الهجوم على الكونغرس: ترامب لم ينجُ من المحاسبة بعد

الهجوم على الكونغرس: ترامب لم ينجُ من المحاسبة بعد

بعد حوالي سبعة أشهر على أحداث اقتحام أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مقر الكونغرس في واشنطن، للاعتراض على مصادقة مجلسي الشيوخ والنواب في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، على فوز منافس ترامب في الانتخابات الرئاسية، جو بايدن، بالرئاسة، لا تزال تلك الأحداث التي خلّفت 7 قتلى محل تجاذب بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، وقضية خلافية أساسية في واشنطن. هذا التجاذب، الذي أعاق ولادة لجنة من الكونغرس، مؤلفة من عدد أعضاء متساوٍ بين الحزبين، للتحقيق في اقتحام الكابيتول، على غرار اللجنة التي تمّ تشكيلها بعد تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، سينسحب على عمل لجنة نيابية جديدة، تحمل على عاتقها المهمة ذاتها، وأبصرت النور في نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، وبدأت عملها أمس الثلاثاء. وتجعل السيطرة الديمقراطية على هذه اللجنة، عرضة للاتهامات بالتسييس من الحزب المحافظ. لكن تع بدء اللجنة لعملها، أمس الثلاثاء، في مهمة مفتوحة زمنياً، ستأخذ من دون شك في الاعتبار، أيضاً، مسألة إمكانية ترشح الرئيس الأميركي السابق للرئاسة مجدداً في 2024، تبقي الأخير بعيداً عن قارب النجاة من الإدانة بالاقتحام، أو تحميله المسؤولية، مع إبقاء ما يتاح من “سيوف” مسلطة عليه، وخصوصاً على أي مسعى له للعودة إلى البيت الأبيض.

سحب زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفن ماكارثي مرشحيه للجنة

وتبقى المفارقة في أن ضغط ترامب، قد يكون أثّر على شخصيات جمهورية، أمثال النائب عن نيويورك جون كاكتو، الذي كان صوّت لصالح إنشاء اللجنة الأولى، لكنه عارض إنشاء اللجنة النيابية الخاصة، فيما دان الرئيس الأميركي جو بايدن عرقلة الجمهوريين للتحقيق في الهجوم. ولا يبدو الجمهوريون قادرين بعد على التموقع بعيداً عن فلك ترامب، نظراً للانتخابات النصفية التي تنتظرهم في خريف 2022، ولكن خصوصاً في ظلّ الانقسام السياسي الشديد الذي يسود البلاد، والذي يساهم فيه أن أي استحقاق انتخابي مقبل، سيكون لترامب فيه دور بارز. أما الديمقراطيون، فيشددون على عمل اللجنة لـ”كشف الحقيقة”، كحق للأميركيين.

