ماكرون في مواجهة فخ الذاكرة الجزائرية

ماكرون في مواجهة فخ الذاكرة الجزائرية

تحت عنوان “ماكرون في مواجهة فخ الذاكرة”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، في تقرير بعددها الصادر هذا الاثنين، إن مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا السبت في مراسم رسمية لإحياء الذكرى السنوية الـ60 لقتل متظاهرين جزائريين في باريس واستنكاره “لجرائم” لا مبرر لها، هي مبادرة تندرج في إطار السعي وراء المشروع “العظيم” للرئيس الفرنسي حول الذاكرة، الذي يريد أن يجعل من فترته الرئاسية فترة بناء علاقة طبيعية مع الجزائر. وفي هذا الإطار، كلف ماكرون المؤرخ بنجامين ستورا بكتابة تقرير وصياغة توصيات لإقامة مبادرات حول الذاكرة المشتركة مع الجزائر.

غير أن الجزائر تنظر من بعيد، إن لم يكن بازدراء، إلى تحركات الرئيس الفرنسي هذه، كما تقول “لوفيغارو”. كما أن تقرير ستورا استقبل ببرودة من قبل الجزائريين. كما أن باريس تسببت مؤخرًا في أزمة دبلوماسية مع الجزائر، على خلفية تشديدها منح التأشيرات وخفضها إلى النصف كتدبير انتقامي، واتهام انتقاد ماكرون لـ”النظام السياسي العسكري” الجزائري، ثم تشكيكه في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي. وهي تصريحات قررت الجزائر عقبها إغلاق مجالها الجوي أمام الجيش الفرنسي واستدعت سفيرها لدى باريس للتشاور.

واعتبرت “لوفيغارو” أن إيمانويل ماكرون يواجه تحديًا مزدوجًا في الملف الجزائري. فمن ناحية، يجب أن يتصالح مع السلطات المحلية، التي ترفض ممارسة لعبة الشراكة وتغذي بدلاً من ذلك انعدام الثقة “المصطنع” مع فرنسا. ومن ناحية أخرى، على ماكرون أن يأخذ في الاعتبار مواقف الفرنسيين، لاسيما المقربون منه، الذين تنقل “لوفيغارو” عن بعضهم “استبعادهم لأي خطوة إيجابية من الجزائر” في إطار “مصالحة الذاكرة” المشتركة مع فرنسا.

وكما شارك في إحياء ذكرى فض مظاهرة الــ17 أكتوبر عام 1961 السلمية، التي راح ضحيتها مئات الجزائريين، وفق مؤرخين جزائريين، يستعد إيمانويل ماكرون لإحياء ذكرى اتفاقات إيفيان قريبًا. يصادف 19 مارس/آذار عام 2022 الذكرى الستين لانتهاء الحرب الجزائرية. وهو تاريخ يقع في منتصف الحملة الرئاسية، قبل أقل من شهر من الجولة الأولى المقررة في 10 أبريل/نيسان.

وقد انتقدت أحزاب اليمين واليمين المتطرف في فرنسا تحركات الرئيس الفرنسي هذه. حيث طالب أريك زمور ماكرون بالتوقف عن “جلد نفسه”، فيما قالت مارين لوبان إن هذه التوبات المتكررة من ماكرون أصبحت “لا تطاق وتهدد صورة فرنسا”، ما يؤكد أن الحملة التمهيدية قد انطلقت بالفعل.

وعلى عكس عام 2017 حيث كانت القضايا الاقتصادية والاجتماعية هي المواضيع الرئيسية في الحملة الرئاسية، فإن الموضوعات المتعلقة بالهوية والهجرة ستحتل مكانًا خاصًا هذه المرة، تختتم “لوفيغارو”.

القدس العربي