أقدم لبنانيّ على إطلاق النار على آخر خلال حفل زفاف عائلي في منطقة الجية مما أدى لوفاة الأخير الذي تبين أنه عضو في «حزب الله» واعتبر بيان لعائلة غصن، وهي من «عشائر عرب» خلدة، وهي ضاحية قريبة من بيروت، ما حصل ثأرا لشاب يدعى حسن غصن قتله المذكور علي شبلي وأن القاتل لم يوقف ويحاكم على جريمة القتل، لكن محاولات العائلة فشلت بسبب «امتناع من كان يحمي علي شبلي عن تسليمه إلى القضاء المختص».
تطوّر الأمر لاحقا إلى حوادث طائفية بين سنّة وشيعة منطقة خلدة، حيث أعلن «حزب الله» أن ثلاثة أشخاص قتلوا أمس الأحد «في كمين استهدف معزين شيعة» وقالت وسائل إعلامية أن مسؤولا في الحزب يدعى علي بركات قتل في تلك الاشتباكات، وأن عائلات في مناطق القتال تحاول الفرار وأخرى عالقة في منازلها بسبب عمليات قنص.
يصعب ألا تذكر هذه الحادثة اللبنانيين بحوادث تاريخية تبدأ صغيرة لكنها تكون، في الحقيقة، فتيل إشعال أحداث خطيرة، وخصوصا عندما تطرأ في ظروف استعصاء سياسي قاتل، وأزمة اقتصادية ومعيشية شاملة، واحتقان طائفي شديد، وغطرسة القوى السياسية التي قامت بتحصين نوابها من المساءلة، واستكبار قوى قاهرة تستخف بالدولة وتقول إنها فوق القوانين الدولية والمحلية.
في الوقت الذي يجري كل هذا تستمرّ مجمل أطراف سياسية عديدة بتجاهل أن إمكانية التنازل عن مصالحهم الفئوية والطائفية سيساهم في نجاح تشكيل الحكومة ووصول المساعدات الدولية لتعويم الوضع اللبناني، فيتابع الرئيس اللبناني ميشال عون مناوراته للتحكم بتشكيل الحكومة استجابة لطموحات صهره جبران باسيل لوراثة الرئاسة، كما ورث تياره السياسي، ويتابع «حزب الله» ربط تشكيل تلك الحكومة بمفاوضات إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية حول الاتفاق النووي، وتناور بقية القوى، كل حسب حجمه، ضمن آليات حفظ المكاسب والمغانم والأنصار والتقسيمات الطائفية.
تستمر في هذه الأثناء أزمات الوقود والكهرباء وانهيار احتياطيات البنك المركزي مما يقرب البلد من نهاية الإعانات التي تهدف لحماية المواطنين وبذلك يقترب اللبنانيون حثيثا من الظروف المعيشية البائسة لجيرانهم السوريين الذين أصبحوا، حسب إحصائية أخيرة، أفقر الشعوب العربية، ومع انحطاط الطبقة السياسية المريع واقتصار قدرة الدولة على ممارسة العنف ضد الضعفاء فحسب، يصبح الطريق معبدا نحو سيادة قانون الغاب والاشتباكات الأهلية التي قد تكون إشارة البدء لتفكك البلد وانهياره.
القدس العربي