بيروت – أعلنت السفارة القطرية في بيروت عن زيارة لوزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الثلاثاء، إلى لبنان يلتقي خلالها بالرئيس ميشال عون لبحث آخر المستجدات في الشأنين اللبناني والإقليمي.
وذكرت السفارة أن الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني سيعقد مؤتمرا صحافيا في القصر الجمهوري ببعبدا عقب اجتماعه بعون، دون الإشارة إلى باقي المسؤولين الذين سيجتمع بهم خلال الزيارة التي تدوم يوما واحدا.
ويأتي توجه المسؤول القطري إلى بيروت بعد أيام قليلة من زيارة أداها رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري إلى القاهرة حيث كان له لقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسي وعدد من المسؤولين المصريين، فيما بدا أن هناك توجها لأن تلعب مصر دورا في جهود حلحلة الأزمة اللبنانية بعد عقود من الانقطاع.
وترى دوائر سياسية أن زيارة وزير خارجية قطر لا تبدو بريئة من حيث توقيتها وخصوصا أن أجندتها لم تتضمن أي إشارة إلى لقاء مع الحريري. ولا تستبعد هذه الدوائر أن يكون التحرك القطري يرمي إلى مناكفة القاهرة ومحاولة قطع الطريق أمام إمكانية أن يكون لها أي دور مستقبلي هناك.
وتقول الدوائر إن الدوحة تحاول بالواضح تفعيل دورها انطلاقا من بعبدا، وهي تملك من المؤهلات التي يمكن أن تراهن عليها في سياق تثبيت دور لها في لبنان وفي مقدمتها قدرتها على توفير دعم مالي لهذا البلد الذي يعاني من أزمة مالية واقتصادية متفاقمة.
وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في بيروت بعد أيام من زيارة رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري للقاهرة
ونجحت الدوحة على مدى العقود الماضية في نسج علاقات مع جميع مكونات المشهد السياسي في لبنان بما في ذلك حزب الله الذي يبسط اليوم سيطرته على مفاصل القرار ويحمله الشارع الجزء الكبير من المسؤولية عمّا آل إليه وضع البلد.
وكانت الدوحة لعبت دورا أساسيا في العام 2008 حينما احتضنت حوارا بين الفرقاء اللبنانيين انتهى بالتوصل إلى تسوية لأزمة سياسية حادة تخللتها أحداث عنف واستمرت لنحو 18 شهرا.
وتوضح الدوائر أن قطر قد ترى أن اللحظة مناسبة حاليا لتفعيل دورها على الساحة اللبنانية ولمَ لا تحقيق “اتفاق دوحة 2”، لاسيما مع تسجيل عودة وإن كانت خجولة للاهتمام الدولي بلبنان، معتبرة أنه من غير المستبعد أن يكون هناك تنسيق قطري – تركي للتحرك في هذا الشأن والغرض هو تحقيق انتصار دبلوماسي يحسب لهما إقليميا ودوليا وأيضا قطع الطريق أمام عودة الاهتمام المصري بالساحة اللبنانية.
وجدير بالذكر أن آخر زيارة أجراها وزير خارجية قطر إلى لبنان كانت يوم 24 أغسطس 2020 بعد انفجار مرفأ بيروت الذي خلف المئات من القتلى والجرحى.
ويواجه لبنان أزمة مركبة انطلقت في العام 2019 وتفاقمت مع انفجار مرفأ بيروت، حيث يسجل البلد منذ ذلك الحين حالة من الشلل السياسي على خلفية عجز الفرقاء اللبنانيين عن تشكيل حكومة جديدة بعد نحو 6 أشهر على استقالة حكومة حسان دياب. ويترافق ذلك مع انهيار دراماتيكي للوضعين الاقتصادي والمالي.
وبلغت الأزمة السياسية في لبنان مرحلة لي ذراع بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف وسط تبادل للاتهامات في ما بينهما حول المسؤولية عن استمرار الأزمة الحكومية. وسبق أن أقر حزب الله بأن معضلة عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة جديدة تكمن في الداخل وأن التأثير الخارجي محدود، مشددا على أن المسألة مرتبطة أساسا بالرئيسين عون والحريري.
ويرى مراقبون أن محاولة قطر النسج على منوال اتفاق الدوحة السابق يبدو أمرا صعبا؛ ذلك أن الوضع الإقليمي حينها كان مختلفا، ففي ذلك الوقت كان هناك دفع عربي قوي لإنجاح ذلك الاستحقاق، كما كانت هناك إرادة محلية أنتجت جملة من التنازلات، وهو ما لا يبدو متوفرا حاليا في ظل شكوك متزايدة حيال عدم رغبة حزب الله في كسر الجمود الحاصل بانتظار ما يحدث على خط واشنطن – طهران.
العرب