جدل متصاعد حول تسريع نقل يهود الفلاشا… هكذا تراقب إسرائيل أحداث إثيوبيا

جدل متصاعد حول تسريع نقل يهود الفلاشا… هكذا تراقب إسرائيل أحداث إثيوبيا

القدس المحتلة- عكس قرار وزارة الخارجية الإسرائيلية إجلاء طاقم سفارتها في أديس أبابا، وإعادة الدبلوماسيين وعائلاتهم إلى إسرائيل، وتحذير اليهود من السفر إلى إثيوبيا؛ المخاوف الإسرائيلية حيال تطورات الأحداث واحتمال انزلاق إثيوبيا إلى حرب أهلية.

وفي ظل المخاوف أيضا من تقويض دور رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي تعدّه إسرائيل حليفا إستراتيجيا بأفريقيا، والهواجس من تعزيز نفوذ فصائل المعارضة؛ تواصل الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت المشاورات المغلقة بشأن استقدام نحو 10 آلاف من “يهود الفلاشا” (اسم يطلق على اليهود من أصول إثيوبية).

وتتكتم حكومة بينيت على طبيعة هذه المشاورات مع تعالي الأصوات في الجالية الإثيوبية التي تدعو لاستقدام نحو 800 من أقرانهم الذين يتواجدون في مراكز الهجرة بأديس أبابا.

يأتي هذا في وقت أصدر فيه “مجلس الأمن القومي” الإسرائيلي توصيات تحذّر الحكومة من بدء استقدام يهود الفلاشا في ظل الأحداث التي تشهدها إثيوبيا.

وتتعزز التقديرات الإسرائيلية نحو انزلاق إثيوبيا لحرب أهلية في ظل فشل الوساطة الأممية والأفريقية للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، مع تصاعد القتال بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة وجبهة تيغراي الذين يهددون بالزحف إلى العاصمة أديس أبابا.

صور من استقدام إثيوبيين إلى إسرائيل وتذكر بعض المصادر أن أعدادا منهم ليسوا من اليهود (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي)
اتصال آبي أحمد
وعمقت التقديرات الأمنية السجال الدائر في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، خاصة بعد كشف القناة 13 العبرية النقاب عن اتصال هاتفي أجراه رئيس الوزراء الإثيوبي مع نظيره الإسرائيلي، وطالبه بعدم نقل يهود الفلاشا خلال الأحداث.

ووفقا للقناة الإسرائيلية، فإن آبي أحمد أكد أن بين الإثيوبيين الذين تم استقدامهم إلى إسرائيل كمهاجرين خلال الولاية الأخيرة لحكومة بنيامين نتنياهو يوجد بينهم عدد من الضباط الذين شاركوا في القتال بإقليم تيغراي، حيث تم نقلهم بعملية سرية إلى تل أبيب.

وزيرة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية تجتمع مع يهود الفلاشا (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي)
مطالبات بالتعجيل
وفي محاولة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لاستمرار استقدام يهود الفلاشا مع تصاعد القتال في إثيوبيا، هدّدت وزيرة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية بنينا تامانو شطا (وهي من أصول إثيوبية) بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال التراجع عن جلب الفلاشا.

وعقب هذه التهديدات توصلت شطا (وهي عضو كنيست عن حزب “أزرق-أبيض”) إلى تفاهمات مع وزيرة الداخلية الإسرائيلية إييليت شاكيد، تقضي بضرورة التعجيل في استقدام الفلاشا في ظل الأحداث التي تشهدها إثيوبيا، من دون الكشف عن طبيعة الإجراءات لنقلهم إلى إسرائيل.

وفي مراكز الهجرة بأديس أبابا ينتظر 800 يهودي، ومثلهم نحو 700 يهودي بإقليم تيغراي، من أصل 10 آلاف إثيوبي ما زالوا ينتظرون لمّ الشمل مع أسرهم في إسرائيل، حيث لم يتم تعريف هؤلاء بعد على أنهم مهاجرون حتى تتواصل عملية تهويدهم، وفق وزيرة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية.

وخلافا لموقف وزيرة الهجرة والاستيعاب الداعي لتسريع إجراءات استقدام الفلاشا، يعتقد الصحفي والناشط المجتمعي بالجالية اليهودية (الفلاشا) إيناو باردا سانباطو أن هناك استغلالا للأحداث بإثيوبيا لاستقدام الفلاشا، علما أن التجارب السابقة أظهرت أن المئات ممن تم استقدامهم اتضح أنهم ليسوا من اليهود.

