انتحار حوثي على أسوار مأرب الاستراتيجية

انتحار حوثي على أسوار مأرب الاستراتيجية

تستميت جماعة الحوثي المدعومة من إيران في هجومها على مأرب متجاهلة كل الدعوات الأممية والدولية إلى وقف الهجوم على المحافظة الاستراتيجية التي تحتضن الملايين من النازحين، كما تتجاهل خسائرها البشرية جراء تعرض تعزيزاتها القادمة من صنعاء وذمار إلى قصف جوي مركّز من التحالف العربي لدعم الشرعية. ورغم ما تقوم به الميليشيات بتحريض إيراني مكشوف، إلا أن جلّ محاولاتها تصطدم بمقاومة شرسة من الشرعية ومن خلفها التحالف العربي بقيادة السعودية.

عدن – تتحصّن القيادات الحوثية، ردا على الدعوات الدولية إلى وقف شن هجومها على مأرب والخسائر العسكرية، بإبداء المزيد من الحرص على تحقيق اختراق عسكري سريع، وتقديم المزيد من التضحيات لإحراز انتصار يسبق أي مشاورات سياسية يسوّق لها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وتحظى بدعم أميركي وأوروبي.

وتمثل مأرب واحدة من أكبر العقبات التي اعترضت طريق المشروع الحوثي منذ الانقلاب في سبتمبر 2014، حيث فشلت ميليشيات الجماعة في اجتياح مركز المحافظة والوصول إلى آبار النفط والغاز نتيجة صمود القبائل المدافعة عنها، قبل أن يتدخل التحالف العربي ويوسّع دائرة المناطق المحررة، ويدفع الحوثيين إلى أطراف منطقتي صرواح ونهم.

وشكلت القوات اليمنية المسنودة بالتحالف العربي والمتمركزة في نهم، خطرا يؤرق الحوثيين نظرا إلى المواقع الاستراتيجية التي كانت تطل على صنعاء، لكن تلك الجبهات شهدت انهيارا مفاجئا، مطلع العام الماضي، وتلا ذلك سقوط الجوف بشكل كامل في قبضة الحوثيين من دون أن تعرف الأسباب الحقيقية وراء هذه التحولات العسكرية المتسارعة التي فاجأت الحوثيون أنفسهم، كما يقول مراقبون.

وترافقت الانهيارات في معسكر الشرعية مع تصاعد حدة الصراعات السياسية بين الأطراف المناوئة للمشروع الحوثي، حتى وصلت حالة الاحتقان إلى انفجار المواجهات بين قوات الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في أغسطس 2019 والتي انتهت بسيطرة المجلس الانتقالي على محافظة عدن، وانسحاب قوات الشرعية إلى أطراف محافظة أبين التي تحولت لاحقا إلى مسرح لمواجهات عنيفة بين الانتقالي والشرعية، انتهت بتوقيع الطرفين على اتفاق الرياض.

وشكل هذا المناخ السياسي المضطرب في معسكر المناوئين، بيئة خصبة لتمدد نفوذ الحوثي، ومكّنه من إحراز انتصارات عسكرية متتالية في نهم والجوف والبيضاء، في ظل انشغال الأطراف الأخرى بالصراع الداخلي، الذي تجاهلت أطرافه التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة التي كانت تصب في صالح الحوثيين ومن خلفهم إيران.

يؤكد الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في تصريح لـ”العرب”، أن الميليشيات الحوثية تستميت لتحقيق أي اختراق في جبهات مأرب رغم الخسائر الكبير التي تتكبدها بشريا وفي العتاد العسكري، مشيرا إلى أن الحوثيين منذ اندلاع المعارك العسكرية على أطراف محافظة مأرب تكبدوا خسائر قد تكون هي الأعلى بشريا وفي العتاد العسكري.

ويلفت الجبري إلى أن أحد عوامل هذا “الانتحار الحوثي” على أسوار مأرب يعود إلى عدم اهتمام الميليشيات الحوثية بحجم الخسائر البشرية في صفوفها كونها تزج بأبناء القبائل وتحشد بمختلف الوسائل في مناطق سيطرتها ذات الكثافة السكانية التي تتجاوز 20 مليون يمني.

