منذ عام 2014 كانت هناك خطط للسيطرة على “البتكوين”، وكان المسؤولون التنفيذيون في “وول ستريت” (Wall Street) يعتقدون أن صعود العملات المشفرة واستمرارها يعني تهديدا حقيقيا للنظام المالي التقليدي.
في تقرير لها، تقول صحيفة “خبر 7″ التركية إن البنوك أظهرت منذ مدة طويلة مقاومة حقيقية للعملات الرقمية، لكننا شهدنا أخيرا اعتماد النظام المالي التقليدي تدريجيا على العملات المشفرة في ظل انتشار تقنيات الدفع الرقمي.
وفي المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس عام 2014، وصف جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ”جي بي مورغان” (JPMorgan)، أكبر بنك أميركي، “البتكوين” بأنها أداة “رديئة” للحفاظ على القيمة تُستخدم لأغراض غير قانونية.
في الفترة ذاتها، حذر أحد المحامين البارزين في القطاع المالي، إتش رودجين كوهين، من أن الحكومة قلقة للغاية بشأن “البتكوين” واستخداماتها، وذلك في اجتماع نوقشت فيه العقوبات الأميركية على إيران.
لكن يبدو أن جهود “وول ستريت” باءت بالفشل، فقد بدأت إدارة الخدمات المالية في نيويورك إصدار تراخيص لشركات “البتكوين” عام 2015.
ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times)، ارتفع عدد مستخدمي بتكوين في الولايات المتحدة ليبلغ أكثر من 75 مليون مستخدم حاليا، مما أسهم في زيادة عدد العملات الرقمية زيادة كبيرة، كما ارتفع عدد مستخدمي العملات المشفرة على الصعيد العالمي، وبلغ العدد أخيرا 220 مليون مستخدم.
ويقول توماس أولسن، من شركة “باين آند كومباني” (Bain & Company)، التي تقدم استشارات للشركات المالية حول العملات المشفرة والأصول الرقمية الأخرى، إن “الكل بات يدرك أن جميع الأصول ستصبح رقمية في المستقبل القريب”.
محاولات لسد الفجوة
وحسب الصحيفة، يحاول القطاع المصرفي التقليدي حاليا سدّ الفجوة بينه وبين العملات المشفرة، حيث تريد البنوك اقتحام هذا القطاع الجديد والمنافسة وتحقيق الأرباح، وتقوم هذه الجهود على ركيزتين:
وتقدم بعض الشركات حاليا خدمات الاستثمار في العملات المشفرة لعملائها الأثرياء، وتقوم شركات أخرى بتقديم الخدمات الاستثمارية في مجال التعامل بالبتكوين وغيرها من العملات الرقمية.
لكن ممثلي القطاع المصرفي يعتقدون أن المنظمين لا يتحركون بالسرعة الكافية، فالتأخر في اعتماد لوائح وقوانين تنظم التعامل بالعملات المشفرة يضيّع على البنوك وقتا ثمينا يمكنها استغلاله للمنافسة بقوة في هذا القطاع، لكن السبب الأساسي الذي جعل البنوك تتخلف عن مواكبة هذه الطفرة الرقمية -وفقا للصحيفة- أنها وقفت في البداية موقفا معارضا للعملات المشفرة.
وقالت الصحيفة إننا نشهد حاليا ولادة عالم مالي بديل جديد على أنقاض القطاع المصرفي التقليدي، إذ بدأت الشركات الناشئة المتخصصة في العملات المشفرة تقدم بطاقات الائتمان والقروض لمتداوليها، وأصبح المستثمرون يتبنّىون العملات الرقمية بسرعة في جميع أنحاء الأرض وكذلك الشركات، وبدأت الحكومات تأخذ الأمر على محمل الجد.
ووفقا لصحيفة “فينانس غوندم” التركية، فإن السلفادور ستقبل البتكوين عملة قانونية في وقت قريب، كما بدأ الاحتياطي الفدرالي الأميركي يدرس إنشاء عملته الرقمية الخاصة، على غرار العديد من البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.
واقع جديد
وبعد أن هيمن النظام المصرفي التقليدي بضعة قرون على القطاع المالي، وساعد الحكومات في السيطرة على تدفق الأموال، فرضت العملات المشفرة واقعا جديدا أدّى إلى تراجع أهمية البنوك وصعود سوق موازية للخدمات المالية.
ورغم أن المسؤولين في أكبر البنوك التقليدية ما زالوا يوجهون السهام علنا إلى العملات المشفرة، حيث قال أخيرا الرئيس التنفيذي لبنك “جي بي مورغان”، جيمي ديمون، إن العملات الرقمية “عديمة القيمة”، فإن القطاع التقليدي أصبح يدرك بوضوح أهمية الانخراط في القطاع الرقمي الصاعد بقوة.
وفي العام الماضي، تلقى “بنك أوف أميركا” (Bank of America) أكبر عدد من طلبات براءات الاختراع في تاريخه، وشملت هذه الطلبات مئات من شركات تكنولوجيا الدفع الرقمي.
ولا يُعرف كيف يخطط البنك لاستخدام هذه التكنولوجيا، ولكن من الواضح أنه يريد استغلال الفرصة. وقال مارك بيبيتون المتحدث باسم البنك “يرى البنك إمكانات في بلوك تشين، ونحن الآن رواد في هذا المجال بأكثر من 160 براءة اختراع”.
وتعتمد بنوك أخرى أيضا على العملات المشفرة، حيث يقدم “بنك أوف نيويورك ميلون” (Bank of New York Mellon) و”نورثرن ترست” (Northern Trust) خدمات لعملائهم تساعدهم على الاحتفاظ بالعملات المشفرة.
وشرع “غولدمان ساكس” (Goldman Sachs) حديثا في تضمين الأصول الرقمية في قوائم الأسعار لكبار العملاء، ويُتوقع أن البنك يستعد للسماح بالاستثمار في الأموال المشفرة في المستقبل القريب.
المصدر : الصحافة التركية