4 رصاصات في الرأس وواحدة في الظهر كانت كافية لإسكات الصوت الشيعي المعارض لـ”حزب الله” لقمان سليم، الذي عرفته ساحات “ثورة 17 تشرين” والمنابر الإعلامية متحدثاً ضد سياسات حزب الله، وآخرها اتهامه والنظام السوري بالوقوف وراء نيترات الأمونيوم التي أدّت إلى انفجار مرفأ بيروت.
وإذا كان اغتيال سليم يذكّر بسلسلة اغتيالات قادة 14 آذار التي انتهت من دون عقاب، ويؤشّر إلى احتمال فتح باب الاغتيالات السياسية من جديد، فإن الرئيس اللبناني ميشال عون طلب من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة ملابسات جريمة اغتيال سليم التي وقعت في منطقة العدوسية في الجنوب. وشدّد “على ضرورة الإسراع بالتحقيق لجلاء الظروف التي أدت إلى وقوع الجريمة والجهات التي تقف وراءها”.
وكلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي “الإيعاز إلى الأجهزة الأمنية للإسراع في تحقيقاتها لكشف ملابسات جريمة الاغتيال وملاحقة الفاعلين والقبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء في أسرع وقت”، معتبراً ” أن هذه الجريمة النكراء يجب ألا تمرّ من دون محاسبة، وألا تهاون في متابعة هذه التحقيقات حتى النهاية”.
وإذا كان حزب الله التزم الصمت بعد تغريدة مثيرة للجدل لنجل الأمين العام للحزب جواد حسن نصر الله اعتبر فيها أن “خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب بلا أسف”، قبل أن يعود ليحذفها، فإن المكتب الإعلامي المركزي لحركة “أمل” استنكر “جريمة اغتيال الناشط السياسي”، مطالباً بـ”إجراء التحقيق الأمني والقضائي بالسرعة الممكنة توصلاّ لكشف الفاعلين ومعاقبتهم”.
وكانت عملية الاغتيال استدعت عاصفة من ردود الفعل المندّدة، فقد أعرب “حزب الله” عن إدانته “قتل الناشط السياسي لقمان سليم”، مطالبا الأجهزة القضائيّة والأمنيّة المختصّة بـ”العمل سريعا على كشف المرتكبين ومعاقبتهم، ومكافحة الجرائم المتنقّلة في أكثر من منطقة في لبنان، وما يرافقها من استغلال سياسي وإعلامي على حساب الأمن والاستقرار الداخلي”.
وصدر عن” لقاء سيدة الجبل” موقف بارز أدرج الجريمة “في سياق اغتيال كل معارضي سلطة الهيمنة الإيرانية”، معتبراً أنها “تعكس مدى قلق وتوتر الميليشيات المتسلّطة على البلد وخوفها من السقوط نتيجة عجزها عن معالجة الأزمات”.
ولفت إلى “أن الشهيد اغتيل في منطقة نفوذ حزب الله وبالتالي هو المتهم الأساس، فإما أن يخبر اللبنانيين كيف حصلت هذه الجريمة أو يتحمّل المسؤولية المباشرة عنها”. وقال “لبنان تحت حكمين، الأول ورقي دستوري يتمثل بشخص رئيس الجمهورية، أما الآخر أمني عسكري يتمثل بشخص أمين عام حزب الله وكلاهما مسؤول”، سائلاً “هل يمكن أن نعتبر ان هذه الجريمة المروعة هي الرد الإيراني على مقتل سليماني وعلى الغارات الإسرائيلية المتصاعدة على قواعد إيران وحزب الله في سوريا؟”.
في المقابل، دعا” التيار الوطني الحر” إلى “عدم استغلال هذه الجريمة لإثارة الفتنة خاصّة أن مصطادي الدماء الاعتياديين بدأوا بعملية الاستثمار السياسي”، وأعلن شجبه لـ”أي اعتداء على حرية الرأي والتعبير”، مؤكداً” أن الاغتيال والعنف السياسي أمران لا يمكن السكوت عنهما لبنانياً لأنهما يتنافيان مع معنى تنوّع اللبنانيين”.
وقد تزامن اغتيال سليم مع مرور 6 أشهر على انفجار مرفأ بيروت من دون أن يتم أي تقدم في التحقيقات لناحية كشف المسبّبين والفاعلين الحقيقيين.
وقد دعا وزيرا خارجية فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إلى إعلان النتائج سريعاً في أسباب الانفجار بعيداً عن التدخل السياسي. وأكدا “ضرورة أن يشكّل المسؤولون اللبنانيون حكومة يُعتدّ بها”.
واستنكر “تيار المستقبل” “بأشد عبارات الاستنكار هذه الجريمة النكراء”، وحذّر من “مخاطر العودة إلى مسلسل الاغتيالات واستهداف الناشطين”، فيما اعتبر النائب المستقيل مروان حماده {أن للجريمة توقيعاً واحداً ما زال يلاحقنا منذ اغتيال رموز ثورة الأرز”. وسأل “ألم يحن الوقت لنضع حداً لهذا الإجرام؟ “.ورأى الحزب التقدمي الاشتراكي “أن مثل هذه العمليات الخطيرة، تبعث على قلق مضاعف على الكيان اللبناني”. ووصف نائب القوات اللبنانية عماد واكيم المغدور بأنه “شهيد كل لبنان”. أما الأمم المتحدة فعبّر عن موقفها المنسق الخاص يان كوبيتش مبدياً انزعاجه الكبير لخسارة لقمان بشكل مأسوي، واصفاً إياه بالناشط والصحافي المحترم والصوت المستقل الصادق الشجاع. وقالت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، نجاة رشدي، في بيان، إن “مقتل لقمان سليم المفكر الشجاع والملتزم يشكل خسارة للشعب اللبناني أجمع”. واعتبر رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، أن اغتيال الناشط الشيعي المعارض لـ”حزب الله” لقمان سليم “لا ينفصل عن سياق اغتيالات من سبقه”. وقال في تغريدة عبر تويتر إن “سليم شهيد جديد على درب حرية وديمقراطية لبنان”. وحذرت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، لين معلوف، في بيان، من أن اغتيال سليم “يثير مخاوف من العودة لعمليات القتل المستهدفة”. واعتبرت معلوف أن “سليم ضحية النمط من الإفلات من العقاب الذي استمر لعقود من الزمن، وتسبب ببقاء جرائم قتل النشطاء والصحافيين والمثقفين بلا عقاب”.
وعلّق رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أن “لقمان سليم شهيد الرأي الحر فإذا كان للشر جولة فللحق ألف جولة وجولة”. وأكد سفير الاتحاد الأوروبي إدانة الاتحاد ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان، وطالب بالتحقيق، فيما عبرت السفيرة الفرنسية عن “حزنها العميق والقلق الشديد بعد اغتيال سليم”.
سعد إلياس
القدس العربي