يشكّل توسيع دائرة تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، نقطة وفاق نادرة بين إدارتيْ الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن، وسلفه الجمهوري دونالد ترامب، حيث تخدم العملية التي بدأتها إدارة ترامب وحققت فيها قفزة عملاقة تمثّلت في إقامة أربع دول عربية علاقات طبيعية مع الدولة العبرية، سياسة التهدئة والتخلّص التدريجي من عبء الصراعات وخصوصا في الشرق، التي تنتجها إدارة بايدن.
وعلى هذا الأساس تستأنف الإدارة الأميركية جهودا بدأتها لتشجيع مجموعة من الدول العربية بينها على الأقل دولة خليجية واحدة على توقيع اتفاقات سلام مع إسرائيل، وذلك بعد أن عطّلت الحرب الأخيرة تلك الجهود، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس.
ويعتبر تبنّي اتفاقات أبراهام للسلام انتقالا مشهودا في سياسة الإدارة الديمقراطية في التقارب مع سياسة سابقتها الجمهورية، إذ ترى إدارة بايدن آفاقا مهمة لتوقيع العديد من الحكومات العربية الأخرى اتفاقيات للتهدئة وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكنّ المسؤولين الأميركيين يتحفظون على أسماء البلدان التي يعتبرونها مرشّحة أكثر من غيرها للقيام بالخطوة التي قامت بها من قبل كل من دولة الإمارات والمملكة المغربية ومملكة البحرين.
وبينما يُعتبر السودان مرشّحا فوق العادة لاستكمال التطبيع مع إسرائيل بعد توقيعه إعلانا للنوايا، ينظر “الغربيون منذ فترة طويلة لسلطنة عمان على أنها هدف محتمل”، بحسب الوكالة.
دان شابيرو: مرشح لمنصب مبعوث إلى الشرق الأوسط مكلّف بتنسيق جهود التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل
ولا يبدو أنّ هناك حواجز أمام إمكانية التطبيع بين عُمان وإسرائيل، وهو ما أظهرته على الأقل الزيارة الاستثنائية والمفاجئة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو إلى مسقط في أكتوبر 2018، حيث ظهر إلى جانب سلطان عمان الرّاحل قابوس بن سعيد.
وتدرس إدارة بايدن إرسال السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو إلى الشرق الأوسط، ليقوم بتنسيق جهود توسيع اتفاقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.
ويعمل المسؤولون الأميركيون أيضا على تشجيع المزيد من العلاقات في المجالات التجارية والتعليم وغيرها من المجالات بين إسرائيل والدول العربية الأربع التي أقامت حديثا علاقات طبيعية معها. ويأملون أن يؤدي النجاح الملحوظ هناك إلى تعزيز الاتفاقات الثنائية في المنطقة، بينما تواصل الولايات المتحدة العمل على حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفي العام الماضي أصبحت الإمارات أول دولة عربية تقيم علاقات مع إسرائيل منذ أكثر من عقدين بعد مصر والأردن في عامي 1979 و1994. وتلتها مملكة البحرين، في تجربتين ناجحتين سرعان ما أنتجتا زخما من اتفاقيات التنسيق والتعاون في عدّة مجالات على أساس التكامل وتبادل المنافع.
وتتضمن اتفاقات إبراهام إعلانا عاما لدعم العلاقات السلمية في الشرق الأوسط بين اليهود والمسلمين والمسيحيين وجميعهم من أتباع الديانات المرتبطة بالنبي إبراهيم. ورأت إدارة ترامب أن الاتفاقات تمهّد جزئيا الطريق نحو علاقات كاملة مع إسرائيل بما في ذلك التعاون الأمني والاستخباراتي لمواجهة الخصوم المشتركين مثل إيران.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب هذا الأسبوع، إن الصفقات التي أبرمها الرئيس السابق دونالد ترامب كانت “إنجازا مهما، لا ندعمه فحسب، بل إنه إنجاز نرغب في البناء عليه”، مضيفا “نحن ننظر إلى الدول التي قد ترغب في الانضمام والمشاركة والبدء في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.. كان هذا أيضا جزءا كبيرا من المحادثات التي أجريتها مع العديد من نظرائي”.
ولا تزال هناك معارضة في البلدان العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنّ مؤيدي الاتفاقات يقولون إنّ عزل الدولة العبرية فشل في التغلب على عقود من الجمود بشأن مطالبة الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلّة.
وقال السناتور الديمقراطي كريس مورفي من ولاية كونيتيكت “بقدر ما ستبتعد إدارة بايدن عن سياسة ترامب في المنطقة ستكون هناك أماكن ترى فيها اهتماما بالاستمرارية”.
وقبل المضي قدما في أي جهود لإبرام المزيد من اتفاقات التطبيع سيتعيّن انتظار ما ستسفر عنه التطورات في المنطقة، حيث تتجه الأنظار إلى إسرائيل في الوقت الحالي لاستجلاء كيف يمكن لحكومة ائتلافية جديدة وغير متجانسة إلى حدّ بعيد بقيادة رئيس وزراء جديد أن تؤثر على العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وخاصة في أعقاب حرب غزة.
ومن المقرر أن يصوت الكنيست الإسرائيلي الأحد على منح الثقة للحكومة الجديدة لينتهي بذلك حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي استمر 12 عاما. وإذا حدث ذلك فسيصبح زعيم حزب يمينا نفتالي بينيت الذي يعارض قيام الدولة الفلسطينية رئيسا للوزراء. وتبدو الاتفاقات التي وقّعتها الدول العربية الأربع حتى الآن راسخة في مكانها على الرغم من ضغوط حرب الشهر الماضي.