العراق يخطط لإحياء صناعته العسكرية عبر شركات دولية

العراق يخطط لإحياء صناعته العسكرية عبر شركات دولية

يخطط العراق لإعادة إحياء صناعاته العسكرية التي دُمّرت بالكامل خلال حرب إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين في عام 2003 وما تلاها من عمليات نهب وسلب، كما تم خلالها نقل معظم معدات وماكينات المصانع العسكرية العراقية إلى خارج البلاد.

ومنذ سبتمبر (أيلول) 2019، بدأ العراق أولى خطواته الجدية لاستعادة العمل في صناعته العسكرية عبر مصادقة مجلس النواب العراقي على قانون هيئة الصناعات الحربية، بعد أن الغيت في عام 2003 من قبل الحاكم المدني للعراق، آنذاك، بول بريمر، وربطت شركاتها بوزارات أخرى.

العراق-2.png
أسلحة خفيفة في معرض مكافحة الإرهاب الذي افتتح في بغداد في 11 سبتمبر الحالي (اندبندنت عربية)

وأعاد العراق بشكل محدود جداً العمل في صناعته الحربية منذ عام 2015، عبر تأسيس شركة الصناعات الحربية التي اتخذت مجدداً من المنطقة الصناعية في الإسكندرية، 40 كيلومتراً جنوب بغداد، مقراً لها، وتمكنت من صناعة صاروخ قصير المدى “اليقين” وقنابل طائرات “سوخوي”، وقاعدة راجمات أنبوبية بكميات محدودة، فضلاً عن صيانة المعدات العسكرية.

نقل التكنولوجيا الى العراق

وكشف رئيس هيئة التصنيع الحربي، محمد صاحب الدراجي، عن إعداد خطة لإعادة التصنيع العسكري في العراق، في وقت أشار فيه إلى أنه تم التداول مع شركات عالمية في إمكانية بناء صناعة عسكرية محلية. وقال الدراجي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، “الهيئة تقوم بدورها بنقل التكنولوجيا من العالم إلى العراق والبدء بالتصنيع العسكري داخل العراق”. وأضاف أن الهيئة عرضت على الشركات العالمية إمكانية التعاون لبناء صناعة عسكرية محلية.

الأسلحة الخفيفة والمتوسطة

وبيّن عضو لجنة الأمن والدفاع، بدر الزيادي، أننا متوجهون نحو صناعة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأعتدتها، لافتاً الى أنه سيتم تخصيص أموال لهيئة التصنيع الحربي خلال موازنة عام 2022. وأضاف أن مجلس النواب شرّع قانون هيئة الصناعات الحربية، لكون العراق يمتلك كفاءات، ولديه خبرة سابقة في الصناعات الحربية، ولكن بسبب تغير الوضع السياسي بعد عام 2003، تم القضاء على المعدات الصناعية التي تُصنّع بها الأسلحة والأعتدة.

وكانت هيئة التصنيع العسكري العراقية تضم قبل سقوط النظام السابق نحو 33 شركة يعمل فيها نحو 47 ألف عامل، إلا أنها حُلّت عام 2003 بقرار من الحاكم المدني بريمر، وبدعم من القوى السياسية العراقية، وحوّلت ملكيتها إلى وزارات الصناعة والدفاع والمالية، قبل أن يُعاد ارتباطها عام 2020 بهيئة الصناعات الحربية. وأشار الزيادي أيضاً إلى وجود توجه، بعد إصدار القانون وتشريعه، أن يُعاد التصنيع الحربي، لكون البلاد تنفق مبالغ كبيرة على شراء بعض الأسلحة والأعتدة التي يمكن أن تُصنّع في بلدنا من خلال إعادة الكفاءات والمهندسين، لا سيما في تصنيع الأسلحة والأعتدة الخفيفة والمتوسطة.

اقرأ المزيد

“دروع بشرية” بريطانيون استخدمهم صدام حسين يستذكرون أيام الأسر

دعوات للقوات العراقية لأخذ موقع الهجوم ضد اعتداءات “داعش” في كركوك

هكذا تغلغل “الحشد الشعبي” في المؤسسات العراقية وبسط نفوذه

المدفعية تقصف الباغوز من الجانب العراقي في موازاة تواصل عمليات الإجلاء
وبلغت النفقات العسكرية في موازنة العراق لعام 2021 بمجملها 27.617 تريليون دينار، أي أكثر من 20 مليار دولار، وهي تشمل النفقات التشغيلية وتسليح المؤسسات العسكرية العراقية المتمثلة بالجيش ومكافحة الإرهاب وهيئة الحشد الشعبي ووزارة الداخلية بكل صنوفها.

