التمويل.. العقبة المزمنة لدول الساحل في حربها ضد الإرهاب

التمويل.. العقبة المزمنة لدول الساحل في حربها ضد الإرهاب

نواكشوط – تواجه بلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل في أفريقيا، والتي تتكون من موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، العديد من التحديات على المستوى الإقليمي، ولعل أبرزها تنامي التهديدات الإرهابية والجريمة المنظّمة من قبل جماعات خارجة عن القانون، وتقف عاجزة عن مواصلة مهامها بسبب نقص في التمويلات.

وتمثل قضية التمويل لتجاوز كافة التحديات عائقا كبيرا أمام حكومات المجموعة، التي تأسست في العام 2014 وتهدف إلى التنسيق والتعاون ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية وجذب تمويلات واستثمارات خارجية إلى المنطقة من الدول المانحة وخاصة تلك التي تعمل تحت راية “التحالف من أجل الساحل”.

وهذا التحالف عبارة عن إطار يهدف إلى تقديم الدعم لمجموعة دول الساحل الخمس (جي 5)، وهو يضم الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وهولندا وإيطاليا وبريطانيا ولوكسمبورغ ومصرف التنمية الأفريقي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي، فيما تتمتع دول أخرى بصفة مراقب، بينها الولايات المتحدة والنرويج وفنلندا.

ويؤكد الخبراء العسكريون أن القوة المشتركة لدول الساحل تحتاج إلى ميزانية ضخمة حتى تواصل القيام بمهامها، خاصة وأن الأموال التي حصلت عليها في السنوات الخمس الماضية لم تكن كافية، حيث تشير التقديرات إلى أن تعهدات التحالف من أجل الساحل بلغت حوالي ملياري دولار لكن دول المجموعة الخماسية لم تتحصل إلا على ربعها تقريبا.

ودفعت مشكلة نقص التمويل المزمنة وزير الدفاع الموريتاني حنن ولد سيدي، والذي تحتضن بلاده مقر المجموعة، خلال اجتماع عبر فيديو كونفرانس مساء الأربعاء الماضي إلى دعوة الأمم المتحدة إلى تقديم دعم مالي للقوة العسكرية المشتركة حتى تكون قادرة على مكافحة الجهاديين.

حننه ولد سيدي: الدول الخمس ينبغي أن تستفيد من تمويل مناسب ودائم

وتبدو بواعث القلق واضحة، فقد أكد ولد سيدي أن القوة المشتركة لدول منطقة الساحل الخمس ينبغي أن تستفيد من تمويل مناسب ودائم في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لمساعدتها في مواجهة التحديات المتنوعة وعلى رأسها المتشدّدون.

وتحوّلت دول الساحل وخاصة المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو إلى مستنقع دموي وبؤرة خارج السيطرة بعدما غزاها عناصر تنظيم داعش في الصحراء الكبرى.

وينشط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي في دول الساحل الأفريقي مستغلا الأوضاع الأمنية الصعبة في ليبيا ومالي منذ العام 2011، ووسّع نشاطه لاحقا إلى جانب كل من تنظيم داعش المتطرف وتنظيمات جهادية محلية أخرى في دول بوركينا فاسو والنيجر وتشاد.

ومن حين إلى آخر، تشن الجماعات المتطرفة التي تحالفت في ما بينها، وهي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب وأنصار الدين وجماعة “المرابطون” وانضمت إليها جماعة تحرير ماسينا من قبيلة الفولاني، تحت اسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، هجمات على ثكنات عسكرية وأجانب في دول الساحل.

وبالرغم من وجود قوات مشتركة لتلك الدول تعمل بدعم فرنسي تحت غطاء قوة “برخان” حتى الآن، والتي تضم أكثر من خمسة آلاف جندي، إلا أن دول الساحل لم تتمكن من تطهير المنطقة من المسلحين حتى الآن.

وتمثل القوة المشتركة التابعة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل أحد الهياكل التي أنشأتها بلدان منطقة الساحل في العام 2017 في مجال الأمن، لكنها مع ذلك لا تزال تحتاج إلى تنسيق أكبر في ما بينها وتدريبات عسكرية بوتيرة أعلى حتى تتمكن من إحداث اختراق في جدار هذه الأزمة التي باتت الشغل الشاغل للجميع.

وأكبر ما واجه هذه القوة نقص التمويلات، ففرنسا، التي تحاول الظهور كقوة عظمى لم تف بالتزاماتها المالية تجاه القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل. وكان ذلك أحد

الأسباب الذي دفع تشاد لعدم إرسال 1200 عنصر من قواتها إلى منطقة الحدود الثلاثة كما وعدت بذلك مرارا، إلى غاية قمة إنجمينا في فبراير الماضي.

وتعدّدت العمليات العسكرية التي قادتها فرنسا من سرفال إلى برخان والقوة المشتركة ومينوسما إلى تاكوبا ومع ذلك لم تنه أزمة الساحل. وبينما يعمل قادة دول المجموعة على توفير التحفيز السياسي للقوة المشتركة للقيام بأدوارها على أكمل وجه، بما فيها تأمين التمويلات اللازمة لعملياتها الميدانية، يضطلع وزراء الدفاع في تلك الدول بتحقيق الرقابة الاستراتيجية.

وتتركّز عمليات القوة المشتركة التابعة لهذه المجموعة في المناطق الحدودية وتمتد على ثلاثة أقاليم وهي إقليم الغرب ويقع موقع القيادة الخاص به في مدينة النعمة في موريتانيا، وإقليم الوسط ويقع موقع القيادة الخاص به في مدينة نيامي، عاصمة النيجر، وإقليم الشرق الذي يخضع لقيادة إنجمينا في تشاد.

ويتولى مقر القوة المشتركة في عاصمة مالي باماكو تنسيق أعمال مواقع القيادة الثلاثة، وقد نجحت هذه القوة في تنفيذ العديد من العمليات المشتركة منذ إنشائها، ولا تزال تخطط لتنفيذ المزيد من العمليات خلال العام الحالي وذلك بالنظر إلى استمرار الأخطار التي يتسبب فيها المتطرفون.

العرب