أخفقت الجهود المصرية في عقد لقاء مباشر بين حركتي فتح وحماس لتقريب المسافات بينهما، بعد سلسلة من اللقاءات المنفصلة. ولم تفلح الرسالة التي أوصلتها القاهرة، بتأجيل اجتماع الفصائل الفلسطينية الذي كان من المقرر انعقاده السبت، في تغيير مواقف الحركتين من بعض القضايا الرئيسية.
وعقد مسؤولون في جهاز المخابرات العامة المصرية اجتماعات فقط يومي السبت والأحد مع حركة الجهاد الإسلامي بقيادة زياد النخالة دون حضور ممثلي فتح وحماس. وركزت هذه الاجتماعات على محاولة التوصل إلى صيغة وُسطى بين إصرار حماس على تشكيل قيادة مرحلية لإدارة السلطة التنفيذية وإجراء انتخابات المجلس الوطني من جهة، وبين تمسك فتح بتشكيل حكومة وحدة وطنية من جهة ثانية.
وقالت مصادر فلسطينية لـ”العرب” إن تأجيل اجتماعات الفصائل في القاهرة جاء نتيجة رفض حماس لثلاثة ملفات رئيسية قدمها وفد فتح للقاهرة، تمثلت في تشكيل حكومة وحدة وطنية تقبل بشروط الرباعية الدولية، ومن بينها الاعتراف بدولة إسرائيل، وأن تكون عملية إعادة الإعمار تحت إشراف كامل للسلطة الفلسطينية والحكومة الجديدة حال تشكيلها، وتجنب فتح ملف منظمة التحرير في أي مباحثات في الوقت الراهن.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن القاهرة تحاول الوصول إلى صيغة تدفع الأطراف الفلسطينية إلى الاجتماع في أقرب فرصة عبر الضغط على حماس للمشاركة في حكومة وحدة وطنية، دون أن يكون ذلك وفق شروط الرباعية الدولية مقابل إشراكها في عملية إعادة الإعمار بطريقة غير مباشرة عبر وزرائها في تلك الحكومة.
وأوضح رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح منير الجاغوب أن المشاورات بشأن استكمال اجتماعات القاهرة لم تتوقف، ووفد الحركة الذي عاد من القاهرة يناقش مع الرئيس محمود عباس تفاصيل القضايا المطروحة بين كافة الفصائل، على أن يعود إلى القاهرة في نهاية الأسبوع الجاري أو أوائل الأسبوع المقبل.
وأضاف الجاغوب في تصريح لـ”العرب” أن فتح تنتظر من الجانب المصري أن تتوصل هي وحركة حماس إلى نقاط يمكن التناقش بشأنها في الاجتماعات المقبلة، وأنها عبرت عن رفضها لأن تتحول الاجتماعات إلى مجرد إلقاء كلمات، والهدف الأساسي أن تكون هناك مؤشرات أولية على التوافق لا تشكل لفتح تنازلاً عن ثوابتها.
وتتعامل حماس مع نتائج حرب غزة كأداة عززت مكانتها على الساحة الفلسطينية، بينما ترى فتح أنها ضاعفت خسائرَها وأنها هي من تملك مفاتيح الحل والعقد السياسية التي تمكنها من فرض شروطها على حماس، خاصة بعد المساندة الدولية التي تحظى بها السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس.
ويجري الوفد الأمني لحركة حماس لقاءات غير معلنة مع قيادات في جهاز المخابرات المصري لترتيب صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل، بما يبرهن على أن الحركة مصرة على توظيف الصفقة لتثبيت مكاسبها السياسية التي تتصور أنها حصلت عليها في حرب غزة دون ربطها بعملية إعادة الإعمار، كما كانت تطالب من قبل.
ووصل إلى القاهرة وفد عسكري من حماس يقوده مروان عيسى رئيس أركان كتائب عزالدين القسام، الذراع العسكرية للحركة، ما يؤكد أن صفقة الأسرى لا تزال مطروحة وتسير في طريق منفصل، وأن مصر تعزلها عن التدهور الحاصل في اجتماعات الفصائل باعتبارها قضية بين حماس وإسرائيل.
ويقول مراقبون إن حماس ستكون حريصة على نجاح صفقة الأسرى لتجنب اتهامها بأنها تجد نفسها في ثوب المعارضة، وقد تصب نتائج الفجوة بينها وبين فتح في صالح الصفقة من زاوية الحرص على إتمامها كوسيلة تمكنها من تحقيق نصر سياسي ملموس في ملعب فتح، حيث تشمل قائمة الأسرى قيادات من مختلف الفصائل.
صحيفة العرب