أصبحت العملة المشفرة جزءًا من الاستخدام المالي، وبهذا شكّل النوع الجديد للنقود الرقمية تحديًا للأنظمة المالية التقليدية.
ويرى الخبراء أن مستقبل سوق العملات المشفرة واعد، رغم أن استخدام العملات الرقمية في الوقت الراهن يقتصر بشكل أساسي على الأشخاص المتخصصين في مجال الاستثمار والخدمات المالية والمصرفية.
وفي التقرير الذي نشره موقع “نيوز ري” الروسي، ذكرت ناتاليا بيتروفا أن 12 سنة مرت على إطلاق عملة البتكوين (Bitcoin)، وكان ذلك بشكل رسمي في يناير/كانون الثاني عام 2009.
وفي العام الماضي، بلغ عدد العملات المشفرة حوالي 3 آلاف عملة مشفرة في العالم، وقد تضاعف هذا العدد وفقًا لبعض المصادر. ولعب وباء كورونا دورا كبيرا في تطوير سوق العملات المشفرة، حيث سارع المستثمرون إلى شراء العملة المشفرة باعتبارها أصلا دفاعيا.
ويشير التقرير إلى أن القيمة السوقية للعملات المشفرة تجاوزت 2 تريليون دولار، حيث يستطيع اليوم أي شخص يمتلك هاتفا ذكيا متصلا بالإنترنت الوصول إلى عملات البتكوين، في انتظار إمكانية إنفاقها وإجراء مبادلات بها.
ويقول التقرير إنه في ظل أزمة كوفيد-19 التي شهدها العالم، نمت قيمة البتكوين بأكثر من 170%، ويعتبر أن التشفير من الأصول المحفوفة بالمخاطر والمتقلبة التي يمكن أن تؤدي بسهولة إلى خسائر مالية، متسائلا هل العملة المشفرة قادرة على استبدال الأموال التي اعتدنا عليها؟
يعتبر الدفع عبر الهواتف المحمولة المرحلة الأخيرة من التطوير، ومن غير المستبعد شراء الحاجات الأساسية في المستقبل القريب مثل الخبز والحليب بالعملات المشفرة.
وينقل التقرير عن الخبير المالي مايكل روس جونسون قوله “ستسير العملات المشفرة على خطى الإنترنت وتحقق النجاح نفسه وتترسخ في الحياة اليومية بأبسط الطرق وأكثرها شيوعا. وبمجرد أن تكون هناك فرص واضحة لاستخدام العملات المشفرة، سيبدأ الناس في القيام بذلك بنشاط”.
ويشير التقرير إلى أن روسيا تحتل صدارة قائمة دول العالم من حيث معدل تخلي السكان عن النقد لصالح المدفوعات غير النقدية.
ويذكر الخبير جونسون أنه حتى في المناطق الريفية النائية، وحتى بين المتقاعدين، زاد حجم المدفوعات غير النقدية في روسيا، مشيرا إلى أن الشيء نفسه سيحدث مع العملة الرقمية، فكلما نمت البنوك المشفرة على نطاق أوسع، سيستخدم الأشخاص الأكثر نشاطا العملات الرقمية في الحياة اليومية. بعبارة أخرى، ستزداد شعبية النقود الإلكترونية عندما تصبح تقنية التبادل نفسها أكثر بساطة.
وينقل التقرير أيضا عن مارات مينباييف -مؤسس صندوق “أمير كابيتال” الاستثماري (Amir Capital)- أن تطوير العملة المشفرة بوصفها وسيلة للدفع يتبع مسار تطوير المدفوعات غير النقدية.
وقد عزّز -برأيه- الاعتماد على الإنترنت في الأعمال التجارية شعبية النقود الرقمية. وبهذا يمكن القول إن العملات المشفرة واستخدامها في كل مكان سيكون نقطة تحول في الأنظمة النقدية. وبناء على ذلك، يمكن مقارنة سوق العملات المشفرة من حيث الأهمية بظهور الإنترنت في حياة الناس.
الجانب التشريعي
في روسيا، يقول مدير التسويق في مجموعة العملات المشفرة “روي كلوب” (ROY Club)، سيرغي أوردين، إن مجموعة واسعة من المستخدمين سيتمكنون من الوصول إلى العملات المشفرة في الوقت الذي يدخل فيه “سبيربنك” (Sberbank) -أكبر بنك في روسيا- سوق التشفير، وعند إتاحة شراء وبيع العملات الرقمية عبر حساب شخصي في مثل هذه المؤسسات، ودفع ثمن السلع والخدمات بها.
ووفق رئيس قسم الاستثمار في “آي سي بي فاند” (ICB Fund)، آرون هامسكي، يمكن أن تصبح العملات المشفرة جزءًا من المحفظة الاستثمارية في شكل استثمارات بديلة، مثل الذهب والعقارات والاستثمارات، في صناديق التحوط للعديد من المستثمرين المتمرسين.
ومع ذلك -يضيف هامسكي- من أجل أن يصبح المنتج سائدًا، من الضروري إطلاق حلول الحفظ من قبل البنوك وموافقة الصناديق الاستثمارية المتداولة في البورصة، مما سيجنب المواطنين مشاكل صعبة مثل تخزين مفاتيح التشفير، التي يكون فقدانها محفوفًا بالحرمان من الوصول إلى الأصول المشفرة.
ويعتقد هامسكي أن هذه العملية تتطلب موافقة المنظمين الذين يعملون في الوقت الراهن على إنشاء عملاتهم الرقمية الوطنية الخاصة بهم، والذين هم في غنى عن مثل هذه المنافسة.
ويرى أوردين أن مسارات العملات المشفرة والإنترنت متشابهة، غير أن المشهد التنظيمي والتشريعي لكل منهما مختلف عن غيره، في وقت يعد فيه الإطار القانوني أساسا ضروريا لتطوير استخدام المدفوعات الرقمية.
هنا، يرى الخبير المالي مايكل غيرليس أن إمكانية دخول شركات روسية كبيرة سوق العملات المشفرة، بقاعدة مستخدمين يصل عددهم إلى عدة ملايين، تعتمد على تغيير التشريعات.
المصدر : نيوز ري