تشير الكثير من التقديرات والتكهنات إلى إمكانية لجوء القضاء والحكومة التركية لحظر حزب الشعوب الديمقراطي الحزب الكردي الرئيسي في البلاد وذلك في ظل تزايد الاتهامات له بتشكيله “الواجهة السياسية” لتنظيم العمال الكردستاني، عقب إعدام التنظيم 13 تركياً شمالي العراق وما خلفه ذلك من ارتدادات كبيرة جداً على الداخل التركي.
ومنذ سنوات، تتهم الحكومة التركية حزب الشعوب الديمقراطي الكردي أكبر الأحزاب الكردية في البلاد بأنه يشكل “الواجهة السياسية” لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في البلاد، وشنت سلسلة عمليات واسعة طوال السنوات الماضية ضد التنظيم وتقول إنها عثرت على أدلة واسعة تثبت وجود تعاون بين الحزب وتنظيم العمال الكردستاني.
وحزب الشعوب الديمقراطي يمتلك ثالث أكبر كتلة في البرلمان التركي الحالي تضم 58 نائباً بعد حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يمتلك 291 مقعداً، وحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة الذي يمتلك 138 مقعداً، وهو أيضاً يمتلك حصة أكبر من حزب الحركة القومية الذي لديه 49 نائباً في البرلمان.
وتصاعدت التلميحات والضغوط لحظر حزب الشعوب الديمقراطي عقب إقدام تنظيم العمال الكردستاني على إعدام 13 تركياً كان يختطفهم في مغارة بمنطقة غارا شمالي العراق، حيث اتهم سياسيون أتراك مختلفون الحزب بالتواطؤ مع العمال الكردستاني والتردد في إدانة الجريمة.
والإثنين، هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقوة حزب الشعوب الديمقراطي معتبراً أن كل ما يحاول تشكيل واجهة سياسية للعمال الكردستاني أو التغطية عليه في البرلمان أو القيام بدعاية مساندة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي “هو شريك في جريمة قتل المواطنين الـ13 ويداه ملطخة بالدماء”.
من جهته، نشر رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية فخر الدين ألطون فلما قصيرا بعنوان “الشعوب الديمقراطي يعني العمال الكردستاني” باللغتين الإنكليزية والتركية حاول من خلال الفيديو إيصال رسالة للغرب بأن الشعوب الديمقراطي “تنظيم إرهابي يعمل جنباً إلى جنب مع العمال الكردستاني”.
وفي تصريح آخر، قال ألطون: “هناك أسئلة صعبة يجب الإجابة عليها اليوم لا سيما من قبل حزب الشعوب الديمقراطي الذراع السياسي لمنظمة بي كا كا الإرهابية في تركيا”، مضيفاً: “أليس لديكم شيء من الخجل؟ أتخشون من أسيادكم المسلحين لدرجة لا تستطيعون فيها إدانة الجريمة ضد الإنسانية؟ صمتكم يعني موافقتكم الضمنية ومشاركتكم في الجريمة”.
والإثنين، أعلنت وزارة الداخلية التركية، توقيف 718 شخصاً قالت إنهم يشتبه بانتمائهم ودعمهم للعمال الكردستاني، في حين أكدت مصادر مختلفة أن معظمهم أعضاء في حزب الشعوب الديمقراطي، وذلك في العملية التي نفذتها وحدات واسعة من الأمن التركي في 40 محافظة مختلفة، ومن بين المعتقلين رؤساء فروع حزب الشعوب الديمقراطي في عدة ولايات وأقضية.
وبالتزامن مع ذلك، فتح المدعي العام في العاصمة أنقرة تحقيقاً بحق اثنين من نواب حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان بتهم تتعلق بكتابات تحريضية حول عملية غارا شمالي العراق، في إطار تحقيقات أوسع فتحت بحق عدد كبير من مسؤولي وعناصر الحزب الذين اتهموا بالترويج لكتابات وروايات داعمة لتنظيم العمال الكردستاني.
وما زال الزعيم السابق للحزب صلاح الدين ديمرطاش يقبع في السجن منذ سنوات حيث يواجه تهماً بدعم الإرهاب يمكن أن تقوده لحكم بالسجن عليه مدى الحياة، كما جرى طوال السنوات الماضية توقيف عشرات من نواب ورؤساء بلديات ومسؤولين محليين ينتمون للحزب بتهم تقديمهم الدعم لتنظيم العمال الكردستاني.
والثلاثاء، طالب دولت بهتشيلي زعيم حزب الحركة القومية وحليف أردوغان في الحكم بضرورة أن تسرع الحكومة والقضاء بإجراءات إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، وقال: “بدون إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، بدون كسر أرجل التنظيم الإرهابي في البرلمان (في إشارة إلى الشعوب الديمقراطي) لا يمكن أن ننجح في حربنا على الإرهاب”.
وتعارض واشنطن والدول الأوروبية الإجراءات التي تقوم بها الحكومة التركية ضد حزب الشعوب الديمقراطي وتعتبرها تضييقا على الحريات السياسية والديمقراطية في البلاد، في المقابل ترفض الحكومة هذه الاتهامات وتقول إنها تحارب الارتباطات بين الحزب والعمال الكردستاني الإرهابي، ومن شأن أي قرار بإغلاق الحزب أن يفجر موجة كبيرة من الخلافات بين أنقرة من جهة، وواشنطن وبروكسل من جهة أخرى.
القدس العربي