منذ ديسمبر/كانون الأول 2013، أضافت الصين أكثر من 1200 هكتار إلى جزر في بحر جنوب الصين. والواقع أن التداعيات الجيوسياسية الناجمة عن هذه الجهود المبذولة لاستصلاح الأراضي موثقة بشكل جيد.
فقد حدثت أغلب الأنشطة على جزر سبراتلي، وهي عبارة عن أرخبيل في المياه الواقعة بين فيتنام وماليزيا والفلبين، وجميعها -فضلا عن الصين وتايوان وبروناي- لديها مطالبات متنافسة بالسيادة على هذه المنطقة.
“تتعارض تصرفات بكين في بحر جنوب الصين مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والتي تضمن حق الملاحة داخل مياهه. ومن الواضح أن عسكرتها لجزر سبراتلي تشكل انتهاكا للإعلان بشأن سلوك الأطراف في هذا البحر”
وما لم يحظ بقدر كبير من المناقشة هو التأثير البيئي للمشروع، والذي يكاد يكون كارثيا. ذلك أن الأنشطة التي تقوم بها الصين تعرّض الثروة السمكية للخطر، وتهدد التنوع البيولوجي البحري، وتشكل تهديدا طويل الأمد لبعض أشكال الحياة البحرية الأكثر إبهارا في العالم.
فالآن يجري تدمير ودفن الآلاف من الشعاب المرجانية والحشائش البحرية، وغير ذلك من النظم البيئية في المياه الضحلة، وبسرعة كبيرة، في حين يسارع قادة الصين إلى تعليم حدود مطالباتهم في المنطقة. والواقع أن مشروع استصلاح الأراضي يقوّض الاتصال البيئي بين جزر سبراتلي وبحر جنوب الصين، فيخنق المدد من المواد الغذائية التي تعتمد عليها هذه النظم البيئية.
وعلاوة على ذلك، أدى موقف الصين العدائي -فضلا عن الملكية غير المحددة للمنطقة وثروتها السمكية- إلى الإفراط في الصيد الجائر المدمر، وتدهور الأنظمة البيئية البحرية، وتهديد الأنواع المعرضة لخطر الانقراض، بما في ذلك السلاحف البحرية، وأسماك القرش، والمحار العملاق. فمنذ عام 2010، تناقصت الاحتياطيات من الأسماك في منطقة جزر سبراتلي والجزء الغربي من بحر جنوب الصين بنحو 16%.
إن قرابة 300 مليون إنسان يعتمدون على الموارد البحرية في بحر جنوب الصين لكسب معايشهم، وإذا استمرت الصين على مسارها الحالي فسيتنامى خطر الاضطرابات الاقتصادية على نطاق هائل. ولكن بحر جنوب الصين يُعَد مسطحا مائيا بالغ الأهمية للعالم كله، لا للبلدان المطلة عليه فقط، فهو أحد طرق النقل البحري الدولي الأساسية حيث يربط المحيط الهندي بالمحيط الهادي، وعبره تمر نحو 300 سفينة يوميا، بما فيها 200 ناقلة نفط.
ويتعين على المجتمع الدولي أن يدين عسكرة الصين لجزر سبراتلي وأن يحثها على تغيير مسارها، وبالتالي الحد من خطر الصراع الذي قد يكون أشد تدميرا للبيئة البحرية. وعلى نطاق أوسع، يتعين على كل البلدان المسؤولة عن تدهور وتدمير النظم البيئية في المياه الضحلة بمنطقة بحر جنوب الصين، أن توقف كافة الأنشطة التي تهدد التنوع البيولوجي والإنتاجية الاقتصادية في المنطقة.
“كافة بلدان المنطقة تتحمل المسؤولية عن مراقبة البيئة البحرية والحفاظ عليها وإدارة مواردها. ولكن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق الصين، فالدول الأكثر قوة في العالم لا بد أن تمارس زعامتها من خلال القدوة الحسنة عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي”
يستند ادعاء الصين السيادةَ على جزر سبراتلي وجزء كبير من بحر جنوب الصين إلى ما يسمى الخط الحدودي ذي النقاط التسع، وهو الخط الذي يمتد بعيدا إلى الجنوب من أراضي الصين وكان موضع نزاع متكرر منذ اقترح لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية. وتنتهك جهود استصلاح الأراضي التي تبذلها الصين في الآونة الأخيرة العديد من الاتفاقيات البيئية الدولية، وأبرزها اتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية.
وتتعارض تصرفات بكين في بحر جنوب الصين مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والتي تضمن حق الملاحة داخل مياهه. ومن الواضح أن عسكرتها لجزر سبراتلي تشكل انتهاكا للإعلان بشأن سلوك الأطراف في هذا البحر.
ويلزم هذا الإعلان الأطراف الموقعة عليه (أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا والصين) “بممارسة ضبط النفس في إدارة الأنشطة التي من شأنها أن تعمل على تعقيد أو تصعيد النزاعات والتأثير على السلام والاستقرار”. وهذا يشمل “الامتناع عن تسكين البشر على الجزر والشعاب المرجانية والمياه الضحلة والجزر الصغيرة المنخفضة غير المأهولة في الوقت الحاضر، والتعامل مع الخلافات بطريقة بناءة”.
بعد مرور 13 عاما منذ صدور الإعلان، ينبغي لرابطة دول جنوب شرق آسيا أن تضاعف جهودها الساعية للتوصل إلى اتفاق مع الصين بشأن وضع جزر سبراتلي وبحر جنوب الصين، وينبغي للمجتمع الدولي أن يدعم هذه الجهود.
إن كافة بلدان المنطقة تتحمل المسؤولية عن مراقبة البيئة البحرية والحفاظ عليها وإدارة مواردها. ولكن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق الصين، فالدول الأكثر قوة في العالم لا بد أن تمارس زعامتها من خلال القدوة الحسنة عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي. كما يتعين على الصين أن تحترم التزاماتها وتعهداتها، بدءا بتلك التي تتعلق ببحر جنوب الصين.
___________________
جيمس بورتون ،نغوين تشو هوي
نقلا عن الجزيرة نت