ينشط أكبر كيانين سياسيين متنافسين في المشهد الكردي السوري، وهما أحزاب “الإدارة الذاتية”، بقيادة “الاتحاد الديمقراطي”، و”المجلس الوطني الكردي”، من أجل نسج خيوط تحالفات سياسية مع قوى المعارضة السورية، بهدف الانخراط بشكل أكبر في الحراك السياسي القائم، والذي يسعى إلى تحريك مياه المشهد السوري الراكدة.
ويهيمن حزب “الاتحاد الديمقراطي” من خلال ذراعه العسكرية “الوحدات الكردية”، على القرار في منطقة شرق نهر الفرات، فضلاً عن كونه في قلب الأحزاب المشكلة لـ”مجلس سورية الديمقراطي” (مسد)، والذي يعد بمثابة ذراع سياسية لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد). ويحاول هذا المجلس منذ أكثر من عام عقد مؤتمر للقوى الديمقراطية في سورية، لتشكيل مرجعية سياسية معارضة واسعة، يمكن أن تكون شريكاً أو بديلاً للائتلاف الوطني السوري، المتهم باحتكار التمثيل السياسي لقوى الثورة والمعارضة السورية. ولطالما تبادل هذا المجلس والائتلاف الوطني السوري الاتهامات السياسية، وهو ما يعرقل أي محاولات تُجرى لفتح حوار بين الجانبين. ويصر الائتلاف على خروج حزب “العمال الكردستاني” من الشمال الشرقي من سورية، بينما يتهم “مجلس سورية الديمقراطي” الائتلاف بالرضوخ بشكل كامل للأجندة التركية في سورية.
تحاول “الإدارة الذاتية” تصدير تجربتها إلى عدة مناطق في سورية
وقالت مصادر مطلعة إن “الإدارة الذاتية”، ذات الطابع الكردي في الشمال الغربي من سورية، “تحاول تصدير تجربتها إلى عدة مناطق في سورية، أبرزها منطقة الساحل التي تضم العدد الأكبر من أبناء الطائفة العلوية، ومحافظة السويداء في الجنوب ذات الغالبية الدرزية من السكان”. من جانبها، أشارت القيادية في حزب “الاتحاد الديمقراطي” فوزة يوسف، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “التجربة القائمة في الشمال الشرقي من سورية يمكن أن تكون نموذجاً لكل المناطق السورية”. وأضافت: سورية متنوعة، وهناك ثقافات متعددة، ونموذج “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي البلاد أثبت أنه ناجح ويمكن تعميمه على كل المناطق. وأعربت يوسف عن قناعتها بأن “المعارضة الخارجية فشلت، ما أسهم في تعميق الأزمة السورية، بالإضافة إلى أسباب أخرى”، مضيفة: لذا نحن بحاجة إلى معارضة ديمقراطية، ومشاريع واستراتيجيات بديلة لحل الأزمة. وبيّنت أن “الإدارة الذاتية تتواصل مع القوى والشخصيات الديمقراطية السورية المعارضة داخل البلاد وخارجها”، معتبرة أن التواصل الدائم بين قوى المعارضة يسهم في الإسراع بالتوصل لحل سياسي للقضية السورية يرضي جميع الأطراف.وفي السياق، أكد نصر الدين إبراهيم، سكرتير “الحزب الديمقراطي” (البارتي)، وهو من مكونات “مسد”، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “مجلس سورية الديمقراطي عقد خلال العام الماضي جلسات حوار داخل سورية وخارجها، بهدف عقد مؤتمر خلال العام الحالي أو بداية العام المقبل، للقوى الديمقراطية الوطنية، من دون القوى المحسوبة على الإسلام السياسي”. وأشار إلى أن المجلس “وقع مذكرة تفاهم مع منصة موسكو، وعقدنا حوارات مع منصة القاهرة وهيئة التنسيق”، مضيفاً: حالياً هناك حوار بين المجلس وبين حزب “الإرادة الشعبية” و”هيئة التنسيق” للإعداد لمؤتمر هدفه تشكيل جسم سياسي سوري يضم كل القوى الوطنية الديمقراطية والشخصيات المستقلة التي لها دور في الحراك المعارض.
من جانبه، ينشط “المجلس الوطني الكردي”، المنضوي في صفوف الائتلاف الوطني السوري المعارض من خلال “جبهة السلام والحرية”، من أجل التشبيك السياسي مع أكثر من هيئة وتيار داخل قوى الثورة والمعارضة السورية، وهو ما يؤكده المنسق العام لـ”حركة الإصلاح الكردي”، عضو “الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي” فيصل يوسف، لـ”العربي الجديد”. وأشار يوسف إلى أن “المجلس الوطني الكردي له علاقات مع منصة موسكو وهيئة التنسيق الوطنية، في إطار عملنا المشترك في هيئة التفاوض السورية”. وأضاف: يهمنا أن نتحاور حول سبل الحل وفق قرارات الشرعية الدولية للوضع القائم بالبلاد. كما تهمنا وحدة القوى الوطنية المعارضة في إطار هيئة التفاوض، وإجراء مفاوضات مع النظام، بموقف موحد، برعاية دولية.
ويأتي هذا الحراك السياسي مع استمرار الفشل في العودة إلى طاولة الحوار الكردي الكردي، بين “المجلس الوطني الكردي” وحزب “الاتحاد الديمقراطي”، والمتوقف منذ أواخر العام الماضي، رغم الجهود الأميركية لإحياء هذا الحوار. ولا يزال “الاتحاد” يرفض حتى اللحظة فك ارتباطه مع “العمال الكردستاني”، وهو ما يعرقل التوصل إلى اتفاق يمكن أن يؤسس لمرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين، تمثلهم في استحقاقات الحل النهائي للقضية. ومن الواضح أن الكيانين الكرديين يحاولان الانفتاح على بقية هيئات المعارضة بهدف تحقيق مكاسب سياسية.
أمين العاصي
العربي الجديد