يجوب عشرات المسلحين الفلسطينيين، شوارع وأزقة مخيم جنين، شمالي الضفة الغربية؛ ويقولون إنهم يستعدون لصد أي عدوان إسرائيلي محتمل.
وشكّلت الفصائل الفلسطينية ما سمته “غرفة العمليات المشتركة” في المخيم، وتضم للمرة الأولى منذ سنوات، الأجنحة العسكرية المحسوبة على حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي.
وتخشى الفصائل أن يقتحم الجيش الإسرائيلي المخيم، بحثا عن اثنين من الأسرى الذين هربوا من سجن جلبوع، الأسبوع الماضي.
وفرّ 6 أسرى فلسطينيين، وجميعهم من محافظة جنين، يوم 6 سبتمبر/ أيلول الجاري، من سجن “جلبوع” شديد الحراسة شمالي إسرائيل، عبر نفق حفروه من زنزانتهم إلى خارج السجن.
وأُعيد اعتقال 4 منهم الجمعة والسبت الماضيين، فيما تبحث القوات الإسرائيلية عن الاثنين الباقيين.
وأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأممية “أونروا”، مخيم جنين عام 1953 ضمن حدود بلدية مدينة جنين، لإيواء لاجئين ينحدرون من منطقة الكرمل في حيفا.
ودخل الجيش الإسرائيلي المدينة والمخيم في أبريل/ نيسان 2002، وقتل خلال 10 أيام ما لا يقل عن 52 فلسطينيا نصفهم تقريبا من المدنيين؛ ودمر قرابة 150 بناية كليا، والعشرات جزئيا، وشرّد حوالي 435 عائلة.
كما قُتل خلال الاشتباكات، آنذاك، 23 جنديا إسرائيليا على يد المقاومين الفلسطينيين.
البندقية توحد الخصوم
ورغم الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، غير أن بندقية المقاومة في مخيم جنين، وحدتهما.
ويقول مقاتل مقنع، يضع شعار “كتائب شهداء الأقصى” المحسوبة على حركة “فتح”: “لا مجال للحديث (مع إسرائيل) سوى بالرصاص”.
ويضيف المقنع الذي يحمل على كتفه بندقية من نوع M16، وعلى خاصرته مسدسا: “مستعدون للقتال، لن نتراجع”.
وقرب عنصر “شهداء الأقصى”، تواجد مسلحون يضعون على أقنعتهم شارة كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة “حماس”.
ورفض المسلحون المحسوبون على “حماس”، الحديث.
نفير عام
كانت المحطة الثانية، مع مقاتل ينتمي لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وقال المسلح المقنع: “تم إعلان النفير العام في المخيم، كافة الفصائل على استعداد للقتال، سيرى الجيش الإسرائيلي ما لا يتوقعه في حال فكر ودخل المخيم”.
وأضاف دون التعريف عن هويته: “عشرات المقاتلين على استعداد لصد أي اعتداء. مخيم جنين غزة الثانية”.
ويرى مراقبون أن ظروف مخيم جنين، تتشابه إلى حد كبير مع الأوضاع في قطاع غزة، الذي يعجز الجيش الإسرائيلي عن اجتياحه.
ويشير عضو “سرايا القدس”، إلى عناصر المقاومة في المخيم، حيث يقول: “الشباب تراوح أعمارهم بين 20 إلى 30 عاما، من أسر مناضلة، منهم من فقد والده أو شقيقه شهيدا، ومنهم ابن أسير”.
ويضيف: “نتمنى أن يدخل الجيش الإسرائيلي إلى المخيم، نعده أنه سيندم على تلك اللحظة”.
وأشار إلى أن مقاومين من مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وصلوا مخيم جنين “استعدادا لأي معركة”.
ويكمل: “صحيح أن السلطات الإسرائيلية أعادت اعتقال أربعة من المعتقلين الفارين، وبينهم القيادي زكريا الزبيدي ابن مخيم جنين، لكنّ المخيم يتمنى أن يستطيع الأسيران الفاران مناضل يعقوب نفيعات، وأيهم فؤاد كممجي الوصول للمخيم”.
وتابع: “سنحمي الأسرى بأجسادنا وأطفالنا، وبكل ما نملك”.
ويتوقع الأهالي أن تُقدم إسرائيل على عملية عسكرية في المخيم، بالرغم من أنها لم تعلن ذلك.
توتر كبير
وعقب إعادة اعتقال الأسرى الأربعة، ينظم أهالي المخيم مسيرات ووقفات، ويرشقون حاجز الجلمة العسكري القريب من جنين بالحجارة والعبوات الحارقة.
واستهدف شبان الحاجز العسكري بالرصاص الحي، وألقى مقاومون عبوة متفجرة محلية الصنع على الحاجز، دون أي يتسبب بوقوع إصابات.
ويتوزع المقاتلون ليلا في العديد من الأزقة، وعلى أسطح المنازل.
وقبل حادثة فرار الأسرى الستة، قتلت إسرائيل أربعة مقاومين خلال اقتحام نفذته في المخيم يوم 16 أغسطس/ آب الماضي.
ومنذ تلك الحادثة، يشهد المخيم حالة “غضب واستنفار”، واستعداد لصد أي اقتحام.
وزاد التوتر في المخيم مع إعادة اعتقال زكريا الزبيدي، وتعرضه للتعذيب خلال التحقيق، بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية.
تهديد إسرائيلي
ولم يستبعد أفيف كوخافي، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، شن عملية عسكرية في جنين أو قطاع غزة.
وقال كوخافي في مقابلة للقناة الإسرائيلية 12، نشرت يوم الأربعاء: “الخطط موجودة، إذا تكررت الأحداث، فسنشن عملية كلما احتجنا إلى ذلك”.
وأضاف: “إذا زاد حجم الهجمات التي تنطلق من مدينة جنين بشكل عام، أو مخيم اللاجئين (مخيم جنين) بشكل خاص، فقد يكون من المحتم إجراء عملية تطهير في هذه المنطقة”.
(الأناضول)