بعد كشف السلطات العراقية، عن هوية المتورط باغتيال الباحث الأمني البارز هشام الهاشمي، انشغل الرأي العام في محاولة معرفة معلومات القاتل أحمد عويد الكناني، والجهة التي ينتمي إليها ووظيفته، والدافع وراء تلك الجريمة.
وكان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أعلن الجمعة القبض على الكناني، فيما بث التلفزيون الرسمي اعترافاته الكاملة، وتفاصيل جريمة اغتيال الهاشمي.
وفجّر الكناني، مفاجأة عندما أعلن أنه ضابط في وزارة الداخلية، برتبة ملازم أول، وهو ما أثار غضباً شعبياً واسعاً، إذ إن المنتسبين الأمنيين وظيفتهم حماية أرواح الناس وليس قتلهم، كما عبر مغردون.
وفي تفاصيل حياة الكناني، فإنه انتسب إلى السلك العسكري، عام 2007، حسب ما ذكر في اعترافاته، وتدرج في المناصب، وصولاً إلى الرتبة الأخير “ملازم أول”، وهو من عشيرة كنانة.
مقرب من الميليشيات
ونشر ناشطون عراقيون، جزءاً من منشوراته على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تبين أنه قريب من المجموعات المسلحة، وأشاد في أكثر من مناسبة بالميليشيات، ويضع صورة أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي، الذي قتل مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد مطلع يناير 2020.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر أمني قوله الجمعة، إن الكناني كان مرتبطاً بكتائب حزب الله العراقي، وهي ميليشيا مسلحة موالية لإيران في العراق وكان الهاشمي ينتقدها في كتاباته وتعليقاته على وسائل الإعلام.
واتهم ناشطون عراقيون، عقب اغتيال الهاشمي مباشرة، الكتائب بالتورط في الجريمة، خاصة وأن تلقى تهديدات سابقة، من المدعو أبو علي العسكري، المتحدث باسم الكتائب.
وخلال بث اعترافات الكناني، قال البيان الأمني، إنه “ينتمي لمجموعة ضالة خارجة على القانون”.
بدورها، أعلنت قبيلة كنانة، مساء الجمعة، تبرؤها من القاتل الكناني، إذ أكد الزعيم القبلي عدنان الدنبوس، أنه “باسمي شخصيا ونيابة عن قبيلة كنانة قبيلة التضحيات والبطولات والمواقف الوطنية عبر التاريخ والعصور نعلن البراءة وشجب واستنكار هذا الفعل من المجرم القاتل المدعو (أحمد حمداوي عويد معارج) المدان بارتكابه عملية اغتيال الشهيد هشام الهاشمي”.
وأضاف: “نعلنها بصراحة وبدون ترد من قول كلمة الحق (كنانة لايمثلها القتلة والمجرمون)، ونطالب السلطات التنفيذية والقضائية بانزال أشد العقوبات والقصاص العادل من هذا المجرم ومن خطط له أامام الشعب وبمكان ارتكابه الجريمة النكراء”.
من جهته، عبر يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، عن أسفه لكون قاتل الهاشمي منتسب من القوات الأمنية، وأشار إلى أن “عقوبته ستكون شديدة كونه ضابطاً في المؤسسسة العسسكرية”.
تحقيقات تجنبت ذكر الفصائل المسلحة
وانصبت معظم تعليقات العراقيين على ضرورة الكشف عن الجهة التي تقف وراءه، خاصة وأن القوات الأمنية، أعلنت أنه تابع لجهة ضالة خارجة على القانون، وهو الأهم في مسار التحقيق، إذ إن الكناني كان أداة في تنفيذ الجريمة، دون معرفة من يقف وراءه لغاية الآن.
لكن حديث الكناني، أوضح في ثناياه، حقيقة الجهة الداعمة له، والساندة، إذ تحدث عن أن مركز الانطلاق هي البوعيثة جنوبي العاصمة بغداد، وهي منطقة زراعية مطلة على نهر دجلة، وممتدة على مساحات شاسعة، وكانت سابقاً معقلاً لتنظيم القاعدة، وتحررت عقب ذلك على يد الصحوات، وصولاً إلى دخول الفصائل المسلحة إليها، عقب عام 2014، وتحويلها إلى وكر مهم، يضم معسكرات، ومواقع تدريب، وأخرى مخصصة لتخزين السلاح والعمليات اللوجستية.
وتنشط ميليشيات كتائب حزب الله في تلك المنطقة، ولديها عدد من المواقع المهمة التي تسيطر عليها، وتتخذها مقرات لها، بعيداً عن المدن الرئيسية، وكذلك لاحترازات أمنية، وتحسباً من أية عمليات قصف.
واعتقلت القوات العراقية، العام الماضي، عدداً من عناصر الكتائب في منطقة البوعيثة بتهمة قصف السفارة الأميركية، ومبان حكومية ومنشآت أجنبية، وصادرت منصة كاتيوشا كانت برفقتهم، لكنها أطلقت سراحهم لاحقاً.
وعلى ما يبدو فإن الكناني، ليس عضواً بدرجة كبيرة في الميليشيات، لكن يظهر من مسار حديثه بأنه أداة لتنفيذ الجرائم، دون معرفة السبب الحقيقي وراءها.
ويقول الباحث البارز نبراس الكاظمي، وهو مقرب من الحكومة العراقية، إن الكناني اعترف طوعاً بتلك الجريمة، وكانت هذه المرة الأولى التي يطلق فيها النار على أي شخص.
ولم ترضِ مجريات التحقيق تطلعات العراقيين، الذين يرغبون بمعرفة السبب الحقيقي وراء تلك الجريمة، والدافع والمخطط لها، فيما قال نبراس الكاظمي، إن الدافع كان هو “قرب الهاشمي من الأمريكيين” بحسب ما تسرب له من أقوال الكناني خلال التحقيقات.
ويرى الباحث والخبير في الشأن العراقي، ميثاق القيسي، إنه “لا جديد في قضية الاعترافات، فالجميع يعرف كل تلك المعلومات، ويعرف كذلك الجهة المدبرة للجريمة، لكن بقي على الحكومة اتخاذ خطوة إلى الأمام وإعلان اسمها، والهدف وراء تلك الجريمة، ومحاسبة المدبرين والداعمين فضلاً عن تصنيف تلك المجموعة إرهابية، كما تفعل جميع دول العالم”.
ويضيف القيسي لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “ما حصل يمثل خطوة إيجابية في الطريق الطويل أمام العراق، للتحرر من سطوة المجموعات المسلحة، وتغولها في مفاصل الحياة السياسية والعسكرية، وهو يعطي إشارات للرأي العام بطبيعة نشاطات تلك المجوعات، وكذلك يحفز جهود المجتمع الدولي، لمساندة بغداد في إجراءتها المقبلة”.
وقال علي البياتي، وهو عضو في مفوضية حقوق الإنسان، “إنها خطوة إيجابية نحو ترسيخ المساءلة وإنهاء الحصانة.. ونأمل بأن تتم محاسبة كافة المتورطين بارتكاب الجريمة”.
الشرق الاوسط / سكاي نيوز