انتهت عصر اليوم الاثنين بنجاح عملية تعويم السفينة الجانحة منذ أسبوع في قناة السويس، واستؤنفت حركة الملاحة في الممر الملاحي الدولى الذي أدى إغلاقه إلى خسائر بمليارات الدولارات.
وأعلن رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع في بيان “استئناف حركة الملاحة بقناة السويس بعد نجاح الهيئة بإمكانياتها في إنقاذ وتعويم سفينة الحاويات إيفر غيفن” (Ever Given)، في الوقت الذي أكدت فيه الشركة المشغلة للسفينة نجاح إعادة تعويمها بقناة السويس.
وعلى الإثر، تراجعت أسعار النفط في الأسواق العالمية. وكانت أسعار النفط الخام قد تراجعت في وقت سابق بعد تعويم جزئي للسفينة، ثم عادت للانتعاش عندما قالت شركة الإنقاذ إن خبراء الإنقاذ قالوا إن المرحلة الأخيرة ستكون “الأصعب”.
لكن بعد ساعات فقط، أعلن عن تعويم السفينة بالكامل، وتراجعت أسعار النفط، في وقت يُرتقب فيه اجتماع لمنتجي منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” (OPEC) الخميس.
ونشرت الصفحة الرسمية لهيئة قناة السويس بثًا مباشرا لتحريك السفينة البنمية الجانحة في القناة.
وقال التلفزيون المصري إن “السفينة البنمية تسير بمحركاتها بسرعة 1.5 عقدة وبتوجيه من قاطرات قناة السويس”.
وقبل دقائق من إعلان ربيع تعويم السفينة وعودة الملاحة في الممر المائي الدولي، أظهرت مواقع تتبّع السفينة وقد عادت إلى الوضع العرضي في القناة.
وأوضح مصدر في قناة السويس طلب عدم ذكر اسمه أن “رياحا شديدة هبت أثناء مناورات التعويم فأعادت السفينة إلى وضع عرضي داخل القناة إلا أن القاطرات تمكنت من ضبط وضعها مجددا ثم تعويمها بالكامل وإعادتها إلى مسارها الصحيح مرة أخرى”.
وبدأت فجر الاثنين عملية تعويم السفينة التي تزيد حمولتها عن مئتي ألف طن بمشاركة أكثر من 10 قاطرات من بينها القاطرة الهولندية “إيه بي إل (ABL) التي وصلت إلى القناة مساء الأحد.
وأعلن ربيع صباحا أن عملية التعويم نجحت في “تعديل مسار السفينة بنسبة 80% وابتعاد مؤخرة السفينة عن الشط بمسافة 102 متر بدلا من 4 أمتار”.
وعلى الفور، أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ”نجاح” العملية الجارية لإنهاء أزمة السفينة الجانحة في قناة السويس، في تغريدة على تويتر.
وكتب السيسي “نجح المصريون اليوم في إنهاء أزمة السفينة الجانحة بقناة السويس رغم التعقيد الفني الهائل الذي أحاط بهذه العملية من كل جانب”.
أكثر من 3 أيام
وتوقّع رئيس هيئة القناة أسامة ربيع أن يستغرق عبور السفن المنتظرة عند مدخلي قناة السويس “3 أيام ونصف (اليوم) تقريبا” بعد تعويم السفينة “إيفر غيفن”.
وقال إن القناة ستعمل “على مدار 24 ساعة” لتتمكن السفن المنتظرة وعددها 425، بحسب موقع “لويدز ليست” (Lloyd’s List)، من العبور في أسرع وقت ممكن.
وجنحت سفينة الحاويات “إم في إيفر غيفن”، وتوقفت في عرض مجرى قناة السويس صباح الثلاثاء فأغلقته بالكامل، مما عطّل الملاحة في الاتجاهين.
بدأ فجر الاثنين تعويم السفينة العالقة التي تزيد حمولتها عن مئتي ألف طن بمشاركة أكثر من 10 قاطرات (الأناضول)
وكانت السفينة البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، تقوم برحلة من الصين إلى روتردام في هولندا.
وأدّى تعطل الملاحة إلى ازدحام مروري في القناة وتشكل طابور انتظار طويل والتسبب في تأخير بالغ في عمليات تسليم النفط ومنتجات أخرى.
خسائر كبيرة
وأشار تقرير لشركة أليانز (Allianz) للتأمين إلى أن اليوم الذي يتعطل فيه نقل البضائع، نتيجة وقف الملاحة بالقناة، “يكلّف التجارة العالمية من 6 إلى 10 مليارات دولار”.
وقالت شركة لويدز ليست إن الغلق يعيق شحنات تقدر قيمتها بنحو 9.6 مليارات دولار يوميًا بين آسيا وأوروبا.
وأشارت لويدز ليست إلى أن “الحسابات التقريبية” تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تُقّدر قيمتها بحوالي 5.1 مليارات دولار، ومن أوروبا إلى آسيا تُقّدر بنحو 4.5 مليارات دولار.
ومن جهته قدّر ربيع السبت الخسائر اليومية لقناة السويس بسبب تعطل الملاحة ما بين 12 و14 مليون دولار.
والسبت عمدت وزارة النفط السورية إلى “ترشيد توزيع الكميات المتوفرة من المشتقات النفطية” لتجنّب انقطاعها، بعدما تأخر وصول ناقلة كانت تحمل النفط ومشتقات نفطية إلى البلاد بسبب إغلاق قناة السويس.
وأعلنت وكالة الصحة الحيوانية في رومانيا السبت أن 11 سفينة محمّلة بالماشية تأثرت بتعطّل حركة العبور. وحذّرت منظمة “أنيمالز إنترناشونال” (Animals International) غير الحكومية من “مأساة” محتملة تهدد نحو 130 ألف حيوان.
بيد أن وزارة الزراعة المصرية أفادت في بيان نشر على صفحة الوزارة على موقع فيسبوك بأنها قررت إرسال فرق خدمات بيطرية وتقديم الأعلاف لها على ظهر السفن “حفاظا على صحة هذه المواشي القادمة من أوروبا إلى الأردن والسعودية”.
الطريق البديل
وقبل تعويم السفينة، قررت شركات ملاحية كبرى مثل “ميرسك” (Maersk) الدنماركية أو الشركة العامة الملاحية “سي إم إيه سي جي إم” (CMA CGM) الفرنسية تحويل بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، الذي يتطلب الدوران حول قارة أفريقيا، وهو ما يعني 6 آلاف كيلومتر إضافية إلى الرحلة بين سنغافورة وروتردام على سبيل المثال.
وأوضح متحدث باسم الشركة الفرنسية لفرانس برس (France Presse) أن “المجموعة قرّرت تحويل خط سير اثنيتن من سفنها المتجهة إلى آسيا إلى رأس الرجاء الصالح، وتدرس خيارات أخرى لعملائها من بينها نقل البضائع على متن طائرات أو عبر خطوط السكك الحديدية”.
ويمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.
المصدر : الجزيرة + وكالات