الجزائر – تتجه العلاقات الجزائرية – الإيرانية إلى التفعيل مجددا، في ظل توجه دبلوماسي ظهر مع عودة عراب تسوية بؤر التوتر الإقليمية، وزير الخارجية المخضرم رمطان لعمامرة، الذي وضع بصمته الأولى من خلال الاتصالات المفتوحة والمتنوعة مع مختلف العواصم التي كان يخيم عليها الفتور، بما فيما الخليجية وطهران.
واستقبل رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن الخميس في العاصمة طهران من طرف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في
إطار حضور مراسيم إعلانه رئيسا جديدا للدولة نيابة عن الرئيس عبدالمجيد تبون، بالموازاة مع زيارة عمل لطهران.
وأدى رئيسي، وهو رجل الدين المنتمي لغلاة المحافظين، اليمين رئيسا لإيران أمام البرلمان الخميس، في وقت يواجه فيه حكام الجمهورية الإسلامية أزمات متصاعدة في الداخل والخارج.
وأبرزت أولى التصريحات الصادرة من الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء الجزائري خطابات أيديولوجية كانت سائدة بين الطرفين خلال عقود مضت، قبل أن تدخل علاقات الطرفين في مرحلة تذبذب، جمعت بين الفتور والحرارة.
ويبدو أن الزيارة تمهد لتفعيل ما يسمى بـ“محور الممانعة” الذي شكلته عدة دول في المنطقة للوقوف في وجه التقارب العربي – الإسرائيلي، لاسيما في ظل قلق الجزائر من الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء والتطبيع المسجل بين الرباط وتل أبيب.
وأفادت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء أن “رئيس الجمهورية رئيسي ذكر أن الرجال والنساء الجزائريين لطالما ذكّرونا بروح الصمود والمقاومة ضد النفوذ الأجنبي”.
ونوه رئيسي بالعلاقات الودّية والبناءة التي جمعت بين إيران والجزائر بعد انتصار الثورة الإسلامية، وأن حكومته وضعت أولويات سياستها الخارجية على أسس توسيع العلاقات مع دول الجوار والبلدان الإسلامية.
إبراهيم رئيسي بصدد رسم معالم دبلوماسية جديدة في المنطقة، تقوم على تمتين أواصر التعاون مع ما يعرف بمحور الممانعة
وأضاف “إرادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية متمثلة في النهوض بمستوى العلاقات مع دولة الجزائر، وأن تعزيز العلاقات الثنائية ينبغي أن يشكل أرضية لرفع التعاون بين البلدين على الصعيد الدولي أيضا”.
وبيّن رئيسي أن تعزيز العلاقات الثنائية ينبغي أن يشكل أرضية لرفع التعاون بين البلدين على الصعيد الدولي أيضا.
وتوحي هذه التصريحات بأن رئيسي بصدد رسم معالم دبلوماسية جديدة في المنطقة، تقوم على تمتين أواصر التعاون مع ما يعرف بمحور الممانعة، على اعتبار أن الرجل ينتمي إلى التيار المحافظ، المتشدد تجاه القضايا الإقليمية خاصة مع إسرائيل، لكنه لم يشر إلى مستقبلها مع دول الخليج العربي.
وفي نفس الاتجاه الثوري والممانع، ذهب تصريح رئيس الوزراء الجزائري، الذي أثنى على تعاطف الرئيس الإيراني مع الشعب الجزائري، وأن الجزائر قدمت في سبيل مقارعة الاستكبار أكثر من مليون و500 ألف شهيد.
وأكد المتحدث أن بلاده وضعت سياساتها المبدئية على “حماية الشعوب المضطهدة في العالم”، ودون أن يسمي تلك الشعوب فإن التصريح حمل رسائل تتعلق بدعم الجزائر لجبهة البوليساريو الانفصالية وللقضية الفلسطينية.
كما لفت إلى أن التحدي في الجزائر اليوم هو التفوق على المشاكل الاقتصادية وبذل الجهود الهادفة إلى توسيع العلاقات الاقتصادية مع سائر البلدان، وهو أساس رغبة المسؤولين الجزائريين في تنمية الأواصر مع إيران.
ومن المتوقع أن تتناول زيارة بن عبدالرحمن العديد من القضايا والملفات المشتركة، خاصة في ما يتعلق بالجانب السياسي والدبلوماسي، والاقتصادي على اعتبار أن البلدين ينتميان إلى منظمة أوبك، ويمران بظروف متشابهة نتيجة تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية، وحتى التقارير الدولية وضعتهما في خانة البلدان التي تحتاج إلى أسعار نفط تتجاوز الـ100 دولار، من أجل استعادة توازنهما المالي.
ومنذ سنوات تضاءلت احتياطات الجزائر النفطية وزاد الطلب المحلي مما غذى التوقعات بشأن تحول الجزائر إلى بلد غير نفطي وتوقعات خروجه من منظمة البلدان أوبك، فيما رسم صندوق النقد الدولي في الآونة الأخيرة صورة قاتمة عن الاقتصاد الجزائري،
حيث تحتاج التوازنات المالية للدولة سعر نفط بحوالي 160 دولارا للبرميل الواحد من النفط، وهو أمر مستحيل، لاسيما مع تراجع دور البلد في منظمة أوبك بسبب تراجع المنتج وتزايد الطلب المحلي.
وأبلغ بن عبدالرحمن الرئيس الإيراني رغبة قيادات بلاده في تنمية الأواصر مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتوسيعها لمختلف المجالات المعززة لبناء علاقات مميزة بين الطرفين.
وعرفت العلاقات الجزائرية – الإيرانية حالة من الفتور خلال السنوات الأخيرة، بسبب الأوضاع السياسية الداخلية في الجزائر، فمنذ تأجيل زيارة الرئيس السابق حسن روحاني للجزائر العام 2017، بسبب الوعكة الصحية لنظيره الجزائري، لم يظهر أي تقارب بين الطرفين، إلا بالزيارة التي وصفت بـ”المفاجئة” لبن عبدالرحمن إلى طهران منذ الخميس.
العرب