ونقلت صحيفة “معاريف” عن سانباطو قوله “هناك غش وفساد يخيم على جالية الفلاشا بإثيوبيا، حيث يتم تجميع أناس من قرى مختلفة لا علاقة لهم باليهودية والتوراة، وتوزع عليهم الملابس اليهودية وكتب التوراة ويتم تحويلهم إلى معرض يهودي مذهل”.

وأضاف الصحفي “لعقدين من الزمان يقولون هناك نحو 10 آلاف شخص من الفلاشا سيتم استقدامهم من إثيوبيا، وخلال هذه الفترة تم استقدام 80 ألف شخص، إذا كانوا يهودا لماذا لا يقدمون طلبا للهجرة بموجب قانون العودة؟ الناس بإثيوبيا يدفعون أموالا للهجرة إلى إسرائيل”.

الاستفادة الاقتصادية
في هذه الأثناء، قدم “مجلس الأمن القومي” الإسرائيلي وثيقة إلى حكومة بينيت ووزارة الهجرة واستيعاب القادمين الجدد أوضحت أن أية محاولة لتسريع نقل يهود الفلاشا إلى إسرائيل في عملية عسكرية أو جهود دبلوماسية ستخلق أزمة مع حكومة آبي أحمد، علما أنه لا توجد حتى الآن مخاطر تهدد حياة الفلاشا بإثيوبيا”.

وتُشير الوثيقة -التي أعدها رئيس قسم الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس الأمن القومي نمرود غاز- إلى وجود “مخاوف حقيقية من أن يتسلل غير اليهود أيضا إلى أبناء الجالية اليهودية الذين ينتظرون استقدامهم، وذلك بهدف الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية بإسرائيل”.

وتعتقد الوثيقة أن الدعوات لتسريع استقدام يهود الفلاشا تهدف إلى الضغط على القيادة السياسية الإسرائيلية، وأن بدء حملة استقدام الفلاشا يمكن أن تتسبب في مواجهة وصدام مع السلطات الإثيوبية، وتعرض المنتظرين لخطر حقيقي على حياتهم.

خطأ ديموغرافي
وأوصى رئيس قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في الوثيقة بضرورة الحفاظ على السرية في ملف يهود الفلاشا الذين ينتظرون استقدامهم إلى إسرائيل، وعدم تداول الموضوع إعلاميا، وذلك منعا لأي ضرر أو استهداف للمنتظرين بمراكز الهجرة.

ورأى نمرود غاز أن توجه السلطات الإسرائيلية لاستقدام نحو 10 آلاف من إثيوبيا من دون دراسة معمقة، والتأكد من هويتهم وديانتهم، بمثابة خطأ ديموغرافي غير مسبوق وخطير على يهودية الدولة.

وخلال الولاية الأخيرة لحكومة بنيامين نتنياهو تم استقدام ألفين من الفلاشا بإثيوبيا، وذلك كجزء من عملية سمّيت “صخرة إسرائيل” وشملت 9 رحلات، كان آخرها في مارس/آذار الماضي.

استقدام من تيغراي
ومع احتدام الصراع والقتال في إثيوبيا، كشفت صحيفة “هآرتس” النقاب عن استقدام حكومة بينيت 61 شخصا من يهود الفلاشا من مناطق احتدام القتال في إقليم تيغراي، معظمهم من المسيحيين ولا ينحدرون من أصول يهودية، وأن حياتهم لم تكن في خطر.

وذكرت الصحيفة أن العملية الخاصة التي أقرت في عهد حكومة نتنياهو تمت بطلب مواطن يهودي أراد إحضار زوجته السابقة وعُماله إلى البلاد، وعرضت حياة إسرائيليين للخطر، كما عرضت علاقات تل أبيب الدبلوماسية مع أديس أبابا للخطر، خاصة أن الحديث يدور عن عملية عسكرية سرية اعتبرت انتهاكا للسيادة الإثيوبية.

ووفقا للصحيفة، فإن حكومة نتنياهو قررت في أيامها الأخيرة تنفيذ عملية سرية بعد ورود معلومات تؤكد أن حياة 61 شخصا ينتمون إلى يهود الفلاشا تتعرض لخطر حقيقي، علما أن العمليات القتالية بين مسلحي تيغراي والقوات الحكومية كانت في مراحلها الأولى.

المصدر : الجزيرة