طارق الأوس: من قارب في البحر إلى طموح عضوية البرلمان الألماني

طارق الأوس: من قارب في البحر إلى طموح عضوية البرلمان الألماني

برلين – قبل خمس سنوات عبر طارق الأوس البحر المتوسط في قارب وسافر شمالا عبر البلقان باتجاه ألمانيا، هربا من الحرب الأهلية في وطنه سوريا وبحثا عن ملاذ آمن.

ومنذ ذلك الحين تعلم هذا الشاب البالغ من العمر 31 عاما اللغة الألمانية، ووجد وظيفة ثابتة وأطلق لتوه حملة للترشح لمقعد في البرلمان في سبتمبر الماضي.

وقال الأوس لوكالة أسوشيتد برس في تجمع لدعم طالبي اللجوء خارج مبنى الرايخستاغ في برلين “أنا أول لاجئ من سوريا يترشح للبرلمان. أريد أن أعطي صوتا للاجئين والمهاجرين في ألمانيا وأن أناضل من أجل مجتمع متنوع وعادل للجميع”.

وانضم الأوس إلى حزب الخضر العام الماضي، وهو مرشح في دائرة أوبرهاوزن – دينسليكين البرلمانية في غرب ألمانيا.

وفي سوريا شارك في احتجاجات سلمية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد أثناء دراسته القانون في جامعة حلب، كما انضمّ تطوّعًا إلى مجموعة الإغاثة التابعة للهلال الأحمر خلال الحرب الأهلية وساعد على تسجيل اللاجئين النازحين داخليا.

وفي 2015 -إثر تزايد وحشية الحرب في سوريا- كان الأوس يواجه التجنيد في الخدمة العسكرية بعد التخرج، فقرر الفرار إلى “مكان يمكنه فيه العيش في أمان وكرامة”.

وبُعَيْدَ وصوله إلى دورتموند في غرب ألمانيا في الثالث من سبتمبر 2015 أصبح نشطا مرة أخرى.

وبعْد أن حُشر في صالة ألعاب رياضية مع ستين شخصا، “أين لا يمكن لأحد أن ينام إذا كان طفل واحد يبكي”، ساعد الأوس على تنظيم احتجاجات ضد تلك الأوضاع. ويعمل الآن مستشارا قانونيا لطالبي اللجوء في منظمة غير حكومية في برلين ويقسم وقته بين العاصمة ومدينة أوبرهاوزن في دائرته الانتخابية.

وقال الأوس “أريد أن أساعد على تحسين ظروف اللاجئين المعيشية في ألمانيا. ليس من المقبول أن يكونوا على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية في ظروف محفوفة بالمخاطر، ويغرقون في المتوسط ويضطرون إلى العيش في مخيمات ضخمة في ألمانيا، في حين يلتقي وزراء الداخلية الأوروبيون لإيجاد سبل لإبقائهم خارج التكتل أو ترحيلهم عنه”.

وبحلول نهاية سنة 2020 كان أكثر من ثمانين ألف سوري يعيشون في ألمانيا، لم يتقدم معظمهم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية بعد. ويعد الأوس أحد الأوائل الذين حققوا الشروط المسبقة لتقديم طلب للحصول على الجنسية، وهو واثق من أنه ستتم الموافقة على ذلك قبل يوم الانتخابات في السادس والعشرين من سبتمبر.

وفي ألمانيا هناك 21.2 مليون شخص من أصول مهاجرة -من بين 83 مليون شخص- انحدروا من تركيا في المقام الأول، وكذلك من البلقان والاتحاد السوفييتي السابق وبولندا. ويمثل الوافدون الجدد من سوريا وأفغانستان والعراق، وغيرهم من اللاجئين الذين جاءوا قبل ذلك بكثير، حوالي 1.8 مليون شخص.

ولكنّ السكان الذين من خلفيات غير ألمانية لا يزالون ممثلين تمثيلا محدودا في العديد من المؤسسات، بما في ذلك البرلمان؛ فمن بين 709 مشرعين تولوا مناصبهم في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة في 2017 كان 58 فقط -أي 8.2 في المئة- من أصول مهاجرة، وفقا لمجموعة تتابع قضايا المهاجرين في ألمانيا.

وهذا هو السبب الأكبر الذي جعل الأوس يجد مكانه ضمن الخضر، وهو حزب يضغط من أجل اندماج أفضل للمهاجرين بالإضافة إلى القضايا البيئية، ويفتخر بانتماء ما يقرب من 15 في المئة من نوابه إلى أصول مهاجرة.

وقالت بيتي ستوك – شروير، وهي المتحدثة باسم حزب الخضر في أوبرهاوزن – دينسليكين، إن “طارق مرشح يدعو إلى العدالة الاجتماعية والمساواة لجميع البشر”.

ولألمانيا نظام انتخابي معقد يعطي مواطنيها صوتين لكل واحد، واحدا لممثل الدائرة الانتخابية المنتخب مباشرة والآخر لقائمة حزبية. ويواجه الأوس صراعا شاقا من أجل الفوز في الانتخابات ليصبح نائبا منتخبا بشكل مباشر، إذ تفوز الأحزاب الكبيرة التقليدية في ألمانيا بمعظم تلك المقاعد. ولكن لا يزال بإمكانه دخول البرلمان إذا تبوّأ مكانة بارزة في قائمة الحزب الإقليمية.

وهذا يعني أنه يحتاج إلى أن يصوت الحزب لوضعه على رأس قائمة المرشحين من ولاية شمال الراين وستفاليا، أين تقع دائرته الانتخابية، عندما يقرّ قائمة المرشحين للبرلمان الوطني في الربيع. ويعمل فريق حملته الانتخابية الحالي بجد لمساعدته على الوصول إلى هناك. ويدعمه عدد قليل من المتطوعين، معظمهم من الشباب والمتحمسين مثله، ويجيب عن أسئلة ميدانية من وسائل الإعلام، ويحافظ على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي نشطة بالصور والفيديوهات التي ينشرها بصفة دورية.

وانضم الأوس السبت الماضي إلى احتجاج أمام الرايخستاغ ضد ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى بلدانهم الأصلية. وانطلقت موسيقى الريغي من مكبرات الصوت بينما رفع حوالي 200 شخص لافتات كتب عليها شعار “لا أحد غير قانوني”، وطالب المتحدثون بفتح الحدود للاجئين.

وقال الأوس “أريد إحداث تغيير سياسي في البرلمان”، وتجاوزت نظراته المتظاهرين ووقعت على مبنى الرايخستاغ الذي تحمل واجهته شعار “إلى الشعب الألماني”.

وأضاف “أريد أن أطرح وجهة نظر غير الممثلين على البرلمان هناك”.

العرب