ويكشف الجبري عن سبب آخر وراء إصرار الجماعة على تكثيف الهجوم على مأرب، حيث يشير ذلك إلى وجود ضغط إيراني على الحوثيين باعتبارهم واحدا من أهم أوراق طهران للضغط على المجتمع الدولي والإدارة الأميركية لانتزاع مكاسب تتعلق بإعادة إحياء الاتفاق النووي.

وقال الجبري “تمثل مأرب مركز ثقل اقتصاديا وعسكريا وسياسيا مهمّا بالنسبة إلى الحكومة الشرعية لأنها المركز الرئيسي لعمليات تصدير النفط والغاز اليمني محليا ودوليا بالإضافة إلى وجود المحطة الغازية الرئيسية للكهرباء فيها”.

وأضاف “عسكريا تشكل مأرب مقرا لقيادة الجيش اليمني الذي يخوض المعارك ضد الميليشيات الحوثية وسيطرة الحوثيين على المحافظة يعني أن الحكومة الشرعية تصبح بلا جيش نظرا لوضع الحكومة المترهل ميدانيا في بقية المحافظات بما فيها المحافظات الجنوبية وهذا يجعل الحكومة الشرعية الطرف الأضعف أمام المجتمع الدولي والإقليمي”.

أما سياسيا، فيرى الجبري أن مأرب تمثل تجمعا سياسيا لنحو مليونين من الخصوم السياسيين للحوثيين نزحوا خلال السنوات الماضية بعد تعرضهم لمضايقات وملاحقات، إضافة إلى أن السيطرة على مأرب تجعل الحوثي يملي شروطه لأي اتفاق سياسي وقد لا يخضع لأي اتفاق ويرفض التعامل مع المجتمع الدولي.

كان عامل الوقت يصبّ في صالح الحوثيين بشكل لافت، ولم تستطع السعودية أن تقنع الأطراف المناهضة للحوثي بأن التوقيت الإقليمي والدولي لم يكن يخدم أهداف هذا الطيف غير المتجانس من المكونات والقوى السياسية، وهو الأمر الذي تفاقم بسرعة بعد فوز جو بايدن بالرئاسة.

وسارعت إدارته إلى إرسال إشارات خاطئة لإيران والحوثيين، ومن ذلك رفع اسم الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية، وتجميد صفقات السلاح لدول التحالف ووقف التعاون العسكري معها في ملف اليمن، وقد استغل الحوثيون حالة الارتباك الأميركية تلك بشكل واضح.

فقد شنّ الحوثيون هجوما عسكريا غير مسبوق على مأرب من عدة محاور، منطلقين من رؤية مفادها أن واشنطن ليست قادرة على تفكيك تعقيدات الملف اليمني وتجاوز حالة “الرومانسية السياسية” في التعامل مع هذا الملف الشائك قبل عام على أقل تقدير، قبل أن تدرك واشنطن أنها أمام جماعة عقائدية لا تؤمن بالصفقات السياسية.

ويؤكد عزت مصطفى، رئيس مركز فنار لبحوث السياسيات لـ”العرب”، أن جماعة الحوثي إضافة إلى سعيها للسيطرة على منابع النفط والغاز في مأرب، تسابق الوقت لاستكمال السيطرة على مركز المحافظة ومنشآتها النفطية تحسبا لأي تفاهمات قد تحدث بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي والصواريخ الباليستية، ويكون مشمولا بالاتفاق فرض تسوية سياسية في اليمن وفقا لذلك.

وعن ارتباط عامل الوقت بالتحولات المتسارعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، يرى مصطفى أن أولويات السياسة الخارجية لإدارة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي وإنهاء الحرب في اليمن، دفعت إيران والحوثيين إلى تصعيد عسكري كبير باتجاه مأرب للسيطرة عليها كمقدمة لتظاهرهما بفك الارتباط بينهما.

وهذا واحد من الشروط الأميركية التي تحاول فيه واشنطن إقناع اليمنيين ودول الإقليم بزوال الخطر الإيراني في اليمن وفق التظاهر المعلن المتوقع من الحوثيين بتخليهم عن التبعية لإيران والذي يريدون أن يترتّب عليه بالمقابل وقف عمليات التحالف العربي.

