بغداد وواشنطن تباشران قريباً وضع آلية لسحب القوات القتالية

بغداد وواشنطن تباشران قريباً وضع آلية لسحب القوات القتالية

كشفت مصادر عسكرية عراقية في العاصمة بغداد، لـ”العربي الجديد”، عن قرب بدء أعمال لجنة عسكرية فنية عراقية أميركية مشتركة، لوضع آلية تنفيذ مخرجات جولة الحوار الاستراتيجي الأخيرة بين بغداد وواشنطن، نهاية يوليو/ تموز الماضي، والتي أفضت إلى اتفاق بانسحاب القوات الأميركية القتالية من البلاد، بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وتحوّل صفة الوجود العسكري الأميركي في العراق إلى استشاري وتدريبي، في وقت أصدرت فيه السلطات العسكرية العراقية تأكيداً رسمياً جديداً على أن مسؤولية حماية المعسكرات، التي تضم قوات أجنبية، تقع على عاتق القوات العراقية.

شدّد تحسين الخفاجي على أنه لا وجود لمعسكرات وأماكن خاصة بالقوات الأجنبية

وأبلغ جنرال رفيع المستوى في قيادة العمليات العراقية المشتركة، “العربي الجديد”، أمس الجمعة، أنه “من المرجح وصول عسكريين أميركيين خلال الفترة القصيرة المقبلة إلى بغداد، لبدء العمل مع الجانب العراقي، لوضع آلية تنفيذ الاتفاق القاضي بسحب القوات القتالية من البلاد نهاية العام الحالي”. وأضاف الجنرال، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الاتفاق يقضي بأن تتولّى لجنة عسكرية وأمنية مشتركة بين الطرفين تفعيل بنود الجانب العسكري من مخرجات الحوار بين البلدين، ومنها آلية الانسحاب الذي سيكون عبر دفعات، ويشمل ذلك المعدات والأسلحة القتالية الهجومية، إذ تمتلك واشنطن آليات مدرعة ومروحيات قتالية ومدافع ميدان، تعود إلى فترة ما قبل الاستعداد لمعركة استعادة الموصل عام 2016.

ووفقاً للمسؤول ذاته فإن بلاده ستلتزم بآليات الاتفاق في تأمين انسحاب القوات بالكامل، إضافة إلى مسألة تأمين القواعد والمعسكرات، كاشفاً عن أن خريطة الانتشار العسكري لقوات التحالف وحلف شمال الأطلسي لن تتغيّر، كما يجرى الترويج له على لسان سياسيين وخبراء أمنيين، إذ إن قاعدتي عين الأسد وحرير في الأنبار وأربيل، إضافة إلى معسكر فيكتوريا غربي بغداد، مستمرة ببرامج تقديم الدعم والتدريب، وتزويد القوات العراقية بالمعلومات الجوية، وتلقي طلبات الدعم المتعلق بطيران التحالف.

العراق
تقارير عربية
الحوار الاستراتيجي العراقي – الأميركي: الأمن والوجود العسكري
وأكد المسؤول أن اللجنة، من الجانب العراقي، سيتولّى رئاستها نائب قائد العمليات المشتركة الجنرال عبد الأمير الشمري، ومستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، إذ قادا المفاوضات التي جرت في واشنطن عن الجانب العراقي في جولة الحوار الرابعة، مرجحاً أن يزور المبعوث الأميركي بريت ماكغورك العراق قريباً، على هامش بحث آلية سحب القوات القتالية، وتفعيل ملفات أخرى جرى التوصل إليها خلال مفاوضات جولة الحوار الأخيرة بين البلدين.

