اتفاقية التجارة وضمان حقوق العمال من بين أمور أخرى. نحن بحاجة للتأكد من استيفاء المعايير، وهذه كانت نقطة الضعف. كانت المتابعة والامتثال والتعويض عندما لا يتم الوفاء بحقوقك، وهي نقطة مهمة”.
وأضافت أنه بالنظر إلى الاتفاقيات التجارية الجديدة “نحتاج إلى التركيز على اتفاقية باريس، وإعادة توزيع الثروة وحقوق الملكية”.
التصنيع يمثل ثلثي التجارة العالمية
تلت جلسة التجارة أخرى خصصت لمناقشة مستقبل التصنيع حملت عنوان “إعادة تصور التصنيع من أجل النمو”، وتطرقت إلى عمليات الإغلاق التي شهدتها مصانع العالم بسبب جائحة “كوفيد-19″، وتحدثت عن صدمات الطلب، التي قالت إنها تقوض التقدم الاقتصادي للعالم.
وتناولت الجلسة السياسات والممارسات والشراكات اللازمة لتحويل نماذج التشغيل والأعمال لزيادة الإنتاجية مع خلق قيمة جديدة للشركات والمجتمع والبيئة.
أدار جلسة التصنيع فيجاي فايثيسواران، محرر الأعمال في مجلة “ذي إيكونوميست”، وانضم لمناقشات الجلسة كل من إنريكي لوريس، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “أتش بي”، وجو كايسر الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “سيمنز”، وناجا سواروفسكي رئيس مؤسسة “سواروفسكي”، عضو في المجلس التنفيذي لسواروفسكي المملكة المتحدة، ومارتن لوندستيد الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة “فولفو”.
بدأ فيجاي فايثيسواران الجلسة، قائلاً “مع التطورات الهائلة في التكنولوجيا، من الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى الاتصال والمراقبة عن بعد، ستبقى التقنيات أساسية لإجراء التغيير لإعادة تصميم أنظمتنا لتكون أكثر مرونة، وتتمحور حول الإنسان”.
وأضاف “السؤال ليس ماهية السحر التكنولوجي المتاح، ولكن ما هو مزيج الابتكار جنباً إلى جنب مع نماذج الأعمال الناشئة التي ستضمن أن تؤدي هذه الاختراعات إلى النوع الصحيح من الإنتاجية”.
من جانبه، أوضح جو كايسر، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “سيمنز”، أن التصنيع يمثل ثلثي التجارة العالمية، مؤكداً الأثر الكبير لهذا القطاع على العالم.
وتحدث كايسر عن تقاطع العالم المادي مع نظيره الافتراضي من خلال المحاكاة، قائلاً إنه سيتم تحسين هذا التوأم الرقمي من خلال الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، متوقعاً أن تعود المعرفة مباشرة إلى عملية التصنيع، ما قد يحدث ثورة في العمليات التصينيعة، والتي ستقود لزيادة الإنتاجية بنسبة 40-50 في المئة في التصنيع وطرح منتجات جديدة في السوق.
من جهة ثانية، أشار مارتن لوندستيد، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة “فولفو”، في صناعة المركبات الثقيلة، إلى أن “الخبر السار هو أنهم لا يقومون بالفعل ببناء منصات ذات مقاس واحد يناسب الجميع، ما يشكل تغييراً في طريقة التفكير”.
وأضاف “تعني التكنولوجيا الجديدة مزيداً من المرونة، لكن بالنظر إلى البصمة البيئية للتصنيع وعملية التطوير بأكملها بإمكاني القول إن لدينا 1.2 مليون آلة تزودنا بالبيانات باستمرار، يتم استخدامها لتحسين الخوارزميات، لذا فهي لا تأتي فقط من التصنيع الخاص بنا، ولكن أيضاً من تصنيع عملائنا”. وأضاف “الدرس المهم هو أن الناس يحبون جمع البيانات، ولكنك تحتاج إلى خطة لاتخاذ إجراء من خلالها”.
20 في المئة نمواً في صناعة البيع بالتجزئة
في المقابل، تحدثت ناجا سواروفسكي عن صناعة السلع الكمالية، حيث إن العنصر البشري واللمسي مهم، مشيرة إلى تراجع صناعة الأزياء بنسبة 30 في المئة العام الماضي، ولكن كانت هناك زيادة بنسبة 20 في المئة في صناعة البيع بالتجزئة عبر الإنترنت”.