وليس ذلك فحسب، بل يريدون الذهاب للتفاوض بشأن المسألة اليمنية بينهم (الحوثيون) وبين جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر على تمثيل الشرعية في مشاورات الأمم المتحدة تحت غطاء الشرعية، ما يدعم الاعتراف بالحوثيين كسلطة أمر واقع تسيطر على معظم مناطق شمال اليمن.

وفي المقابل، سيدخل الإخوان المشاورات وقد خسروا آخر معاقلهم في الشمال لصالح الحوثيين، ما سيشرعن سلطة الأمر الواقع الحوثية مقابل إشراك جزئي للإخوان في السلطة بنفس الطريقة التي بنا فيها الحوثيون تحالفا سابقا مع المؤتمر الشعبي العام انقلبوا عليه في ديسمبر 2017.

وأدى توقيع اتفاق الرياض ومن ثم البدء في تطبيق نقاط مهمة فيه إلى نسف هدنة غير معلنة بين الإخوان والحوثيين استفادت منها الجماعة المدعومة من إيران بتهدئة جبهات الحرب ضدها في الشمال وتفرغ خلالها الإخوان لمحاولة السيطرة على عدن وبقية محافظات الجنوب، وقد أدى فشل الإخوان في ذلك إلى انتهاء الهدنة بينهما في وضع قوى طرف الحوثيين وأضعف الإخوان.

يؤكد مراقبون للشأن اليمني أن الجماعة الحوثية اكتسبت خبرة طويلة في استغلال عامل الوقت والتناقضات الداخلية والخارجية والتلاعب بجولات الحوار، لتحقيق مكاسب على الأرض ومن فرضها كأمر واقع.

وهذا التكتيك الحوثي يتكرر اليوم من خلال ترك الباب مواربا أمام المبادرات التي يتبناها المبعوث الأممي إلى اليمن عبر خطته “الإعلان المشترك” التي تتضمن برنامجا زمنيا لوقف إطلاق النار الشامل، والشروع في جولات مشاورات حول الحل النهائي للأزمة.

ويتعامل الحوثيون مع مبادرة غريفيث والدعم الواضح لها من قبل واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي بمرونة عبر الجناح السياسي للجماعة، في الوقت الذي يواصل فيه جناحاها العسكري والعقائدي تنفيذ أجنداتهما على الأرض والدفع بقوات كبيرة نحو محافظة مأرب بهدف اختطاف ورقة قوة جديدة في أي مشاورات قادمة. ولا يبدو أن الجماعة ستفرط فيها بأي من مكاسبها السياسية والعسكرية، بقدر سعيها إلى شرعنة نتائج الانقلاب والحرب.

يشير الباحث السياسي اليمني سعيد بكران إلى أن الاستماتة الحوثية في مهاجمة مأرب تؤكد بلا شك أن الجماعة تبحث عن تحقيق انتصار ربما يحسب في الموازين على أنه إذا تحقق سيكون بمثابة الانتصار النهائي في هذه الحرب.

وقال بكران في تصريح لـ”العرب”، إن “نجاح الحوثي في تحقيق انتصار في مأرب يعني انتهاء ملف الشرعية وانتهاء وجودها في المشهد باعتبار أن المحافظة هي العاصمة الفعلية لشرعية الرئيس هادي وحلفائه من جماعة الإخوان وليس عدن كما هو في الظاهر”.

ويوضح بكران أن مأرب هي مركز القرار الأساسي للشرعية ولتنظيم الإخوان الموالي للرئيس عبدربه منصور هادي، ومن هناك تدار الكثير من الأحداث في الجنوب وتدار أيضا التوجهات السياسية والإعلامية، وبالتالي يرى الحوثي أن جميع الاتجاهات في المعارك في هذا التوقيت بعد التطورات في الخطاب الدولي وخاصة الأميركي تجاه السعودية وحلفائها، وهذا يدفع الحوثي إلى استغلال هذه اللحظة ليحقق الضربة الحاسمة بالنسبة إلى حربه في المناطق الشمالية.