في السياق ذاته، أشار المتحدث العسكري الرسمي العراقي اللواء تحسين الخفاجي إلى أن مسؤولية حماية المستشارين والمدربين العسكريين الأميركيين تقع على عاتق القوات المسلحة العراقية. ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن الخفاجي قوله إنه “ليس مهماً الفترة التي يبقى بها المستشارون والمدربون الأجانب بعد رحيل القوات القتالية من العراق، بل المهم هو الاستمرار في التدريب، وتلقي المعلومات من المؤسسات الأمنية والعسكرية الدولية”. وشدد على أنه لا وجود لمعسكرات وأماكن خاصة بالقوات الأجنبية، في إشارة إلى أنهم موجودون داخل قواعد عراقية مشتركة، كاشفاً عن تسليم قوات التحالف الدولي للقوات العراقية تجهيزات في الفترة الماضية تفوق قيمتها 60 مليون دولار، شملت الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات البشمركة.

مجاهد الطائي: الحديث عن نقل القوات الأميركية القتالية إلى دول مجاورة للعراق دليل على انعدام الثقة بالحكومة

والأسبوع الماضي، شدّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في بيان صدر عن مكتبه، على المضي في تفعيل ما تم الاتفاق بشأنه في ما يخص عدم وجود أي قوات قتالية للولايات المتحدة في العراق في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2021، مؤكداً أن العراق “ماضٍ في سعيه من أجل توفير الفرص الكريمة لأبناء شعبه، وإيجاد بدايات جديدة لكل ما يساهم في خدمة المواطنين”.

واتفق العراق وواشنطن، في البيان الختامي الصادر عن حكومتي البلدين، خلال جولة الحوار الاستراتيجي الرابعة والأخيرة بينهما نهاية الشهر الماضي، على انسحاب جميع القوات الأميركية المقاتلة من العراق بحلول نهاية العام الحالي. واتفق الوفدان، بحسب البيان، على أنه بعد استكمال مباحثات الفرق الفنية ستنتقل العلاقة الأمنية بين البلدين بالكامل إلى المشورة والتدريب والتعاون الاستخباري، ولن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أميركية في العراق بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، استبعد القيادي في تحالف “الفتح”، الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”، النائب مختار الموسوي، خروج القوات القتالية الأميركية من العراق مع نهاية العام الحالي، متهماً من رحبوا بمخرجات الحوار الاستراتيجي بأن لديهم مصالح شخصية. وشدد الموسوي، في تصريحات للصحافيين في بغداد، على “ضرورة عقد اجتماع للكتل السياسية مع الوفد الذي زار واشنطن أخيراً، برفقة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وذلك لغرض مناقشة الاتفاق الذي توصل اليه الوفد بناءً على ذلك الحوار وآلية تطبيقه”، معتبراً أن الأطراف التي رحبت بمخرجات الحوار الاستراتيجي مع واشنطن “لديها مصالح مع أميركا”.

الخبير بالشأن السياسي والأمني العراقي مجاهد الطائي رجّح بدوره أن تضع واشنطن شروطاً تتعلق بآلية الانسحاب، وهي عدم تنفيذ أي اعتداء من قبل المليشيات وإلزام الحكومة بذلك. ولفت، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن وصول لجنة أميركية لتنفيذ آلية الاتفاق قد تكون مساعدة لحكومة الكاظمي في إقناع المشككين في مخرجات الحوار من القوى الحليفة لطهران. ورأى الطائي أن “منافذ أو طرق عودة القوات الأميركية القتالية إلى العراق ليست واحدة، فهناك التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وهناك حلف شمال الأطلسي، وتستطيع الولايات المتحدة المناورة بهذا الشأن، فضلاً عن سلاح الجو الأميركي الذي يسيطر على الأجواء العراقية بشكل كامل. لذلك يمكن القول إن القوات القتالية تخرج من الباب وتدخل من الشباك، بمعنى أنه لا تغيير فعلياً على خريطة الوجود الأميركي، لأن جميع القوات الأجنبية تعتمد على الوجود الأميركي، وانسحابها سيعني بالضرورة انسحاباً تدريجياً لجميع القوات الأخرى”. واعتبر أن الحديث عن نقل القوات الأميركية القتالية إلى دول مجاورة للعراق دليل على انعدام الثقة بالحكومة بالوفاء بالتزاماتها، أو توقف حلفاء طهران عن الاعتداء على المصالح الأميركية، فوجودها قرب العراق يعني استعدادها للعودة لأي طارئ.

العربي الجديد