إيران تروّج لتعافي الاقتصاد رغم استمرار العقوبات الأميركية

إيران تروّج لتعافي الاقتصاد رغم استمرار العقوبات الأميركية

دخلت إيران الاثنين في جولة ترويجية جديدة بشأن تعافي الاقتصاد الذي يرزح تحت وطأة عقوبات أميركية شديدة في ظل عدم قدرتها على تسويق نفطها، والذي يعتبر عصب نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وبينما اعتبر الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني لدى افتتاحه الاثنين عدة مشاريع أن الاقتصاد في نمو وأن الدولة تقوم بما يلزم لتنمية الاستثمار وتوفير الوظائف عبر إنشاء الشركات، يقول متابعون إنها مجرّد دعاية للتسويق المحلي لأن أحد أبرز اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد هي الشركات التي تعمل لحساب الحرس الثوري.

وقال روحاني إن “المحافظات التحقت الواحدة تلو الأخرى بمسيرة إنشاء المصانع القائمة على العلم والمعرفة” ومن بينها المصنع الذي افتتح في محافظة كرمنشاه غرب البلاد الاثنين.

وكان رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف قد أكد الأحد الماضي، على هامش افتتاح مصنع لإنتاج الكرتون بمدينة أردستان التابعة لمحافظة أصفهان وسط البلاد، على ضرورة تكثيف الجهود لإزالة العقبات من طريق الإنتاج في البلاد في ظروف الحظر الأميركي المفروض على إيران.

وتأتي هذه الحملة الترويجية من كبار المسؤولين بينما تعيش البلاد لليوم السادس على التوالي على وقع إضرابات يقودها عمال بقطاع الطاقة للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل في حقول غاز بالجنوب وببعض المصافي في المدن الكبرى.

وينظم عمّال ومتقاعدون احتجاجات شبه متواصلة منذ أشهر بسبب ارتفاع معدل التضخم فوق نسبة 50 في المئة، وزيادة البطالة وتأخر دفع الأجور في ظل ضغوط على الاقتصاد نتيجة العقوبات الأميركية ومعاناة البلاد من أسوأ انتشار لفايروس كورونا في الشرق الأوسط.

وتقول وكالة أنباء العمال الإيرانية شبه الرسمية إن عددا غير معروف من المرتبطين بعقود عمل مؤقتة “لزموا منازلهم” للضغط من أجل زيادة أجورهم وذلك بمنطقة عسلوية، المركز الرئيسي لإنتاج الغاز على الخليج.

وأقر بعض المسؤولين بحدوث الاحتجاجات ودعوا إلى بذل جهود للمساعدة في حلها. وقال موسى أحمدي، نائب عن عسلوية في تصريح للوكالة “منذ أن علمنا بتحركات العمال وبمطالبهم بشأن الأجور والمزايا. نتابع بجدية هذه القضايا في لجنة الطاقة بالبرلمان”.

معهد التمويل الدولي: من المستبعد تحسن النمو نتيجة ضبابية الاتفاق النووي
معهد التمويل الدولي: من المستبعد تحسن النمو نتيجة ضبابية الاتفاق النووي
وتقول جماعات حقوقية إن مصفاة طهران استغنت عن 700 عامل شاركوا في إضراب، في حين أظهر مقطع مصور على الشبكات الاجتماعية عمال مصفاة يحملون ما بدا أنها إنذارات فصل.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن شاكر خافاي المتحدث باسم شركة طهران لتكرير النفط نفيه صحة ذلك، وقال إن “الشركة متعاقدة من الباطن استغنت عن 35 موظفا” فقط.

وتعتبر إيران من الدول المؤسسة لمنظمة أوبك، وتملك رابع أكبر احتياطي من النفط وثاني احتياطي من الغاز في العالم، لكنها تجد صعوبات في تسويقهما وهي تلجأ إلى الالتفاف على العقوبات حتى تحصل على بعض العائدات، التي لا تكفي لتسيير شؤون بلد يضم أكثر من 80 مليون ساكن.

وما يزيد من تأكيد عمق الأزمة، ما أشار إليه خبراء معهد التمويل الدولي في تقرير حديث قالوا فيه إنه من المرجح أن يكون تعافي الاقتصاد الإيراني متواضعا في حالة إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015 مع القوى العالمية الست دون توسيع نطاقه.

وقال المعهد إن فوز القاضي المتشدّد إبراهيم رئيسي بانتخابات الرئاسة هذا الشهر لن يخرج المفاوضات عن مسارها، لكن الولايات المتحدة قد تواجه صعوبات في توسيع نطاق الاتفاق.

وتابع “النتيجة المرجّحة للمفاوضات هي العودة إلى اتفاق 2015، مما سيبقي على العديد من العقوبات. ومثل هذا الاتفاق المحدود سيثني الشركات الغربية عن الاستثمارات الكبيرة، ومن المستبعد في ضوء ذلك حدوث تحسن قوي في النمو.”

وتجري طهران وواشنطن محادثات غير مباشرة منذ شهر أبريل الماضي لإحياء الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018، ليعيد فرض العقوبات.

ويسعى الرئيس الديمقراطي جو بايدن لإحياء الاتفاق وتوسيع نطاقه بفرض المزيد من القيود على برامج إيران النووية والصاروخية وكبح أنشطتها في المنطقة، بينما ترفض طهران التفاوض على اتفاق أقوى وأوسع نطاقا.

ومازال الاقتصاد الإيراني هشّا تحت وطأة العقوبات الأميركية وجائحة كوفيد – 19 هي الأشد في الشرق الأوسط، إذ تعاني البلاد من بطالة مرتفعة ومعدلات تضخم تتجاوز الخمسين في المئة.

ويرى معهد التمويل أن إيران ستشهد في حالة إبرام اتفاق جديد يتجاوز مجرد العودة إلى شروط 2015، نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.3 في المئة هذا العام، ثم 5.9 في المئة و5.8 في المئة في 2022 و2023 على الترتيب.

وفي إطار ذلك التصور، قد ترتفع الاحتياطات النقدية الرسمية لأكثر من مثليها بنهاية 2023 من قرابة 70 مليار دولار تم تسجيلها في مايو الماضي، وقد يساعد الاستثمار الأجنبي المباشر في توفير الوظائف وستحقق إيران فائضا ماليا.

أما إذا كانت العودة لشروط اتفاق 2015 دون تغيير، فإن الاقتصاد الإيراني قد ينمو بواقع 3.5 في المئة بالأسعار الحقيقية هذا العام و4.1 في المئة و3.8 في المئة في 2022 و2023.

ويشدد خبراء المعهد على أن التعافي المتواضع قد لا يقلص البطالة كثيرا، والتي تحوم حول 20 في المئة، وأنه إذا فشلت طهران في التوصل إلى اتفاق، فمن المرجح أن تظل البطالة في خانة العشرات وألا يزيد نمو الاقتصاد على 1.8 في المئة هذا العام.