كيف انتقل كورونا إلى البشر: من الخفاش أم تسرّب من المخابر؟

كيف انتقل كورونا إلى البشر: من الخفاش أم تسرّب من المخابر؟

بكين – رفضت الصين بشكل قاطع دعوة منظمة الصحة العالمية للتعاون مجددا على إجراء تحقيق جديد فيما يتعلّق بمنشأ وباء كوفيد – 19 الذي ظهر في مدينة ووهان ثم اجتاح العالم، معترضة على إعطاء بيانات إضافية حول المرضى ومتهمة المنظمة بمحاولة “تسييس” الملف.

ورُصدت أولى الإصابات بفايروس كورونا أواخر العام 2019 في مدينة ووهان الصينية (وسط)، لينتشر الفايروس في ما بعد في كافة أنحاء العالم، مودياً بحياة أكثر من أربعة ملايين شخص حتى اليوم.

ويبذل العلماء جهوداً حثيثة لتحديد منشأ الوباء. هل انتقل الفايروس من حيوان؟ أم هو تسرّب من مختبر صيني؟

لكن بكين تعترض بشدة على الفرضية الأخيرة إذ أنها لا تريد أن تظهر بمثابة الجهة المسؤولة عن تفشي الوباء.

وتمكنت الصين من السيطرة بشكل كبير على الوباء منذ ربيع العام 2020، إلا أنها تواجه منذ الشهر الماضي ارتفاعاً في عدد الإصابات على أراضيها، ما ينذر بإمكانية تفشيه مجددا في بقية العالم خاصة وأن فايروس كورونا أثبت بما لا يدع مجالا للشكّ أنه فايروس سريع التحور والانتشار عبر سلالات أشد فتكا من الأولى.

وتجعل فرضية انتشار الفايروس مجددا وما تحمله من تداعيات ومخاطر على كافة دول العالم، البحث مجددا في منشأ كوفيد – 19 ضرورة ملحة.

وزار فريق من الخبراء الدوليين أرسلته منظمة الصحة العالمية ووهان في يناير 2021 لإجراء دراسة أولية حول منشأ الفايروس. ولم يسمح تقريرهم الذي وضع بالتعاون مع خبراء صينيين، بالتوصل إلى نتيجة نهائية حول منشأ الفايروس. ورجحت دراسة الخبراء أنه “من غير المحتمل جدا” أن يكون الفايروس قد تسرب من مختبر في ووهان.

لكنها ذكرت أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو انتقال الفايروس من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان وسيط.

وفي الأشهر الأخيرة، طرحت منظمة الصحة مجدداً فرضية التسرب من مختبر في ووهان التي تحدثت واشنطن مراراً عنها في سياق من الخصومة السياسية مع بكين. وطلبت المنظمة الخميس من كافة الدول خصوصاً الصين نشر “كافة البيانات حول الفايروس”.

وقالت المنظمة بهدف التمكن من النظر في فرضية المختبر، إنّ من المهم أن يكون لدينا حق الوصول إلى كافة البيانات غير المعالجة، معتبرةً أن الوصول إلى البيانات لا ينبغي أن يكون في أيّ حال من الأحوال رهاناً سياسياً.

وردّت بكين على منظمة الصحة العالمية الجمعة بتأكيد موقفها الذي دافعت عنه لأشهر وهو أن التحقيق الأولي المشترك كافٍ وطلبات الحصول على بيانات إضافية لها دوافع سياسية خفية.

وقال ما تشاوتشو نائب وزير الخارجية الصيني “نعارض تسييس البحث عن الأصول.. والتخلي عن التقرير المشترك” بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، مضيفاً “نحن ندعم البحث العلمي”.

ورفض مساعد وزير الخارجية الصيني في مؤتمر صحافي طلبات منظمة الصحة العالمية الجديدة.

وقال إن نتائج وتوصيات التقرير المشترك اعترف بها المجتمع الدولي والمجتمع العلمي.

وأضاف أن البحوث المستقبلية يجب أن تتابع وألا تجرى إلا على أساس هذا التقرير، مؤكدا أنه “يجب ألا نبدأ من الصفر من جديد”.

وفي ما يخصّ البيانات الخام التي طالبت بها منظمة الصحة خصوصاً حول المصابين الأوائل في ووهان، تحدثت الصين مجدداً عن السرية الطبية.

وأكد ليانغ وانيان رئيس الوفد العلمي الصيني الذي شارك في إعداد التقرير المشترك مع منظمة الصحة “نرغب فقط في حماية الحياة الخاصة للمرضى”.

وتابع “دون موافقتهم، لا يحقّ لأي خبير أجنبي تصوير أو نسخ البيانات الأصلية”.

وبعدما رفض عدد كبير من الخبراء لوقت طويل فرضية تسرّب الفايروس من مختبر في ووهان، عاد الحديث عنها منذ بضعة أشهر.

وأصبحت هذه الفرضية متداولة أكثر بعد التصريحات الجديدة الصادمة التي أدلى بها بيتر أمبارك الدنماركي الجنسية ورئيس فريق الخبراء الدوليين الذي زار ووهان في يناير 2021.

ففي وثائقي بثته الخميس قناة “تي في 2” الدنماركية الرسمية، بدا الخبير للمرة الأولى ينتقد بكين بشدة.

وقال حتى قبل 48 ساعة من انتهاء المهمة، لم نكن قد توافقنا بعد حول ذكر فرضية المختبر في التقرير.

وأوضح أنه بعد مباحثات حصل وفد منظمة الصحة أخيراً على إذن زيارة مختبرين حيث تُجرى أبحاث حول الخفافيش.

اختبارات لاحقة تظهر أن التسلسل الجيني للفايروس مختلف عن الفايروسات المحفوظة في المختبر

وأضاف تحدثنا وطرحنا الأسئلة التي أردنا طرحها، لكن لم تكن لدينا فرصة الاطلاع على أيّ وثيقة.

وتابع أن موظفاً في مختبر أُصيب أثناء أخذه عيّنات يندرج في سياق إحدى الفرضيات المحتملة، وهي أن الفايروس انتقل مباشرةً من الخفاش إلى الإنسان.

وأكد أن الخفافيش لا تعيش في البرية في منطقة ووهان.

وأثارت شي جينغلي وهي من أبرز الخبراء الصينيين حول الفايروسات التاجية الموجودة في الخفافيش ونائبة مدير مختبر بي 4، مزيدا من التساؤلات في مقابلة في يونيو 2020 مع مجلة ساينتيفيك أميركان، ذكرت فيها أنها كانت في بادئ الأمر قلقة حول ما إذا كان الفايروس تسرب من مختبرها.

وأظهرت اختبارات لاحقة أن التسلسل الجيني للفايروس مختلف عن الفايروسات المحفوظة في المختبر، بحسب شي التي أضافت “لم تغمض عيناي لعدة أيام”.

وقالت في وقت لاحق إنها “تقسم بحياتها” أنه لم يحصل أيّ تسرب، بحسب وسائل إعلام صينية.

وروج الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو للفرضية حتى انتشرت.

وفيما قال بومبيو العام الماضي إن هناك “دليلا مهما” على أن الفايروس جاء من المختبر، فإنه لم يقدم أيّ إثبات وأقر بأنه لا يوجد يقين.

العرب