موازنة خاصة للتصنيع الحربي

وعن إمكانية تخصيص أموال لإنشاء مصانع لتلك الأسلحة، قال الزيادي إن هناك تحسناً اقتصادياً نتيجة زيادة أسعار النفط، ومن الممكن أن نخصص موازنة للتصنيع الحربي، كما هي حال الوزارات الأمنية، ولدينا الكفاءات والخطط لهذا الغرض.

إشراك الإقليم في الصناعة العسكرية

وفي سياق متصل، شدد النائب الكردي سليم همزة على ضرورة أن تكون للعراق صناعة عسكرية للدفاع عن أمنه، داعياً إلى إشراك إقليم كردستان بعملية صناعة الأسلحة، كونه أكثر أمناً. وأضاف همزة أن الإقليم جزء من المنظومة العراقية، وقوات “البيشمركة” جزء من منظومة الجيش العراقي، وبالتوافق بين الإقليم والحكومة الاتحادية، يُسمح للإقليم بالحصول على بعض المعدات العسكرية للدفاع عن النفس والحدود.

التعاون مع بلدان عربية

وسط هذه الأجواء، رجّح مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، أن يتعاون العراق مع بعض الدول العربية التي لها خبرة في تصنيع الأسلحة لإعادة إحياء مصانع الأسلحة التي دمرت عام 2003. وقال إن “الصناعة العسكرية كانت موجودة قبل عام 1991، وبشكل محدود بعد هذا التاريخ، بعد أن خضعت هذه المصانع للمفتشين الدوليين، إلا أنه بعد عام 2003، تم تدمير هذه المصانع بشكل كامل، نتيجة الضربات الجوية الأميركية”، لافتاً إلى أن غالبية الأسلحة التي كانت تُنتج أو تُجّمع ذات منشأ صيني وروسي.

وكانت المصانع العسكرية العراقية تُنتج قبل أبريل (نيسان) 2003 عدداً محدوداً من بطاريات المدفعية ومدافع الهاون وقذائفها والذخائر وبعض المعدات الخفيفة، وأيضاً طائرات مراقبة، وصواريخ يبلغ مداها نحو 150 كيلومتراً، ومُنع العراق بموجب القرارات الدولية المتعلقة بغزو الكويت عام 1990 من صناعة صواريخ يتجاوز مداها 150 كيلومتراً.

وبعد عام 1991، أجبرت الأمم المتحدة العراق، من خلال لجان التفتيش، على تدمير معظم ترسانته من صواريخ “سكود”، فضلاً عن تدمير برامج التسلح العراقية (الكيماوية والبيولوجية) والبحوث النووية، والعشرات من المصانع، بحجة الاستخدام المزدوج.

أضاف فيصل أن العراق استطاع إنشاء مصانع محدودة بعد عام 2003 لصناعة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى ذات تكنولوجيا روسية، لافتاً الى أنه من حق أي دولة أن تمتلك قدرات من ناحية التصنيع والتسليح لتجنب الاستيراد، موضحاً أن السلاح الذي سيتم إنتاجه هو لصناعة السلاح الخفيف والمتوسط، وحسب احتياجات وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية العراقية. وقال إننا قد نستفيد من خبرات مصر التي تمتلك صناعة عسكرية، وكذلك تركيا أو السعودية. وأشار أيضاً إلى إمكان توفير الأموال للصناعة الحربية لأن واردات العراق السنوية تتجاوز 100 مليار دولار، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط.

مذكرة تفاهم

وكان وزير الدفاع العراقي، جمعة عناد، قد وقّع مذكرة تفاهم مع هيئة التصنيع الحربي في مايو (أيار) الماضي، أبدت خلالها الوزارة عزمها على شراء منتجات الهيئة من المعدات الحربية.

وافتتح العراق نهاية 2019 ثلاثة خطوط لإنتاج العربات القتالية المدرعة والألغام والطائرات المسيّرة بالشراكة مع شركة عراقية خاصة، وتوقف العمل في هذه الخطوط عام 2020 ليستأنف مجدداً بطاقة تبلغ 180 عربة قتالية.

اندبندت عربي