وعن أسباب تعثر الهجوم الحوثي على مأرب وفشله في تحقيق أهدافه حتى الآن يقول بكران، إن هذا المسعى تعثر بسبب الرفض الاجتماعي والقبلي في مأرب لسيطرة الحوثيين، وربما لدواعٍ متعلقة بهوية مأرب المذهبية وهويتها العربية وهويتها القبلية التي تتعارض مع أساسيات المشروع الحوثي وطرق تعامله مع المجتمعات المحلية ومع القبائل ومع تراث المناطق ومذاهبها واتجاهاتها الديني.

ومن هنا يعتقد بكران أن الوضع ما زال مفتوحا على كل الاحتمالات وفي مأرب تحتاج المسألة ليس فقط إلى منع الحوثي من التقدم وإنما إلى قلب المعادلة وتحقيق معادلة جديدة تختلف عن معادلة الأعوام الماضية التي صنعها الإخوان بتحالفهم مع هادي.

ويضيف أن مأرب تحتاج إلى معادلة وطنية جديدة تجمع أجزاء العداء للحركة الحوثية وإلى خطاب تجاه الجنوب وتجاه جميع المناطق، كما تحتاج إلى نهج واصطفاف جديد لا تكون فيه للإخوان المسلمين يد ولا تكون لهم سلطة على المجتمع في المحافظة، كما تحتاج “لصد هذا الهجوم إلى روح مأربية أصيلة تلقى المساندة والدعم من التحالف ومن كل الأطراف الوطنية”.

رمزية ثقافية
إلى جانب سعيها إلى تحقيق انتصار سياسي وعسكري خاطف في مأرب، تبدو الرمزية الثقافية لهذه المحافظة حاضرة بقوة في ذهن القيادات الحوثية التي شكلت لها حالة فشل مزمنة كسّرت من خلالها المحافظة قاعدة القوة التي لا تقهر، حيث فشلت الجماعة في العشرات من المرات في تحقيق أي انتصار في عاصمة اليمن التاريخية ورمز القبلية اليمنية، وحاضنة سد مأرب وعرش بلقيس وآثار الدولة السبئية.

وتبدي الجماعة الحوثية اهتماما استثنائيا بالجانب الثقافي والنفسي والتاريخي في كل معاركها على الأرض التي لا يغيب عنها البعد المذهبي والجغرافي، إضافة إلى ما تمثله مأرب كآخر معقل للشرعية في ما يعرف سابقا بـ”الجمهورية العربية اليمنية”.

وهذا إذا تم استثناء مناطق صغيرة في محافظة تعز لا تشكل أي عقبة حقيقة أمام الحوثيين في حال أكملوا سيطرتهم على مأرب، ودخلوا في أي مشاورات قادمة بصفتهم الطرف الوحيد المتواجد على الأرض في شمال اليمن، وهو ما يعني بالتالي إلغاء دور الأحزاب والمكونات السياسية المحوسبة جغرافيا وتاريخيا على الشمال وحصر الحوار الأخير في إطار الشمال والجنوب، وهو ما يعتبر تغييرا هائلا وحادا وغير مسبوق في معادلة الحرب اليمنية منذ اندلاعها قبل ست سنوات.

يسعى الحوثيون من خلال معركتهم الأخيرة لاستهداف مأرب إلى الحصول على مورد اقتصادي لا ينضب، إذ تعد المحافظة واحدة من أغنى محافظات البلاد نظرا لموقعها الاستراتيجي على الخط الدولي الرابط بين اليمن والسعودية، وحقول النفط والغاز التي تحتويها، والتي تعد كذلك أحد أبرز مصادر تموين المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بالنفط والغاز، حتى خلال سنوات الحرب، في ظل اتفاقيات يشوبها نوع من الفساد وتأثير مراكز القوى في الجانبين.

وقد عمل الحوثيون خلال السنوات الماضية على شراء جزء كبير من احتياجاتهم للغاز المنزلي والمشتقات النفطية الأخرى من محافظة مأرب عبر وسطاء تجاريين، ومن ثم بيع هذه المشتقات في الأسواق السوداء وتحقيق أرباح هائلة تفوق قيمة تلك المشتقات الأصلية عند شرائها من مأرب.