رصد
توم باراك “عميل الإمارات” وتأثيره في عالم ترامب
وبدأت أمس، لجنة نيابية خاصة في مجلس النواب الأميركي، الذي يحظى فيه الديمقراطيون بالغالبية، عملها، للتحقيق في اقتحام الكابيتول في 6 يناير الماضي، وسط مقاطعة جمهورية، تمهد لاحقاً للتشكيك بأي نتائج للجنة. ودعت رئيسة مجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي، اللجنة التي تعتبر من إنتاجها، للتحقيق في الظروف التي أحاطت بالاقتحام الدموي. وعيّنت بيلوسي عضوين جمهوريين وحيدين في اللجنة، ومعارضين لترامب، هما ليز تشيني وآدم كينزنغر، بعد رفض القيادة الجمهورية المشاركة، على أن تبدأ اللجنة استجواب ضباط في الشرطة كانوا متواجدين في مقر الكونغرس يوم الاقتحام.
وكان مجلس النواب الأميركي قد صوّت في مايو/أيار الماضي، لتشكيل لجنة مقسمة بالتساوي بين الحزبين، للتحقيق في الاقتحام، لكن مجلس الشيوخ عرقل الخطوة بدفع من زعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل، علماً أن هذا التصويت كان يحتاج إلى موافقة ثلثي “الشيوخ” (المجلس مقسم بالتعادل بين الحزبين 50 – 50، مع ترجيح صوت نائبة بايدن، كامالا هاريس، للديمقراطيين). وترك ذلك الباب مفتوحاً أمام بيلوسي لتشكيل لجنة نيابية على “قياس” الديمقراطيين، بحسب اتهام المحافظين، بعد رفضها اسمين ممن عيّنهم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن ماكارثي، وهما جيم جوردان وجيم بانكس، اللذان يعدان من أشد المدافعين عن ترامب وسبق أن تبنّيا نظريات مؤامرة بشأن اقتحام الكونغرس. هذا الرفض جعل ماكارثي يسحب جميع الأسماء الخمسة التي كان يفترض أن يعينها في اللجنة. ونهاية الأسبوع الماضي، خرجت اللجنة مكتملة الصورة نسبياً، مع تعيين بيلوسي النائب الجمهوري المعارض لترامب، آدم كينزنغر، فيها، لينضم إلى ليز تشيني، النائبة الجمهورية المعارضة أيضاً للرئيس السابق، والتي تمّ طردها في وقت سابق من قيادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب لهذا السبب. وقال كينزنغر، الأحد الماضي، إنه “قَبل بتواضع” دعوة بيلوسي، واعداً “بالعمل بجد من أجل كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم”، وهو ما ردّ عليه ماكارثي بالتنديد بتعيين “سياسي يدمر صدقية اللجنة”. وكان كينزنغر وتشيني، قد صوّتا لصالح توجيه الاتهام لترامب في المرة الثانية التي أحال فيها مجلس النواب الأخير على المحاكمة أمام مجلس الشيوخ، بقضية فضيحة “أوكرانيا غيت”، وهما الوحيدان من النواب الجمهوريين، اللذان صوّتا لصالح تشكيل هذه اللجنة الخاصة، مؤكدين أن ادعاءات ترامب بتزوير انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هي التي قادت إلى حصول الاقتحام. وقال كينزنغر، وهو نائب عن إيلينوي، يوم الأحد الماضي، إنه “لأشهر، ظلّت الأكاذيب ونظريات المؤامرة تنتشر، ما أوصل إلى تهديد استقلالية إدارتنا”.
ويواجه كينزنغر وتشيني، خطر طردهما من مهمات جمهورية في لجان نيابية عدة، لكن ماكارثي لم يؤكد ذلك، الأحد الماضي، بعدما كان هدّد جميع الجمهوريين ممن يفكرون بالعمل مع بيلوسي. ويتعرض ماكارثي لضغوط للتحرك ضد النائبين المعارضين، لكنه قال حول إمكانية عزلهما “سنرى”، واصفاً إياهما بـ”جمهوريي بيلوسي”.

تملك اللجنة حق استدعاء الشهود وطلب الوثائق لتحقيقها

وتتمتع اللجنة النيابية الخاصة بتحقيق اقتحام الكابيتول، والتي تمّت المصادقة على عملها في 30 يونيو الماضي بواقع 222 صوتاً مقابل رفض 190 نائباً، بصلاحية استدعاء الشهود وطلب الحصول على وثائق، وهي ستعمل لأجل مفتوح، أي أن عملها قد يمتد إلى موعد الانتخابات النصفية للكونغرس. ويرأس اللجنة النائب الديمقراطي بيني تومسون، الذي استمع أمس من 4 ضباط في الشرطة لشهاداتهم حول وقائع الاقتحام.
وليست معروفة بعد هويات الشهود الآخرين الذين سيتم استدعاؤهم، لكن أول دفعة من الاستدعاءات، بعد ضباط الشرطة، ستتم نهاية أغسطس/آب المقبل، أو في أول أسبوع من سبتمبر، بحسب تومسون الذي أكد أنه تحضّر لاستدعاء أعضاء في الكونغرس وترامب نفسه. والأسبوع الماضي، أصبح رجل من فلوريدا، هو بول ألارد هودجكينز، الأول الذي يدان بالسجن (18 شهراً) في حادثة الاقتحام، بعد توجيه الاتهام إلى أكثر من 570 شخصاً بالمشاركة في الحادثة.