فاجأت تصريحات أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب المشيدة بصواريخ حركة حماس المتابعين للشأن السياسي الفلسطيني باعتبار أن الحركة التي ينتمي إليها تعارض كافة أشكال المقاومة العنيفة وهو ما اعتبر محاولة لاستباق تبدل الأوضاع لصالح حماس خاصة وأن الوضع الحالي يميل لصالح “انتصار” حماس والجميع يريد أن يركب الموجة.
وقال الرجوب الذي التزم الصمت طيلة 11 يوما من الحرب “إن الصواريخ الفلسطينية التي أطلقت من قطاع غزة هزت إسرائيل وعقيدتها الأمنية”.
وأضاف في حديث لتلفزيون فلسطين في وقت متأخر من مساء السبت “نحيّي كل شكل من أشكال المقاومة التي حَصلت، الصواريخ هزت كيانهم (الإسرائيليين) وضربت عقيدتهم الأمنية ما جرى في مدن الداخل (أراضي 48) أنهى شيئا اسمه حياة مشتركة في نظام عنصري وفاشي”.وشدد على أن الحوار الوطني هو الطريق لإنهاء الانقسام الفلسطيني وبناء الشراكة، معتبرا أن الأولوية حاليا “يجب أن تكون التفكير في حكومة وحدة وطنية”.
وذكر أن العلاقة مع حركة حماس لم تنقطع، مضيفا “نحن جاهزون لحوار ثنائي مع حماس أو وطني شامل وعقد مؤتمر للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية”.
وبدأ فجر الجمعة سريان وقف لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل بعد 11 يوما من الحرب.
وترى مصادر سياسية فلسطينية أن الرجوب، في استرضائه لحماس، يريد العودة إلى نائب رئيسها صالح العاروري، لكي يجدد محاولة إقناعها بالائتلاف مع فتح التي باتت حماس تعتبرها شريكا ضامناً للخسارة على مستوى مناصريها وعلى المستوى الانتخابي. لكنّ السياق السياسي لفترة ما بعد الحرب الأخيرة، وتتصدّره الولايات المتحدة، بدأ يتحرك في اتجاه تعويض إسرائيل عن العجز عن تصفية القوة العسكرية لحماس بإشراك السلطة والاتحاد الأوروبي، للضغط على غزة من خلال الاشتراط بأن إعادة الإعمار لن تبدأ في حال بقي وضع غزة على ما هو عليه.
وأشارت المصادر في تصريح لـ”العرب” إلى اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد أشهر من الإهمال، في تأكيد على أن إعادة الإعمار ستجري مع محاولة تكريس حلّ الدولتين في وجود عباس رئيساً للشعب الفلسطيني.
يذكر أن الرجوب كان صاحب مشروع تصالحي مع حماس، أخفق فيه وانقلب ثلاث مرات. الأولى عندما رفضت حماس التشارك مع عباس في تشكيل حكومة، والثانية عندما ألغى الرئيس الفلسطيني الانتخابات بخلاف ما تريده حماس، والثالثة عندما رفضت حماس بعد الإلغاء أن يجري تعويض الانتخابات بحكومة تعوضها على المسار الانتخابي.
ويقول مراقبون إن الحرب الأخيرة التي جرت زادت حماس اقتناعاً بالانتخابات، وهذه هي الفرصة الثانية لها بعد فرصة يناير 2006 عندما استبقت الانتخابات بعملية عسكرية إسرائيلية انتهت بانقلاب الرأي العام على فتح وعلى السلطة ومنيت بخسارة كبيرة.وأعلن عباس تأجيل الانتخابات التي جرى التوافق على مواعيدها هذا العام لعدم موافقة إسرائيل على إجرائها في القدس، وهو قرار رفضته حركة حماس وفصائل أخرى.
لكن محمد مشارقة مدير مركز تقدم للدراسات في لندن يرى أنه “لا يمكن فهم تصريحات الرجوب إلا في إطار الدعاية لشخصه في سياق الصراع الجاري على وراثة قيادة الحركة، فإشادته بصواريخ حماس وفكرة المقاومة المسلحة تتعارضان مع موقف حركة فتح والسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس الذي ما انفك يردد أنه ضد كل أنواع المقاومة العنيفة بما فيها استخدام سكاكين المطابخ”.
وأضاف مشارقة في تصريح لـ”العرب”، “كما أن الرجوب الذي تم تهميشه وإجهاض اجتهاده بالتوافق مع قيادة حماس على الدخول بقائمة مشتركة للانتخابات التشريعية والرئاسية يعيد توجيه الأنظار الداخلية نحو مشروعه للتحالف مع حركة حماس، خاصة بعد المعركة الأخيرة، والتحول الشعبي العاطفي نحو الإعلاء من فكرة المقاومة والرد والانتقام ومواجهة غطرسة القوة الإسرائيلية واستمرارها في مشروع التطهير العرقي في القدس وتطبيق قانون القومية الذي يضع 20 في المئة من الفلسطينيين داخل إسرائيل في الدرجة الثانية دون حقوق مدنية وسياسية متساوية مع نظرائهم اليهود”.
وعبّر عن اعتقاده بأن بنية السلطة الفلسطينية وسطوة أجهزتها الأمنية بالتعاون مع الأمن الإسرائيلي لا تسمحان لتحالف يقلب المعادلة رأسا على عقب بين فتح وحماس في الضفة الغربية والقدس.
وأضاف “سرعان ما ستعود الاعتقالات لكوادر حركة حماس الذين أخذتهم العزة بالإنجاز الكبير الذي تحقق بمضاعفة شعبيتهم في الشارع أمام تردد الموقف الرسمي للحركة والسلطة. كما أن عودة الروح إلى فكرة المفاوضات والمبادرة الأميركية المفاجئة بالحديث عن مؤتمر دولي للسلام بعد عقود من الاستفراد الأميركي تشجعان التيار المتنفذ في السلطة وحركة فتح على التمسك بإبعاد حماس من الصورة، بما في ذلك اشتراط القبول الدولي لحكومة الوحدة الوطنية، بما يعني استبعادا لمشاركة مباشرة لحركة حماس”.
صحيفة العرب