ويمثل هدف السيطرة على منابع النفط والغاز أحد أبرز أهداف الميليشيات والتي ستوفر لها موردا هائلا، بالإضافة إلى استغلال محطة الطاقة الغازية في مأرب التي كانت تزود صنعاء وبعض محافظات الشمال بالطاقة الكهربائية قبل الحرب، ويسعى الحوثيين إلى استغلال تلك المحطة كمورد إضافي بديل عن المحطات التجارية التي تعمل بالديزل في مناطق سيطرتهم والتي تعود مواردها لصالح قيادات الجماعة.

عن الأهمية الاستراتيجية للمحافظة، يقول الباحث والصحافي اليمني عبدالوهاب بحيبح إن محافظة مأرب تكتسب أهمية كبيرة من ناحية موقعها في وسط الجمهورية اليمنية على الجهة الشمالية الشرقية للعاصمة صنعاء، وتحدّها محافظة الجوف شمالا، ومحافظتا شبوة والبيضاء جنوبا، كما تحدّها محافظتا حضرموت وشبوة من الشرق، ومحافظة صنعاء من الغرب، كما تكتسب أهميتها الاقتصادية مما تمتلكه من ثروات نفطية إضافة إلى كونها المنتج والمصدر الوحيد لمادة الغاز في اليمن.

ويشير بحيبح لـ”العرب” إلى فشل الحوثيين منذ الانقلاب في اجتياح المحافظة نظرا للمقاومة الشرسة التي أجهضت هذا التحرك من ذلك التاريخ إلى اليوم.

وعن أسباب فشل الحوثيين في تحقيق أي انتصار في مأرب، يضيف “ما يميز مأرب هو التلاحم القبلي الكبير بين أبنائها، فجعلوا مأرب فوق الانتماء السياسي والقبلي ووضعوا كل الخلافات والمشاكل جانبا، وتوحدوا من أجل الدفاع عن الجمهورية وأهدافها، كما أن مأرب تاريخيا محافظة رافضة ومقاومة للحكم الإمامي العنصري وكانت دوما عصية على مشروعها الكهنوتي”.

وأوضح أن “ما يحصل اليوم هو امتداد طبيعي لتاريخ المحافظة في مقارعة الإمامة. وكل ذلك أهّل المحافظة لأن تكون ملاذاً آمنا للأحرار وللنازحين الذين قدموا من المناطق التي سيطرت عليها الميليشيا الحوثية بعد انقلابها على الدولة اليمنية عام 2014، والذين شكلوا في ما بعد نواة القوة المقاومة ضد الميليشيا والمشروع الإيراني في اليمن”.

ويؤكد بحيبح، وهو أحد أبناء مأرب، أن وتيرة التحشيد الحوثي صوب مأرب خلال العام الماضي خصوصا بعد سيطرتها على نهم والجوف شهدت ارتفاعا ملموسا، ودفعت خلال الأسابيع الماضية بقوة بشرية كبيرة إلى إسناد آليات عسكرية ودعم لوجيستي يتمثل في محاولة لتفكيك القبائل.

وتلك القبائل تعد القوة العسكرية والعقبة الأكبر والمساند الرئيسي للجيش الوطني وحاضنته أمام تمددها وتوسعها وحلمها بالوصول إلى مأرب المعقل الأهم للحكومة الشرعية اليمنية، إلا أن هذه الهجمات البائسة تفشل واحدة تلو الأخرى، وتتكبد على إثرها الميليشيا خسائر كبير جدا في الأفراد والعدة والعتاد.

وعن سرّ هذا الإصرار الحوثي على مهاجمة مأرب يقول بحيبح، إن الحوثيين يرون في مأرب تهديدا رئيسيا لهم، إذ أنها حاضنة للجيش الوطني وكذلك هي البوابة الأقرب لاستعادة صنعاء وإنهاء حكمها، وتعد كذلك مطمعا لهم بفعل ثروتها النفطية والغازية الكبيرة التي يمكن أن توفر أموالا لتمويل حروبهم.

ولفت الباحث والصحافي اليمني إلى أن الحوثيين ينظرون، كما إيران، إلى معركة مأرب على أنها “أم المعارك”، وبالتالي فإنه بالسيطرة عليها سيترتب عليها وضع جديد في اليمن، فالمحافظة العصية هي رأس الارتكاز في مقاومة الجماعة، وإسقاطها يعني سقوط اليمن ككل في حضن إيران.

العرب