إلى متى يتواصل التصعيد ضد مصالح واشنطن في العراق

إلى متى يتواصل التصعيد ضد مصالح واشنطن في العراق

قاعدة عين الأسد (العراق) – يتساءل شاب لفّ رأسه بضمادة بعد إصابته بشظية نتيجة قصف صاروخي استهدف قاعدة عسكرية تؤوي جنودا أميركيين في العراق، “لماذا يتعين علينا دفع الثمن”؟ في الحرب الباردة بين الأميركيين والمجموعات الموالية لإيران.

وفي أعنف هجوم في الأشهر الأخيرة، أطلق 14 صاروخا الأربعاء الماضي على قاعدة عين الأسد العسكرية في غرب العراق. وأصيب الشاب حمزة عبدالرزاق بشظية. ويقول غاضبا لوكالة الصحافة الفرنسية، “المنطقة كلها تضررت، واحترقت منازل، وتحطمت نوافذ. ما ذنبنا؟ لا بدّ أن تضمن الحكومة سلامتنا”.

ولم يكن هذا الهجوم الأول من نوعه ضد قاعدة عين الأسد الواقعة وسط الصحراء والتي تؤوي جنود التحالف المناهض للجهاديين ومعظمهم من الأميركيين، لكن حجم العملية غير مسبوق.

ومنذ شهور، تتكرّر هذه الهجمات في العراق، وتشبه بعضها، حيث تستخدم فيها صواريخ أو طائرات مسيرة وتستهدف قواعد عسكرية أو السفارة الأميركية في بغداد.

وتقول السلطات الأمنية العراقية إن الصواريخ التي أطلقت على قاعدة عين الأسد تمت عبر شاحنة محمّلة بالطحين، وأنها حصلت على جميع التصاريح اللازمة لعبور الحواجز الأمنية.

وتتبنى هذه الهجمات أحيانا مجموعات مجهولة تطالب برحيل “المحتل الأميركي” أو تتوعد بـ”بالثأر” لمقاتلين قضوا في ضربات أميركية، وتنسب إجمالا إلى فصائل موالية لإيران مجتمعة تحت مظلة ميليشيات الحشد الشعبي، الذي يحيي بانتظام هذه الهجمات لكنه لا يتبناها علنا.

وكان الحشد توعد بـ”الثأر” لمقاتليه الذين قضوا في ضربات أميركية في 28 يونيو في العراق وسوريا حيث تمّ إحباط هجوم بطائرة مسيّرة ضد الأميركيين الاثنين الماضي.

وتصاعدت لهجة الحشد ضد الوجود الأميركي في العراق منذ مقتل نائب قائد قوات الحشد أبومهدي المهندس مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020 في غارة أميركية في مطار بغداد.

ويرى خبراء أن تكرار الاعتداءات والعمليات الانتقامية ضد الأميركيين تصبّ في حلقة خطيرة بدأت منذ شهور وليست على وشك الانتهاء.

ونفذت حتى الآن حوالي خمسين عملية ضد المصالح الأميركية في العراق منذ بداية العام، لكنها تبدو حتى الآن استعراضًا للقوة يهدف إلى نقل رسائل، في رأي الخبراء.

ويقول حمدي مالك المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة إن الهدف الأول للمجموعات الموالية لإيران هو “تفادي خسارة مصداقيتها داخل قاعدتها الشعبية”.

ويوضح مالك أن “عدم تحركهم يعني أنهم يخاطرون بفقدان احترام المكونات الأخرى من محور المقاومة” الموالية لإيران في سوريا ولبنان واليمن.

أما في الجانب الأميركي، فترى الباحثة في معهد “بروكينغز” مارسين الشمري أن “الهدف هو وقف نفوذ وسلطة هذه الميليشيات الموالية لإيران”، التي تعمل تحت أعين الدولة العراقية التي لا حول لها ولا قوة. وتهدّد السلطات في كل مرة بالمحاسبة، لكنها لم تنجح حتى الآن في إحالة منفذ واحد أمام القضاء.

وتتصاعد التوترات بين واشنطن وطهران اللتين تخوضان على خط مواز مفاوضات صعبة للغاية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وتقول الشمري إنّ “هناك ارتباطا عاما بين الملفين، لكن يجب ألا نغفل حقيقة أن المجموعات الناشطة في العراق لها أيديولوجيتها وأهدافها الخاصة”.

وترى أن حلقة الهجمات ورد الفعل ستستمر، لكن لا أحد “لديه مصلحة في التصعيد”، ويتساءل مسؤول عسكري عراقي رفيع قائلا “إلى متى”؟ يبقى التصعيد قائما، معتبرا أن الميليشيات “تلعب بالنار”.

وبوتيرة متكررة، تتعرض المنطقة الخضراء وقواعد عسكرية تستضيف قوات التحالف الدولي لهجمات صاروخية منذ مقتل سليماني في غارة أميركية أوائل العام الماضي.

وتتهم واشنطن كتائب حزب الله العراقي وفصائل مسلحة مقربة من إيران بالوقوف وراء هجمات صاروخية متكررة تستهدف سفارتها بالعاصمة بغداد وقواعدها العسكرية في البلاد.

وسبق وأن هددت فصائل شيعية مسلحة، بينها كتائب حزب الله العراقي باستهداف القوات والمصالح الأميركية في العراق، في حال لم تنسحب امتثالا لقرار البرلمان بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد.

العرب