هل ترفع إيران من وتيرة تحديها بايدن بعد إخفاقه في أفغانستان والشرق الأوسط؟

هل ترفع إيران من وتيرة تحديها بايدن بعد إخفاقه في أفغانستان والشرق الأوسط؟

الانسحاب الفزع من أفغانستان والعملية الأليمة في مطار كابول ألقيا ظلالاً على اللقاء الأول بين بايدن وبينيت، الذي كان طيباً. الإعلام الأمريكي لم يهتم. الرئيس الأمريكي، الذي يتعرض لوابل من النقد من كل صوب على تنفيذ مهمل لجلاء مخطط مسبقاً واستعداد فاشل في ضوء أخطار مركز بدا تعباً جداً، منشغل البال ومنطوٍ على نفسه ويقل في الكلام. وفي الشرق الأوسط أيضاً شغلت قصة أفغانستان، وليس اللقاء الودي، معظم العناوين الرئيسة. كما أن التوافق نشأ بين مؤيدي “محور الشر” بقيادة إيران، ومعارضين طهران.

ثمة استنتاجات اختلف عليها؛ في السعودية ودول الخليج تفجرت الصحف والشبكات الاجتماعية في تعابير قاسية من خيبة أمل من سياسة الولايات المتحدة الخارجية ومما بدا كغياب استراتيجية وتصميم. جرى الحديث عن التجلد الأمريكي الحرج في ضوء ضربة إيرانية للناقلات والسفن التجارية، وعن تجاهل واشنطن لصواريخ “حزب الله” التي أطلقت نحو إسرائيل، وعن غياب الفرض الحقيقي للعقوبات.

كتب صحافي مقال رأي في صحيفة سعودية، يقول إن الضعف الأمريكي الذي انكشف في أفغانستان يستوجب من كل دول المنطقة قيام منظومة دفاعية مشتركة كي تواجه وحدها خطر إيران وميليشياتها. كاتب واعتقد آخر أن على الولايات المتحدة الآن أن تطلق يداً إسرائيلية لإيقاف طهران.

بالمقابل، وجد الناس في إيران صعوبة في إخفاء السرور. نصر الله، الحليف المخلص، كان أول من قفز وأعلن بأنه بعد “الهزيمة الأمريكية في أفغانستان” يجب أن يأتي الجلاء السريع للجنود الأمريكيين من العراق وشرق سوريا.

أما واشنطن والقدس فتخشيان بألا يكون مجرد خطاب حماسي، وأن دروس محور الشر من الانسحاب من أفغانستان سرعان ما ستترجم إلى تشديد الضغط العسكري من الميليشيات المؤيدة لإيران في العراق على القوات الأمريكية المرابطة هناك، كي تسارع إلى الانسحاب: استئناف نار الصواريخ نحو “المنطقة الخضراء” في بغداد، وإطلاق المسيرات الانتحارية نحو قواعد الجيش الأمريكي.

في الساحة البحرية، قررت إيران بأن حان وقت الصعود درجة في تحدي إدارة بايدن. أول أمس، كما أفادت الأنباء، أبحرت ناقلة أولى من ميناء في إيران في طريقها إلى بيروت بناء على طلب حزب الله لمساعدة لبنان “في التغلب على النقص في الوقود”. يدور الحديث عن خرق فظ للعقوبات التي تحظر على إيران تصدر منتجات النفط، ولكن إيران تستخف، ونصر الله الذي حذر من كل محاولة لوقف الناقلة، يرى في ذلك فرصة رائعة لتوسيع النفوذ الإيراني في لبنان. لا حاجة للإشارة إلى أن الولايات المتحدة كان يمكنها أن توفر على نفسها معضلة كيف تتصرف تجاه الخرق الإيراني الجديد، لو أنها استبقت هي بنفسها فساعدت لبنان بمنتجات الوقود الحيوي، ولكنها لم تفعل هذا. تفهم إسرائيل بأن الناقلات الإيرانية في ميناء بيروت قد تنزل وسائل قتالية، وليس الوقود فقط.

أحبت إسرائيل قول بايدن أمام بينيت بأنه لن يكون هناك سلاح نووي لإيران. وأحبت إيران إصراره على “الحل الدبلوماسي أولًا” لأزمة النووي واحتجوا فقط، لغرض البروتوكول، على ذكره “خيارات أخرى”.

رئيس أمريكي آخر، ثيودور روزفلت، اعتقد بأن على واشنطن التحدث برقة، مع التلويح بعصا كبيرة. رئيس آخر، ترامب، اعتقد بأنه يجب الحديث بقوة والتلويح بعصا كبيرة. إيران تتعامل مع إدارة بايدن في أفغانستان والشرق الأوسط كمن يتحدث ضعيفاً ويمسك أيضاً بعصا صغيرة، لا تهدد، ونأمل بأن تكون مخطئة.

بقلم: عوديد غرانوت

القدس العربي