بات العالم على موعد مع فقاعات كثيرة تنذر بحدوث أزمات مالية واقتصادية للدول، وأزمات معيشية للمواطن. أزمات قد تفوق في حدتها تداعيات الأزمة المالية في العام 2009.
فهناك فقاعة تضخم أسعار السلع والخدمات في أسواق العالم مع إقبال الدول والشركات الكبرى على تخزين الأغذية والسلع والمعادن والمواد الخام ووضع قيود على تصديرها، مع زيادة الطلب على تلك السلع من قبل الدول الراغبة في تعظيم الإنتاج وعودته لمعدله الطبيعي وتعويض ما فاتها على مدى 18 شهراً هي فترة تفشي وباء كورونا.
وهذه الفقاعة ستضر أولا الدول المستوردة للأغذية، ومنها دول عربية كثيرة، مثل مصر والجزائر والمغرب وتونس والإمارات والسعودية والأردن، حيث سترفع كلفة استيراد السلع الغذائية والبالغة قيمتها نحو 100 مليار دولار سنويا لكل الدول العربية.
العالم انتقل من فقاعة واحدة هي تضخم أزمة كورونا والتي انعكست سلبا على مجمل الاقتصاد العالمي، إلى فقاعات أكبر وربما أخطر والتي قد تقود دول إلى الدخول في نفق التعثر المالي والإفلاس
وهناك فقاعة أسعار النفط وزيادة سعر البرميل المتوقعة لأكثر من 100 دولار، وهو ما يترتب عليها زيادة أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار وغاز طبيعي ومازوت.
وهذه الزيادات ستترك آثارا كارثية على موازنات الدول العربية المستوردة للطاقة، وستضغط أكثر على المواطن الذي قد يجد نفسه أمام زيادات على أسعار كل شيء بسبب ارتفاع سعر الوقود، خاصة المواصلات العامة والكهرباء.
مساكن ميامي شهدت أكبر ارتفاع في الأسعار
اقتصاد دولي
عقارات أميركا… هل اقتربت من فقاعة 2008؟
وهناك فقاعة العقارات في عدد من الدول، منها بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا وغيرها من دول العالم، حيث تسجل زيادة ملحوظة في أسعار المنازل بمعدلات غير مسبوقة بسبب موجة الشراء الجنوني للعقارات باعتبارها من الأصول شبه الآمنة والتي تحمي صاحب المال من مخاطر التضخم. ومع توافر سيولة لدى الأفراد من حزم التمويل والتحفيز التي ضختها الحكومات والأموال التي أدخروها خلال فترة الجائحة، باتت لديهم قدرة أكبر على اقتناء عقارات ولو بسعر مرتفع.
وهناك فقاعة العملات الرقمية، وبوادرها تهاوي سعر بيتكوين من 65 ألف دولار في شهر إبريل/ نيسان الماضي إلى نحو 33 ألف دولار حاليا، وهناك توقعات بتراجع السعر لأقل من 20 ألف دولار.
وامتد التراجع للعملات المشفرة الأخرى، مثل الإيثريوم والريبل وغيرها، وهذه الفقاعة ستكبد المضاربين في هذه العملات خسائر تفوق قيمتها مئات المليارات من الدولارات، كما ستحدث هزة في أسواق الصرف والاستثمار العالمي.
وهناك فقاعة البورصات وأسواق المال التي شهدت ارتفاعات في زمن كورونا، خاصة “وول ستريت”. ومن المتوقع أن تشهد البورصات عملية تصحيح وتراجع في أسعار الأسهم والأوراق المالية مع عودة جاذبية الاستثمار في الأدوات المالية الأخرى والعملات الرئيسية والأصول وأدوات الدين الحكومية، وعودة الحياة للأنشطة الاقتصادية المختلفة، وسحب جزء من السيولة من أسواق المال لقطاعات الإنتاج المختلفة.
مبنى مصرف جي بي مورغان في نيويورك
اقتصاد دولي
المصارف الغربية تُراكم النقود خوفاً من التضخم وفقاعة الأسهم
وهناك فقاعة العملات التقليدية، حيث من المتوقع أن تصاحب عملية تضخم الأسعار حول العالم زيادة في أسعار الفائدة على أبرز العملات، ومنها الدولار واليورو والإسترليني، في إطار إدارة السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية لمكافحة التضخم العالي والمحافظة على مدخرات المجتمع من التآكل.
وهناك فقاعة في الديون السيادية للدول التي من المتوقع أن تنفجر مع الكشف عن الحجم الحقيقي للخسائر الفادحة التي تكبدتها الموازنات العامة جراء تفشي وباء كورونا ووقف الأنشطة الاقتصادية وتراجع الإيرادات العامة، خاصة من قطاعات رئيسية كالضرائب والسياحة والصادرات والاستثمارات الخارجية.
هناك فقاعة في الديون السيادية للدول التي من المتوقع أن تنفجر مع الكشف عن الحجم الحقيقي للخسائر الفادحة التي تكبدتها الموازنات العامة جراء تفشي وكورونا ووقف الأنشطة وتراجع الإيرادات
وهناك فقاعة في الأصول، حيث الإقبال الشديد من قبل المستثمرين على حيازتها، خاصة قليلة المخاطر، وهو ما يزيد الإقبال عليها.
توجد مؤشرات أيضا على أن هناك فقاعة في الاستثمار القائم على الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، كما قال الرئيس السابق لمجلس المحافظين لدى صندوق استثمار المعاشات الحكومي الياباني، وهو أكبر صندوق للمعاشات التقاعدية في العالم، إيجي هيرانو، لوكالة “بلومبيرغ”، أمس، والذي أكد على أن الصندوق الياباني يحتاج للنظر في مقدار مساهمة تلك الأصول في عائداته.
ببساطة، العالم انتقل من فقاعة واحدة هي تضخم أزمة كورونا الصحية والتي انعكست سلبا على مجمل الاقتصاد العالمي وأربكت المشهد المالي برمته، إلى فقاعات أكبر وربما أخطر والتي قد تقود دول إلى الدخول في نفق التعثر المالي والإفلاس.
مصطفى عبدالسلام
العربي الجديد